مراكش الثقافة والفكر : تتبع جمهور غفير من المثقفين والأستاذة والمهتمين الذين حجوا إلى قاعة جنان الحارثي مساء يوم الجمعة 02 ماي الجاري لمتابعة اللقاء الشهري الذي اتخذ موضوعا له: قراءة في كتاب بلاغة الإقناع في المناظرة، لصاحبه الدكتور عبد اللطيف عادل. وبعد تقديم نبذة عن مسار المؤلف ومشواره الأكاديمي، وكذا ظروف إنتاجه لهذا الكتاب باعتباره بحثا لنيل شهادة الدكتوراه، جمع بين الهم الأكاديمي وبين الهم التربوي، كما جمع بين الهم النظري واللغة المفهومة وبين الهم التطبيقي والخطاب المقنع. الدكتور المؤلف عادل أشاد في تدخله بسلطة الكلام وسلطة القول، واعتبر أن الحوار هو الوسيلة المثلى لنبذ العنف، منطلقا في ذلك من قولة أرسطو في أدلة الحِجاج: إنها بحث المدنيين على الأعمال الفاضلة؛ مؤكدا على ضرورة توفير مجتمع مدني مفتوح، متحضر ومقنع؛ ففي الوقت الذي لم يعد فيه هناك إلا أفراد مختلفون وأحيانا متنافسون، من المفروض عليهم أن ينسجمون. تقديم النموذج العملي من الواقع السياسي جعل الكاتب يبتعد قليلا من الواقع السياسي المغربي ويتخذ منه مسافة ما في تدخله، مفضلا الحديث عن النموذج المصري، وتحليل خطاب محمد مرسي بمناسبة فوزه بكرسي الرئاسة. خطاب من صفحتين ومدة تقارب 26 دقيقة، وهو مليء في طياته بأدلة الحجاج وصيغ الإثبات والتأكيد والعزم. التدخلات القيمة للحضور هنأت من جهتها صاحب المؤلف باعتباره كاتبا أنيقا في فكره وأسلوبه وخطابه، وتطرقت مكامن القوة في الكتاب وأهميته، خصوصا من جهة راهنية سؤاله عن الحاجة إلى بلاغة الإقناع وتحليقه في عالمها، ومن جهة رياديته وسابقيته في التطرق إلى هذا الموضوع والتبحر في أعماقه، وكذا إلى طرحه لمشروع تفكيك النص والخطاب، واقتران الإقناع بالحقيقة وبالتطابق وبالاكتشاف والانكشاف، وحديث البعض عن الحقيقة ونظام الحقيقة ونظام الخطاب، وهي رهينة بالمؤسسات لتصبح إرادة الحقيقية. الدكتور عادل اختتم اللقاء بنفس قوة افتتاحه، متأملا في دور الكلام ومقاصد الحجاج، ف"حين نتكلم ننجز"، والانجاز هو القصد من الخطاب، فلا قيمة للمثقف إذا بقي في برجه العاجي، ولا حياة له إذا لم ينزل إلى الساحة العمومية وخدمة الناس والمصلحة العامة.