قضايا عمالية أممية : عيش – حرية – عدالة إجتماعية بمبادرة من تنسيقية التضامن مع شعوب العالم العربي وفي سياق الذكرى الأولى لحركة 20 فبراير المكافحة نظمت بمدريد العاصمة الإسبانية أيام 22 و23 مارس ندوتين تناولتا راهن الحركات الإحتجاجية ودور الحركة العمالية والنقابية في الصراعات السياسية والإجتماعية التي تمر منها المنطقة المغاربية والعربية. وقد شارك في الندوتين نقابيين بارزين من المغرب (الرفيقين محمد هاكش وسعيد الشاوي) ومختصين إسبان في شؤون التضامن والعلاقات الدولية (إيسائيياس بارينيادا، لولا فال وأكاسيو بويغ) إلى جانب حضور لابأس به من المتعاطفين والأصدقاء والمهتمين. وجاء إنعقاد الندوتين متزامنا مع أجواء التحضير النضالي والإعلامي للإضراب العام الذي دعت إليه المركزيات النقابية الإسبانية ليوم 29 مارس بعد إستنفاد جهود التفاوض والحوار الإجتماعي لوقف مسلسل الإنقلاب الرأسمالي الذي يقوده الحزب الشعبي اليميني الحاكم وبالتناوب مع خلفه الحزب الإشتراكي العمالي على أهم المكاسب الإجتماعية والخدمات العمومية والحقوق العمالية.محطة بارزة أمام البروليتاريا الإسبانية لإبراز قدرتها التنظيمية ووعيها السياسي دفاعا عن مصالح الأغلبية الشعبية وعموم الكادحين. إعتبرت الناشطة اليسارية الإسبانية وعضوة الحزب الشيوعي الإسباني(م.ل) لولا فال والتي أدارت الندوة أن نضال الشعوب المغاربية والشرق أوسطية من أجل الديمقراطية،الحرية والكرامة يعطي دلالات عميقة لحركة التضامن العالمية وحافزا لشعوب أخرى لرفع التحدي أمام الهيمنة الرأسمالية وأزماتها التاريخية. ويبقى دور الطبقة العاملة بإرتباط مع تطور الصراع الطبقي في هذه النضالات عاملا مركزيا وحاسما لتحقيق الإنتصار المنشود، وتعطي التجربتين التونسية والمصرية بعظ الدروس في هذا الإتجاه. يكتسي التضامن أهمية قصوى في إنجاز وحدة الطبقة العاملة،إنها وحدة قوى اليسار والحركة النقابية. فالتقدم في إنجاز هذه المهام يتطلب العمل اليومي المتواصل والدؤوب...إنها ليست مسألة نوايا أوتصريحات فقط. إننا نؤمن بقدرة شعوبكم على تحقيق مصيرها بالإعتماد على الذات في تغيير أوضاع بلدانكم...لكن مع تطور الأحداث ستتداخل المصالح الإقتصادية والجيوستراتيجية، مصالح فسرتها الهجمة الإمبريالية على ليبيا ونشاهد فصولها المأسوية الأن في سوريا... إن النضال ضد الإمبريالية لايمكن أن يعفي قوى التغيير من النضال ضد الأنضمة الديكتاتورية...وهنا تطرح أولوية وحدة الطبقة العاملة والتضامن الأممي لمواجهة الإمبريالية والرجعية. تحدث الباحث في الشؤون العربية وأحد مسؤولي مؤسسة البيت العربي بإسبانيا، إيسائيياس باراميدا، حول الخلفيات الإعلامية الأوروبية التي تعاطت مع الثورات العربية وكيف تفادت بنوع من الإستثنائية إبراز دور الحركات العمالية وثأثيراتها على مجريات الأحداث...لقد تم تغييب الطبقة العاملة من الصورة وقدمت الإحتجاجات الشعبية في شكل حركات جديدة، يقودها الشباب بعفوية وفي غياب تام للأحزاب...إن أهم المداخل لفهم المسيرة النضالية الطويلة لشعوب العالم العربي يكمن في إستيعاب المكانة الجوهرية للإحتجاجت العمالية ونضالاتها المطلبية وقدرتها التنظيمية وتنوعها حسب كل بلد... يعتبر تاريخ الحركات النقابية في هذه البلدان جزءا من تاريخها المعاصر، تاريخ الحركات الوطنية...إذا، فالمسألة ليست جديدة أوموضوع هامشي، إن للحركات النقابية مكانة خاصة في المشهد السياسي والإجتماعي ودورها يمتد إلى مراحل التحرر الوطني والنضال من أجل الإستقلال... بإستثناء دول الخليج والسعودية، فجل الدول العربية نجد حركاتها النقابية قد نشأت تحت ظروف الإحتلال الكولونيالي وإنخرطت في صفوف الحركات الوطنية وبعدها إندمجت في الأنظمة السياسية والإجتماعية لمرحلة الإستقلال وما بعدها...هناك بعض الخصوصيات التي يمكن تسجيلها وأخدها بالإعتبار، فالبلدان المغاربية إعتمدت تقاليد النمودج الفرنسي في تنظيم العمال (الأشكال الكونفدرالية) في حين إتخدت البلدان المشرقية النمودج البريطاني (القطاعات والفروع) وهذا سيفضي بدوره إلى بعض التمايزات في ما يخص القوة التفاوضية، هوامش الحرية، التقاطب السياسي، العلاقة مع الأحزاب المهيمنة...وهنا يجب الإشارة إلى أن العديد من النقابات التي ساهمت في التحرر الوطني وإستقلال بعض البلدان تم إحتوائها من طرف الأحزاب المهيمنة وتحولت إلى أدوات منفذة، أي أجنحة عمالية لأحزاب إستبدادية مع الإقرار ببعض الإستثناءات لتفادي التبسيطية والكاريكاتورية في التعاطي مع الواقع، فالصورة لم تكن دوما بالأبيض والأسود، هناك حالات تختلف من بلد إلى آخر... فالمغرب مثلا لا تنطبق عليه هذه الحالة، لكن معضم المركزيات النقابية على إمتداد سنوات الستينات والسبعينات تحولت إلى ملحقات حزبية أو حكومية كما حصل مثلا في مصر عبد الناصر حيث حولها إلى أداة الحزب الواحد والتي فيما بعد وإلى وقت قريب كانت مجندة لإستقطاب الأصوات لحزب مبارك...وهذا نفس الشيء وعلى مستويات معينة بالنسبة للإتحاد العام للشغالين الجزائريين أو بالنسبة للمركزيات النقابية السورية، اليمنية أوالسودانية. لم تمنع السياسات الإلحاقية من وجود إرتباطات عمالية وفضاءات للإشتغال ساهمت في بنائها مجموعات ديمقراطية وتقدمية وإتجاهات إشتراكية وشيوعية متجدرة في صفوف الحركة العمالية والمثقفين المخلصين، وهذا سيترتب عنه بالتالي وضع ضل يتراوح بين المواجهة في بعض اللحضات والتواطئ في أوقات أخرى، إنه حال ألإتحاد العام للشغالين التونسيين. إذا نحن أمام واقع في منتهى التنوع والصورة غير ثابتة خصوصا في الثمانينات حيث بدء مخططات التقويم الهيكلي وسيتجلى هذا بشكل أكثر وضوحا في مطلع التسعينات بإرتفاع لهجة الإحتجاجات ونمو النزاعات ذات الطابع العمالي إما في إطار المركزيات النقابية أو من خلال بعض الإتحادات والفروع الجهوية والمحلية أو خارجة عن التأطير النقابي التقليدي ببروز نقابات مستقلة في فلسطين و الجزائرمثلا كنتيجة لنضالات ملموسة في بعض المناطق الصناعية أولإنشقاقات نقابية...ظاهرة النقابات المستقلة ستكتسب معركة المصداقية على أرضية المواجهة وستفرض شرعيتها التمثيلية والتفاوضية في أكثر من نزاع وفي غياب لأي إعتراف قانوني... كما ستعزز هذه الديناميكية الجديدة بظهور مؤسسات ديمقراطية، جمعيات حقوقية ومنظمات غير حكومية كبنيات موازية لمؤازرة النضال العمالي وتقديم الدعم لمطالب الشغيلة وتكوين الأطر مما ساعد على تكسير طابع الرسمية والإحتكارية...فبتونس ستظهر جمعية محمد علي للثقافة العمالية وفي مصر مركز دعم العمال وفي فلسطين المركز الديمقراطي لحقوق العمال وفي لبنان...وهنا يكمن التفسير حول إنفجار الأوضاع في العديد من البلدان (تونس والجزائر) خلال الخمس سنوات الأخيرة، إضطرابات ستتحول إلى شكل إضرابات وإحتلال للوحدات الإنتاجية وستضع الأنظمة تحت تهديد حقيقي... في هذه الشروط ستتبلور بوضوح تام تجربتين رائدتين في المنطقة: تونس ومصر، إضرابات الحوض المنجمي التي شلت منطقة قفصة لمدة شهور وتمكنت من كسب دعم إجتماعي وشعبي واسع حولها والإضرابات العمالية لسنة 2008 بالمحلة الكبرى في دلتا النيل التي تمكنت هي بدورها في خلق صدى كبير داخل صفوف الحركة الإجتماعية والشبابية التي ستعرف في ما بعد بحركة 6 أبريل كدلالة واضحة لقوة التأثير التي تركها إضراب 6 أبريل، إنها التربة التي هيأت ميلاد يوم الغضب بالقاهرة،إنها الجدور العمالية للأحداث التي صنعها شباب مصر...لنتذكر كذلك انه في هذين البلدين تونس ومصر، الإطاحة برؤساء الجمهورية ستتحقق فقط عند دخول الطبقة العاملة خط المعركة وإعلانها الإضراب العام...لقد تحولت الحركة العمالية والنضالات من أجل العدالة الإجتماعية إلى ميدان إختبار تراكم القوة، وبدون هذا المعطى الهام سوف لن نتمكن من فهم تفاصيل تطورات الأوضاع في نهاية 2010 وبداية 2011... المطالب التي لخصتها الطبقة العاملة وهي: عيش - حرية - عدالة إجتماعية، والتي تكررت في ميدان التحرير وشوارع تونس..هي تعبيرات لطموحات قوية سيصعب حلها بالإكتفاء فقط على تنظيم الإنتخابات والتعديلات الدستورية، تحدي يبقى قائما أمام الحكومات الجديدة...إن الأمر يتعلق بإحداث تحولات إجتماعية وإقتصادية جوهرية. أشاد الرفيق محمد هاكش القيادي في الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بأهمية اللقاء ومعانيه التضامنية بين تجارب نضالية تتقاسم الكثير من الدروس والتطلعات، لقاء لتبادل الهموم والمشاغل المشتركة في ظروف تتحكم فيها الهيمنة الرأسمالية العالمية والإمبريالية...ويحتل الجانب الإجتماعي أحد الركائز النضالية والإنشغلات القوية التي تطبع الصراعات الحالية من خلال حركات الشعوب كتعبيرعن نهظة جماهيرية عارمة أصبحت لاتقتصر فقط على البلدان المغاربية والعربية، بل وصلت إمتداداتها وتأثيراتها إلى إسبانيا واليونان والعديد من البلدان الأخرى...إنه العمق العالمي لربيع الشعوب، ربيع الديمقراطية. يعكس العالم القروي نمودجا حقيقيا لأبشع صور الإضطهاد والإستغلال الشرس في حق الملايين من الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين وتخضع البادية المغربية لعمليات واسعة من التدمير والإستنزاف المكثف لثرواتها ومواردها الطبيعية ويعاني أهاليها أقسى درجات العنف المخزني ...ويعتبر نضال سكان البوادى والعمال الزراعيين إطارا مرجعيا لفهم السياقات التي أتت فيها حركة 20 فبراير للمطالبة بالحرية، الكرامة والعدالة الإجتماعية ...هذا النضال ضد الدولة المخزنية مستمر، ولم يتوقف منذ معاهدة إيكس ليبان التي أرست القواعد الإقتصادية والسياسية لنظام الإستعمارالجديد، فحركة 20 فبراير هي بكورة النضال الشعبي ومجموعة من التراكمات التي أعطت القوة الحالية...فالمسألة الزراعية والحفاظ على البنيات الجماعية وإسترجاع الأراضي والتحكم الجماعي في الثروتين المائية والغابوية والسيادة الغذائية كلها قضايا مصيرية تتموضع في المسارات الحالية ويشكل فيها الفلاحون الفقراء قاعدة صلبة نحو تحقيق التطلعات المستقبلية. وبحكم الحالة الصراعية الساخنة التي يدور رحاها داخل المركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل، إحدى أعرق النقابات العمالية الإفريقية أوضح الرفيق أن ما يجري الآن هو جزء من الفرز الذي يشهده الوضع السياسي المغربي، فرز يشمل الشارع المغربي والمؤسسات الحزبية والنقابية والمجتمع المدني...أي من مع المخزن ومن مع حركة 20 فبراير، فالدولة تعمل من خلال مخططات متعددة على إسترجاع هيبة المخزن وتجد في البيروقراطية النقابية أدوات لتمرير أهدافها وشعارات التمويه...فالفرز الذي يمس الآن اكبر نقابة مغربية هو فرز بين من يخدم الطبقة العاملة ومن يستخدمها لمصلحته الخاصة...إنه الفرز بين الديمقراطيين التقدميين والبيروقراطية المافيوية الفاسدة. فالإتحاد المغربي للشغل هو للكادحين والمأجورين وللطبقة العاملة ولا مكان فيه للفاسدين والمتاجرين بالحقوق العمالية، فالصراع هو الآن في بدايته وسيستمر حتى إسقاط البيروقراطية، إن موقف جميع الديمقراطيين والتقدميين متماسك: نحن هنا باقون والتاريخ لن يعيد نفسه بخلق نقابات أخرى... وإستعرض الرفيق سعيد الشاوي الفاعل النقابي في حركة 20 فبراير واقع التفقير والفساد السياسي والإداري والقضائي الذي يتخبط فيه المغرب كما تطرق لمناورات النظام المغربي للإلتفاف على السخط الشعبي المتصاعد باللجوء إلى القمع الشرس أوبإطلاق أجندة سياسية إستباقية أبرزها خطاب القصر في 20 مارس وإنتخابات 25 نوفمبر2011 في محاولة يائسة لتضليل الرأي العام الدولي وزرع الأوهام لدى بعض النخب النقابية البيروقراطية والحزبية والجمعوية وتسخيرهم لبث البلبلة والتشويس على مسيرة النضال الجماهيري. ووصف الحكومة الحالية بأنها مفتقدة للشرعية الديمقراطية حيث عرفت الإنتخابات البرلمانية بالمغرب نسبة جد عالية من المقاطعة وصلت أرقاما قياسية تجاوزت التكهنات...وكان لحركة 20 فبراير دور جد نشيط في إفشال الإستحقاقات المخزنية بخوض حملة المقاطعة إلى جانب قوى وازنة كتنظيم النهج الديمقراطي وحركة العدل والإحسان وبعض التيارات اليسارية الأخرى. وحول آفاق وقدرة حركة 20 فباير على الإستمرار والتطور أوضح الرفيق سعيد الشاوي بأن حركة الشباب المغربي ليست عابرة اوعفوية كما يراج، بل حركة منظمة بطرق وأشكال خاصة بها، وتأخد قراراتها بإستقلالية وتدبر الإختلاف بين جميع مكوناتها على المستوى الوطني وهذا ما يميزها عن الأحزاب السياسية والنقابات... إنها حركة يصعب التكهن حول الكيفية التي ستستمر بها،إنها حركة شعب وليس فقط مسألة مسيرات أووقفات إحتجاجية، فالعناصر الرئيسية التي تعطي المشروعية الموضوعية لحركة 20 فبراير ما زالت قائمة وهي تقترب من إطلاق سيرورة ثورية على المستوى الوطني لأنها تستهدف كابح خطير ألا وهو النظام المخزني...وهذا سيفتح بدوره النضال في المغرب على آفاق ثورية...فالشعب يريد التحرر والقضاء على الإستبداد وإسقاط المخزن. وإستكمل عروض الندوة الزميل آكاسيو بويغ أحد الوجوه البارزة في حركة التضامن مع العالم العربي بإسبانيا، وهذا أهم ما تناولته مداخلته: سأجعل الهدف من مساهمتي في النقاش الحالي هو تقديم بعض الآراء والمقترحات حول كيفية تحفيز المبادرات المتعلقة بالتضامن الأممي لتكون أكثر عملية، وهذا يتطلب توفير بعض الأشياء: • إلى جانب العمل الإشعاعي يقتضي كذلك تقوية الجهودات المبدولة في هذا الإتجاه بتوسيع دائرة الإلتحاق والإنضمام. • إقامة روابط مستمرة بالتنظيمات الحاضرة معنا اليوم كحركة 20 فبراير، التيارات النقابية والتنظيمات السياسية التي تشتغل معنا في تنسيقية التضامن كما هو الحال بالنسبة للنهج الديمقراطي.إقامة روابط أخوية ومتينة حتى تعطي لعملنا نوعا من العمق الكافي. • دراسة إمكانية إدماج المختصين في حركتنا بعيدا عن الموسمية والظرفية الضيقة.فعموما حركة التضامن كانت تلجأ وبإستمرار إلى إدماج الباحثين وأصحاب الخبرة الدراسية ذووا النزاهة والإلتزام النضالي...إنه التحدي المطروح، هيكلة حركة إجتماعية على ضفتي المتوسط والإعتماد على الدراسات والأبحاث والمعلومات الإخبارية... إن الجيل الذي أنتمي إليه، وأعني بذلك جيل النضال، قد نشأ وتطور مع نضالات التحرر الوطني المغاربية، نضالات المطالبة بالإستقلال في المغرب إبان 1956 والجزائر في 1962.كنا آنذاك أشبال، وكيساريين نعتبر أنفسنا ورثة ذلك الجيل السابق الذي قاوم وناضل ضد الحملات الإستعمارية الإسبانية على المغرب وضد نظام الحماية بالشراكة مع فرنسا...إنه جيل المرجعية وأحد الروافد لتقاليدنا المناهظة للكولونيالية.فبالقدر الذي نسجل فيه إعتزازنا بإبراز هذه الجوانب المرجعية نتأسف في نفس الوقت على إستمرار الإستعمار في الثغرتين سبتة ومليلية.كنا قد سعدنا كثيرا بإسترجاع المغرب لإفني سنة 1969 وتأسفنا كذلك عندما غادرت إسبانيا الصحراء بدون إيجاد حل للمسألة الإستعمارية وإبقاء المنطقة تحت وضع ملتهب. فلحسن الحض التضامن مع النضالات الملموسة في المنطقة المغاربية يشهد إنتعاشا متصاعدا وبدأنا نتخلص من التعامل الأحادي الجانب الذي طغى بشكل عام على قضايا أمريكا اللاتينية...لقد تحقق هذا بفضل وجود هجرة مغربية ومغاربية قوية على التراب الإسباني وكذلك بالدور الذي لعبه بعض اللاجئين السياسين أمثال أبراهام السرفاتي أثناء تواجده بالجنوب الإسباني. نشعر بالإستفزاز والإحراج من السياسات الأوروبية والأمريكية والحكومية الإسبانية التي تدعي الديمقراطية والمتعلقة بقضايا وإشكالات المجتمع المغربي...وهنا تنبع رغبتنا في تطوير تظامن فعال تجاه المهاجرين والنضالات بالداخل. كما كان الشأن في سنوات الثمانينات حيث أزمة المديونية وبرامج التقويم الهيكلي التي أفضت إلى إتساع فادح في الهوة بين الفقر والغنى في بلدان المغرب الكبير، نعيش الآن نفس الحدث بالنسبة للغرب الذي أصبح ضحية برامج عملاقة لإعادة الهيكلة الإقتصادية والتي يقودها محور المفترسين على قاعدة خوصصة القطاع العام و الإصلاحات الجبائية التراجعية وبرامج تفكيك العالم القروي...إنها عوامل مشجعة وباعثة على بلورة وإطلاق نضال مشترك بيننا على ضفتي المتوسط...إن مستقبلنا السياسي والإجتماعي مرتبط ومتفاعل مع بلد قريب كما هو المغرب. أود كذلك أن أثير الإنتباه إلى نقطة لاتخلو أهمية، فإلى جانب برامج التقويم الهيكلي ومسلسل التفقير وتخلي الدولة عن واجباتها نلاحض نمو مدهش للنسيج الجمعوي والتعاضديات والتعاونيات... فالسؤال المطروح هل هذا العدد الهائل من النسيج الجديد يقدم لليسار السياسي والإجتماعي إمكانية حقيقية للإشتغال؟ وبأية نسبة؟... أستحضر تجربتنا غذاة النضال ضد الفرنكاوية، أي في السنوات الأخيرة من عهد فرانكو وبداية الفترة الإنتقالية حيث لجأنا إلى توضيف العمل الجمعوي المتواضع آنذاك في إتجاه بناء حركة أحتجاجية بالمدن وإنشاء جامعات شعبية لضحايا السياسة التعليمية التجهيلية لنظام فرانكو... فالسؤال إذا هو إلى أي مدى يمكن أن تصبح هذه الجمعيات حاملة لمشروع التغير أم مجرد أدواة مسخرة؟... لقد تطرق بالتفصيل الرفيق محمد هاكش لموضوع التعاونيات وحركة الفلاحين، فبالفعل قد شاهدنا عن قرب كيف تم تدمير وتفكيك العالم القروي بالمغرب في التسعينات حيث وضعت الإعلانات لأجود الأراضي المغربية في المزاد العلني بالجنوب الإسباني في منطقة غرناطة وآلميريا لتعرض على المستثمرين الإسبان وسخرت لذلك حملة إشهارية واسعة تمنح للملاكين الزراعيين الإسبان إمتيازات خيالية ومجانية تضمن لهم حرية التصدير وأخد الأرباح وإستغلال اليد العاملة بالشكل الذي نتابعه اليوم على مستوى الضيعات الملكية. لايمكن أن نتقاسم المسؤولية في هذه السياسة المتوحشة أوالقبول بإمتيازاتها، وأسجل هنا الدور السلبي للنقابات الإسبانية في الأندلس بإتخادها مواقف متخاذلة في الموضوع وإكتفائها بالصمت على النهب الذي يقوم به التواطئ الإقطاعي المغربي الإسباني وضد إستراتيجيات السيادة الغذائية...إنه لمؤسف حقا أن يتوجه الإنتاج نحو التصدير في الوقت الذي يسود الجوع بيننا.