يدشن موقع نفيس.كوم مع موقع المسائية العربية نشر حوارات بشكل مشترك مع عدد من الشخصيات النقابية والسياسية والمدنية حول أزمة الجامعة المغربية على المستوى التنظيمي غايتها التعرف على طبيعة الوضع الراهن واستشراف المستقبل بما يخرج الجامعة من أزمتها ويفتح آفاقا واسعة لأداء وظيفتها التربوية والتكوينية على مختلف المستويات. ويرحب الموقعان الإلكترونيان معا بأي مساهمة في الحوار على أساس الإجابة على الأسئلة الرئيسية المطروحة. سعيد القروي [size=medium]مناضل سابق بالإتحاد الوطني لطلبة المغرب ،جامعة عبد المالك السعدي بتطوان اعتقل في يناير 1984 وحوكم بعشرين سنة سجنا مقيم ببلجيكا منذ خروجه من السجن في 16 غشت 1991 [/size] سعيد القروي : ينبغي نبذ الأساليب الطفولية في الجامعة السؤال الأول : ما هو تشخيصكم لأوضاع الجامعة بالمغرب راهنا ؟ كبار المسؤولين والمتحكمين بجهاز الدولة بالمغرب لا يهتمون كثيرا بمستقبل التدريس وأفاق الجامعة كفضاء للمعرفة والتكوين وتخريج الأطر الحقيقية : فأطفالهم يدرسون في المدارس الخاصة الفاخرة وبأرقى الجامعات بالخارج قبل الرجوع للبلد للحصول على أرفع المناصب وإعادة إنتاج أساليب وعلاقات الإنتاج, وتأبيد سيطرة أقلية من المحظوظين المرتبطين بالسلطة السياسية وخدمة أجندتها على حساب أغلبية أبناء الشعب المغربي تاريخ التعليم بالمغرب هو تاريخ فشل مسلسل الإصلاحات التي دأبت على ترسيخ طبقية هذا التعليم، وإغراقه بإيديولوجية مخزنية في قمة التخلف والإنحطاط، والتي لم تهتم مطلقا بدوره في خدمة تقدم الشعب المغربي وتطوره ونشر قيم العدالة و التحرر والمساواة بين أبنائه ووسط المجتمع هدف المدرسة (والجامعة) على ضوء مختلف السياسات التعليمية المتبعة بالمغرب منذ عقود ، يتلخص في تخريج نخبة من التقنوقراط ، أي تشكيل كائنات منفصمة تجهل تاريخها الحقيقي وتناقضات المجتمع الذي تعيش فيه، وهذا يتجلى بوضوح في مناهج التدريس وبرامج الإصلاح المتعاقبة التي أثبتت افلاسها وبعدها عن تلبية طموح المغاربة في تعليم عصري وحداثي يجيب على التحديات التي تطرحها معضلات التنمية في بلد كالمغرب، وإشكالية التخلف والعجز عن مسايرة ركب الدول المتقدمة الجامعة المغربية راهنا هي مكان للتكوين السطحي وتكريس نظام الإستبداد المخزني وإيديولجية الحاكم وخدمة مصالحه ومصالح حلفائه في الداخل والخارج، من خلال محورتها حول المقاولة وحاجيات سوق العمل من التقنيين والأطر واليد العاملة الرخيصة الأجر والكلفة. الجامعة المغربية تعبر بوضوح عن المأزق الذي وصل إليه التعليم بالمغرب, وفشل كل محاولات الإصلاح الإرتجالية والفوقية، وتكشف بالملموس عن المخططات الهادفة إلى تفكيك منظومة التربية والتكوين، وتسريع وتيرة الخوصصة، وضرب الحق في التعليم ومجانيته، ومبدأ تكافؤ الفرص وتهرب الدولة من تحمل مسؤوليتها في ضمان هذا الحق [size=large]السؤال الثاني: ماذا يعني العنف في الجامعة وما علاقته بغياب التنظيم النقابي ؟ الجامعة هي فضاء مفتوح للمعرفة ومهد لتعايش مختلف الأفكار والتصورات وسيادة الرأي الحر بعيدا عن التعصب وهيمنة الفكر الواحد وأساليب العصر الحجري، وبالتالي فمن المشروع تماما أن نتمرد على عودة كل أشكال العنف في الجامعات المغربية وأن نستنكر قتل إنسان داخل أسوار الجامعة لمجرد تعبيره عن رأي مخالف مهما كانت طبيعة هذا الرأي لا أحد يملك الحق لدوس حقوق الأخرين وقتلهم واغتصاب حياتهم لكن المسؤول الأول عن ظاهرة العنف بالجامعات، هو الدولة المغربية التي لجأت منذ الإستقلال الشكلي، إلى يومنا هذا، إلى التدبير التعسفي وتكميم الأفواه، وانتهاك حصانة الجامعات والتضييق على الحريات التي طالت أجيالا من ممثلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ابتداءا من حظر النقابة في 1973 واعتقال قيادتها أنذاك , إلى حملات القمع وموجات العنف الرهيبة في تاريخ الجامعة المغربية إبان سنوات الرصاص، مع ما صاحبها من اختطافات للنشطاء وتعذيبهم في مراكز الاعتقال السرية وتقديمهم لمحاكمات سياسية صورية تفتقد لأدنى شروط المحاكمة العادلة، إضافة لرفض الاعتراف بممثلي الطلاب وإقصائهم من أي حوار حقيقي، ومن وسائل الإعلام العمومي للتعبير عن قضاياهم وهمومهم،وهو منطق يندرج في إطار الإفقار والتهميش السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي. لشرائح واسعة من المجتمع المغربي وعلى رأسها فئة الشباب العنف في الجامعة المغربية يعود إذا، وبالأساس إلى الدولة المخزنية التي أعطت الضوء الأخضر لأجهزتها القمعية لنشر الرعب والخوف والإرهاب، قبل أن يأتي دور الإسلاميين أوبعض الحركات الإسلامية التي زرعتها وزارة الداخلية في عهد البصري، وأوكلت لها مهمة خلق الفوضى داخل الجامعات المغربية من أجل كسر هيمنة اليسار وإضعاف سيطرته وتأثيره، وإفراغ الساحة من أي مضمون نقدي تجاه السلطة السياسية، وإغراقها بدل ذلك في مستنقع الصراعات العقيمة من قبيل التناقض بين الكفر والإيمان، والإسلام والإلحاد, مما أدى إلى بروز نوع من الإرهاب الفكري وشيوع ثقافة التكفير للأسف، نشهد اليوم بروز تيارات وفصائل محسوبة على اليسار أو تدعي ذلك ،تسقط في نفس هذا الفخ المخزني بلجوئها إلى منطق الإطلاق وتخوين كل من خالفها في الرأي أو التصور, ولا تتردد في استعمال العنف كوسيلة لحسم الصراع الفكري والسياسي اتجاه كل الخصوم المفترضين، انطلاقا من فهم خاطئ وجامد للنصوص, وقراءة دوغمائية لواقع الصراع بالمغرب, ضدا على المنطق السليم، وضد الديمقراطية التي هي إحدى شعارات ومبادئ الإتحاد الوطني لطلبة المغرب والنتيجة، ظهور ميليشيات في الجامعات, مدججة بمختلف أنواع العصى والسلاح الأبيض, وفكر الإقصاء والتخوين, تتصور عن وهم ضرورتها التاريخية لممارسة العنف الثوري الطبقي بطبيعة الحال، هذه الصورة هي نتيجة مباشرة لغياب التنظيم النقابي وتفشي الحلقية والإنقسام, وتغليب التناقضات الثانوية والهامشية على ماهو أساسي وجوهري, وهذا يخدم في نهاية المطاف أعداء الحركة الطلابية ونظام الإستبداد بالمغرب[/size] السؤال الثالث: هل يمكن إحياء الاتحاد الوطني بمختلف هياكله للجواب على الوضعية الحالية ام هناك مستجدات ينبغي أخذها بعين الاعتبار؟ في رأيي يجب إحياء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب والتشبث بهذا الإطار النقابي الذي يستمد شرعيته من تاريخه الغني عن كل تعريف, وكذلك من مطامح الشعب المغربي في التحرر ومناهضة الإستبداد المهمة المركزية للنضال الطلابي الراهن هي تنظيم وتوحيد هذا النضال وإعادة بناء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب كمنظمة نقابية مكافحة للدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لعموم طلبة المغرب وتحقيق تعليم شعبي ديمقراطي حداثي وعلماني إن أكبر معيقات الحركة الطلابية المغربية هي ظاهرة التفكك والتشتت وهيمنة الطفولية والصراعات، العقيمة, والتي يشكل العنف أحد أبرزمظاهرها التوحد هو الوسيلة الوحيدة لتقوية النضالات وانتزاع حقوق الطلاب، وهذا يعني التنسيق بين مختلف المكونات والهياكل التمثيلية من أجل تجميع كافة الطاقات للدفاع عن مصالح الحركة الطلابية، وتحقيق مطالبها،في إطار توجه ديمقراطي،وعلى أرضية المبادئ الأربعة للإتحاد الوطني لطلبة المغرب جماهيرية - تقدمية - ديمقراطية - مستقلة