يعتبر نبات القرفة من الأعشاب الأكثر استعمالا في العالم، فهو يدخل في تحضير المواد الغذائية والأطباق المتنوعة وكذا للعلاج والوقاية من مختلف الأمراض.. ونبات القرفة هو على شكل شجرة معمرة، صغيرة دائمة الخضرة، ذات أوراق قلبية الشكل عطرية وأزهارها صغيرة صفراء اللون ذات رائحة كريهة، لها ثمار عنبية سمراء اللون. تخرج من على جذر شجرة القرفة فسائل عديدة خضرية تقطع من الجذر وينزع منها القشور أو اللحاء العطري وتكشط الأجزاء الداخلية والخارجية وتجفف وتعد للتصدير. يضم نبات القرفة حوالي 250 نوع؛ العديد منه عطري، وتعتبر القرفة السيلانية النوع الأكثر استعمالا واسمها العلمي هو "Cinnamomum zeylanicum" وهي من أصل سيريلانكي يتم زراعتها وإنتاجها في جنوب شرق الهند. وقد جاء اسم القرفة ضمن العديد من الوصفات العلاجية المسجلة بالبرديات الطبية الفرعونية، ودخلت مصر مع رحلة الملكة حتشبسوت إلى الصومال عام 1395-1375 قبل الميلاد، وللقرفة تاريخ عريق في الهند إذ نجد أن نظام الايورفيدا "le système ayurvédique" يَستخدم لحاء القرفة لتحضير الأدوية الواقية من الأنفلونزا، وعلاج عسر الهضم، وانتفاخ البطن، وتحضير وصفات غسل الفم. كما تستعمل القرفة لعلاج الاضطرابات الناتجة عن تشنج الجهاز الهضمي والامتلاء، وفقدان الشهية من جهة وعلاج آلام البطن المصاحب بالإسهال، والألم الذي يلازم انقطاع الطمث واضطراباته، ومن بين الاستعمالات الطبية الشعبية للقرفة علاج العجز الجنسي، وضيق التنفس، والتهاب العين، والتهاب المهبل، والروماتيزم، والألم العصبي، والجروح، ووجع الأسنان، ومرض السكري، وفي الطب العربي القديم نجد أن الرازي قال: "القرفة تسكن وتلطف الأغذية الغليظة، وتساعد على هضمها.. ومغلي القرفة بالزنجبيل نافع ضد أمراض البرد والزكام، ومشروب القرفة يفجر الخراريج سريعا، ويعالج حالات قروح المجاري البولية" وقال ابن سينا: "قوة القرفة مسخنة، مفتحة تصلح كل عفونة، غاية في اللطافة، جاذبة وتصلح لكل قوة فاسدة، ودهن القرفة محلل حار مذيب، يوضع على الكلف والنمش صالح للقوابي والقروح، ودهن القرفة عجيب في الرعشة، ينفع من الزكام، ينقي الدماغ وهو من جملة ما يسكن وجع الأذن، وينفع من الغشاوة والظلمة أكلا وكحلا، ويذهب الرطوبة الغليظة من العين وينفع من السعال وينقي ما في الصدر، ويفتح سدد الكبد ويقويها، ويقوي المعدة ويجفف رطوبتها وينفع من الاستسقاء، وينفع من أوجاع الرحم والكلى وأورامها ويدر البول". يمكن إنتاج زيوت طيارة من مختلف أجزاء نبات القرفة (اللحاء، الجذور، الأوراق، الأزهار، البراعم) مع اختلاف في التركيب الكيميائي. ويعتبر سينامالدهيد "Cinnamaldehyde" و الأوجينول "Eugénol" أهم المواد الفعالة المتواجدة ب "Cinnamomum zeylanicum Blume". فقد أثبتت الأبحاث البيوكيميائية المخبرية الحديثة أن نبات القرفة يتميز بنشاط مضاد للأكسدة، ومفعول مضاد للالتهاب وله فعالية مضادة للميكروبات والفيروسات والفطريات وبعض الحشرات الضارة والطفيليات، كما أظهرت الدراسات العلمية التي أجريت على فئران التجارب أن القرفة تساهم في خفض نسبة السكر في الدم، وتفيد كمضاد للألم وتحد من الحمى. وبالرغم من نجاح العلماء الباحثون في التعرف على بعض المواد الفعالة وتحديد آليات نشاطها إلا أن هناك حاجة كبيرة لإقامة بحوث معمقة لاكتشاف آلية عمل المركبات الكثيرة الأخرى،ا لموجودة في نبات القرفة، وذلك قصد استغلال خصائصها العلاجية الجمة، ومعرفة كيفية تصنيعها بالطرق الأمثل لنجعل منها أدوية متطورة ترفع من جودة حياتنا.. المراجع 1. جابر بن سالم موسى القحطاني، موسوعة جابر لطب الأعشاب، العبيكان، الطبعة الثانية 2008. 2. Meena Vangalapati et al, A Review on Pharmacological Activities and Clinical effects of Cinnamom Species, Research Journal of Pharmaceutical, Biological and Chemical Sciences, January-March, Volume 3, Issue 2- 2012.