من دواعي إصرار النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على المشاركة في الحوار الوطني حول الصحافة، الذي تعتزم وزارة الاتصال تنظيمه، وضرورة الاستعجال في إعادة النظر في المنظومة القانونية، التي يحال بواسطتها الصحافيون على المحاكم، والتي يجمع كافة المتدخلين على أنها كارثية، وتضر بمصداقية المبادئ، التي يجب أن يقوم عليها العمل الصحفي، التي تتجلى في الحرية في التصور، والنقد والتعبير في القضايا التي يعالجها هذا العمل الصحفي، وكسر جميع الحواجز التي تحول دون الولوج إلى المعلومات والبيانات، التي تعزز تدخل الصحفي في التغطية والتحليل، والنقد والمساءلة، ويتطلبها تدخله لإخبار المجتمع، أوالتعبير عن الموقف من الحدث، أو الموضوع أو الرأي، أو القرار، أو القضية المطروحة على الرأي العام الوطني، وكيف نحصن الرأي أو التعليق، أو التغطية أو المقال الصحفي من النبش في الجوانب التي يعاقب عليها القانون الجنائي، المرتبطة بالشرف والهوية الشخصية، والقيم المجتمعية، وما يمكن أن يجعل من المتابعة الصحفية مصدرا للمساءلة والنقد المجتمعي المسؤول، سواء كان الأمر يتعلق بالأفراد أو المؤسسات، ولعل الجميع، أصبح يدرك خطورة غياب ما يصون حرية العمل الصحفي في القيام بواجبه المهني، بعيدا عن هذه الأخطار التي تشوه ممارسته، وكذا مساعدته على الابتعاد عن تناول الموضوعات التي تضر بمصداقية مهنية ممارسة في نهاية المطاف. هكذ،ا هو تصور النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في الحوار المزمع فتحه حول الصحافة في أفق الارتقاء بها وتحصينها من مثل هذه الأخطاء، التي يقع فيها الفاعلون في غياب المنظومة القانونية، التي تقلل من الحالات التي يجد فيها الصحافيون أنفسهم عاجزين عن الدفاع عن شرف المهنة، ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الوقت قد حان للانتقال إلى تحصين الممارسة الصحفية من الفوضى التي تمارس فيها الآن، وتوفير ما يساعد الصحفي، وما تقتضي مساهمته برأيه واقتراحه أو نقده، ولو من خارج الموقع والمسؤولية، التي يتحدث منها، فبالأحرى أن يتعلق الأمر بالقضايا التي تستلزم الحوار الموسع والمعمق حولها، وفي هذا الإطار، يجب على الوزير أن لايكتفي بالمشاركة الشكلية لمن يمارسون في القطاعات الإعلامية، بل بمساهمتهم الفاعلة والمنتجة والمتبصرة والخلاقة وكذا المبدعة، حتى تكون دفاتر التحملات التي يلتزم بها الفاعلون في مختلف المهن الإعلامية، نتاجا لمشاركتهم في كل المراحل، التي تتطلبها صياغة هذه الدفاتر، قبل الشروع في تطبيقها. لن نكون في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ضد المنهجية، إذا اعتمدها الوزير الوصي، لأنها ستكون في صالح الفاعلين والمستهدفين من خدمات الإعلام، اللهم إن كان السيد الوزير، يعتقد أن إشرافه الحكومي على الإعلام، يسمح له بالتدخل الانفرادي البيروقراطي المتجاوز، وإذا ما اعتقد كذلك، أنه من موقع المسؤولية يمكنه أن يسير القطاع الإعلامي وفق منظوره الشخصي والحزبي، وقد بينت حلقات التواصل للسيد الوزير سلبيات الرؤيا الأحادية للإشكاليات المطروحة في القطاع، وما تستلزمه من نكران الذات، وتغليب المنفعة على المفسدة، والمصالح العليا للوطن على المصلحة الحزبية والشخصية، ونعتقد أن السيد الوزير، يشاطرنا الرأي، في ضرورة التخلي عن هذا الأسلوب في تدبير الشأن العام، الذي أكدت الكثير من الأحداث فشله على المستوى المنهجي والوظيفي، وللوزير واسع النظر فيما يتعلق باختيار الاستراتيجية التي تتلاءم مع خصوصية القطاع الوصي عليه. الأولوية إذن في الحوار حول الصحافة، تقتضي من كافة الفاعلين الترفع عن سياسة "خالف تعرف" والتعامل مع المشاكل والقضايا المطروحة في القطاع، عبر القنوات التي تسمح بأن لا يكون الحوار المنتظر حوارا للصم، أو للذين يبحثون عن كبش الفداء، أو الذي يمكن أن ينوب عنا في تحمل تبعات أخطائنا الإرادية أو المفروضة علينا، فالبحث في الجانب القانوني والمؤسساتي للصحافة، يقتضي فتح المجال لتقديم الاقتراحات والاستئناس بتجارب الدول، التي نجحت في الارتقاء بهذا المجال، والتراضي حول القوانين القابلة للتطور في نموذجنا الوطني الملائم لخصوصياتنا المنفتحة والمتوسعة، بعيدا عن القوانين الجاهزة، ومن توجه محدد، أو من تيار معين، وهذا ما يجب أن يستحضره الذين سيشاركون في الحوار حول الصحافة، خصوصا ممثلي الشغيلة الصحفية، وليس ممثلي الباطرونا التي لها حساباتها المرتبطة بمصالحها الطبقية الخاصة، والتي لايجب أن تفرض نفسها على تطلعات الفاعلين المأجورين في المقاولات، التي يراكمون منها القيمة المضافة لأرباب هذه المقاولات، التي تحاول من موقعها فرض نفوذها وتصورها للمشهد الصحفي، الذي يخدم مصالحها، حتى ولو كان على حساب المهنيين، وهذا ما لم يمكن أن يتاح لهم في ظل وجود المنظمات النقابية الواعية بشروط الواقع الإعلامي، وتمتلك القدرة على تغيير ميزان القوى في أي وقت لصالح عموم المأجورين في كل المشاهد الإعلامية، فبالأحرى المشهد الصحفي، الذي يراكم العاملون فيه ما يستولي عليه أرباب المقاولات على مرأى ومسمع من الجميع، وفي الوقت أيضا الذي يسيطر فيه هؤلاء على الإشهار، الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة للصحافة المستقلة، التي لم تتمكن من التحول في ظل ضعف مداخليها ورواج مطبوعاتها في السوق، التي يسيطر فيها هؤلاء المنظمون في نقابة الباطرونا التي تبحث عن مواقع أخرى للسيطرة. إن ما يراهنُ على الانفراد بمعالجة الإشكاليات المطروحة في الحقل الإعلامي بكل قنواته المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية، إنما يمارس سياسة النعامة، التي أكل عنها الدهر وشرب، ولم تعد مقبولة حتى من الذين كانوا في عهد قريب يؤمنون بها، وهذا ما نلاحظه في منهجية تعامل وزير الاتصال في الحكومة الجديدة، الذي قرر أن يكون الحوار حول ملفات الإعلام وفق منظوره الحزبي الانفرادي، الذي يتعارض وما أصبح عليه الوطن من تطور ديمقراطي وما يتميز به من تعدد نقابي وحزبي ومدني. قد يحمل هذا الموقف بما لا يقبله مضمونا وشكلا من قبل من يطبلون لسياسة الوزير، ويبالغون في إبراز عناصر قوتها وفعالياتها النظرية والتطبيقية، ولكن لا أحد يمكنه أن يمرر ما يفكر به فرديا في القضايا التي تتجاوزه وتهم المجتمع، وقد كشف الحوار، الذي خلفته دفاتر التحملات الخاصة بالإعلام المرئي والمسموع عن شرعية الإنصات والاستئناس بمواقف واتجاهات ورؤى الفاعلين والمهنيين، وهو ما يجب أن ينتبه إليه كافة المسؤولين الحكوميين في إطار اتخاذ المواقف والقرارات، التي تحظى بثقة ودعم الفاعلين والمواطنين، سيما في ظل ما يعبر عنه في الحراك الاجتماعي في الشارع، الذي عصف بما تبقى للجهات التي تدافع عن التدبير الفردي والبيروقراطي للشأن العام، وللذين يراهنون على صلاحية وفعالية التدخل الانفرادي في معالجة الإشكاليات المطروحة في أي قطاع إنتاجي أو خدماتي. نتمنى في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، النجاح لأي مشروع واضح الأهداف، ومنسق من إرادة كافة المتدخلين، بما فيهم الوزارة الوصية في أفق تخليق المرفق الصحفي، من ما يسود فيه من ظواهر مرضية، ومن ما يزال يهيمن عليه من سلوكات غريبة ومنحرفة، لا علاقة لها بالمصداقية والنزاهة، التي يجب أن يكون عليها الإعلام الصحفي المكتوب وغيره من أشكال التعبير الإعلامي الوطني، وسوف نظل نطالب من موقعنا كنقابة مطلبية و اقتراحية مدنية لكل ما يطلبه الفاعلون، مهما كانت التحديات وردود الفعل من الجهات التي تتفق معنا، أو تختلف، حماية لمصالح أمة الإعلاميين عموما، والصحافيين على الخصوص.. وخيرا فعل رئيس الحكومة، بتكوين لجنة وزارية للإشراف على الحوار، حول دفاتر التحملات من جديد، في أفق التراضي مع الفاعلين حولها، وهذا ما لا نريده أن يقع في الحوار حول مهنة المتاعب، من خلال اعتبار المنضوين تحت لواء فيدرالية الناشرين، كأرباب المقاولات، من بين الفاعلين الرئيسيين في الحوار الوطني، المؤدي إلى إعادة النظر في قانون الصحافة، وتكوين المجلس الوطني، في الوقت الذي يجب أن تكون التمثيلية لكل النقابات الجهوية والوطنية، الممثلة للطبقة الشغيلة في المقاولات الصحفية الحزبية والمستقلة والرسمية. فهل من تغيير للمنهجية التي قرر الوزير بواسطتها فتح الحوار حول الصحافة المكتوبة، أم أنه سيعمل على الإشراك الواسع لكافة المتدخلين الممثلين للمهنيين العاملين، أم سيقحم فيدرالية الناشرين كطرف أساسي في هذا الحوار..؟ وهذا ما نرفضه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على أن فيدرالية الناشرين تمثل أرباب المقاولات التي يجب أن تعبر عن حضورها في اتحاد المقاولات أولا. لنا عودة للموضوع النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة