المسائية العربية / ابن جرير ساد الهدوء الحذر بعد مواجهات لا متكافئة بين قوات مكافحة الشغب وابناء المتقاعدين وعمال السميسي يوم السبت الماضي بمدينة ابن جرير وبمنطقة تجميع المتفجرات بمنجم "بانو6" بمكتشف الفوسفاط، حيث نجحت قوات مكافحة الشغب التابعة للدرك الملكي، والقوات العمومية، في فك اعتصام أبناء المتقاعدين وعمال السميسي ريجي باعتماد منطق القوة، من فوق ربوة جبل فوسفاطي يبلغ علوه حوالي 6 أمتار ، تتم فيه عمليةتفجير الديناميت، مما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة جراء تدحرجهم من فوق الجبل بعد عملية الدفع والركل التي لجأت إليها القوات العمومية، ليجري نقلهم في حالة مستعجلة إلى المستشفى المحلي بابن جرير، في حين جرى نقل أحد المصابين لخطورة الإصابة التي تعرض لها إلى مستشفى ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش. في المقابل، أصدرت عمالة إقليم الرحامنة، بيانا تنفي من خلاله التدخل بعنف من أجل إخلاء وحدة للإنتاج تابعة لمكتب الشريف للفوسفاط بمدينة ابن جرير، تشير من خلاله إلى أن ما يقارب 50 فردا من العمال السابقين لشركة المناولة سميسي ريجي توجهوا إلى وحدة الإنتاج للمكتب الشريف للفوسفاط لمدينة ابن جرير، وقاموا بوقفة احتجاجية على ما يسمونه عدم إدماجهم. وأوضح البيان ، بأن السلطات العمومية والأمنية وبتنسيق تام مع السلطات القضائية، قامت بتأطير هذا الاحتجاج ، في إطار المهام الموكولة إليها للحفاظ على الأمن و النظام العام وضمان حرية العمل، أثمر بإقناعهم بإخلاء المكان وبدون أي تدخل أو عنف، وخلص البيان إلى أن الجميع غادر مكان الاحتجاج و لم يسجل في حقهم أي عنف يذكر، ونظموا مساء يوم الجمعة مسيرة احتجاجية جابت شارع حي مولاي رشيد، قبل إنهائها بوقفة تنديدية أمام مستشفى ابن جرير انظم إليها بعض أعضاء حركة عشرين فبراير وبعض الفعاليات الجمعوية والنقابية والحقوقية. وكشف شريط مصور حصلت "المسائية العربية " على نسخة منه ، مختلف عمليات التدخل العنيف الذي نفذته القوات العمومية وفرقة مكافحة الشغب، في حق المعتصمين لتفريقهم وإبعادهم من منطقة تجميع المتفجرات. الساعة تشير إلى منتصف النهار، انطلقت سيارة الأجرة الكبيرة من مدينة مراكش في اتجاه ابن جرير، وكان بعض عمال السميسي الذين شاركوا في الاعتصام بعدما ضاقت بهم سبل الدنيا واستنفدوا كافة الحلول السلمية مع المسؤولين، في انتظاري من أجل الحديث على على الخطوة التصعيدية التي أقدموا عليها وردة فعل القوات العمومية، والتطرق إلى معاناتهم وطرح انشغالاتهم وهمومهم على أمل أن نترجمها على طريقتنا إلى السلطات الوصية، حتى تجد لها حلولا فورية. يتطلب الانتقال إلى منطقة تجميع المتفجرات بمنجم "بانو6" بمكتشف الفوسفاط قطع 14 كلم ، وهي مسافة طويلة بالنظر إلى طبيعة الطريق، وعلى امتداد شارع مولاي رشيد المؤدي إلى الحضيرة الفوسفاطية بفيلاتها الفخمة، تنتصب بنايات أنيقة ومميزة بشكلها المعماري الجميل، لكن غير بعيد عن هذه المباني الإسمنتية، تتجلى مظاهر البؤس والفقر بالأحياء القريبة وسط مدينة بن جرير. وفي طريقنا إلى المنجم المذكور صادفنا فلاح يدعى محمد بنصالح 46 سنة أب ل11 إبنا يقطن بدوار الكريشات القريب من منطقة تجميع المتفجرات، تحدت إلينا بنبرة حزينة قائلا" حنا طلبناهم على واحد من الدرار ي يخدموه لينا في مكتب الفوسفاط لتعويض الأراضي التي نزعت من ملكيتي، أحنا مكرفسين أصحيبي الإنسان لي مشات ليه بلادو خاصهوم يخدموه، أما بالنسبة للتعويض فهو هزيل ولايتعدى 3 ملايين سنتيم للهكتار الواحد". لم يترك عمال السميسي ريجي أحد فروع المجمع الشريف للفوسفاط بمركز ابن جرير الفوسفاطي سبيلا إلا وسلكوه، لإبلاغ استنكارهم عن طردهم من العمل، والمطالبة بإدماجهم المباشر في العمل لحفظ كرامتهم، وعندما تأخر رد المسؤولين بادروا صبيحة يوم الجمعة الماضي ، إلى تنفيذ معركتهم المصيرية باعتصام بمنطقة تجميع المتفجرات التي تكتسي حساسية خاصة، لنقل صوتهم من جديد إلى المسؤولين على إدارة الفوسفاط لتبحث معهم عن معضلتهم وإيجاد مخرج لازمتهم وفتح حوار معهم يفضي إلى إنهاء أزمتهم في الشغل. ففي أجواء غير عادية، عاشت مدينة ابن جرير طيلة نفس اليوم حالة استنفار قصوى بمختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، لمواكبة المسيرة الاحتجاجية لعمال السميسي ريجي وأبناء المتقاعدين مشيا على الأقدام، انطلقت في حدود الساعة التاسعة صباحا في اتجاه منطقة تجميع المتفجرات بمنجم"بانو 6"، للمطالبة بحقهم المشروع في الإدماج في الشغل القار بقطاع الفوسفاط، والتنديد بما اعتبروه سياسة التسويف و التماطل التي ينهجها المسؤولون على المستوى المحلي والإقليمي من اجل إيجاد حل عملي لمطلب عمال السميسي ريجي والمشروع في إدماجهم المباشر و الفوري بقطاع الفوسفاط، اسوة بإخوانهم في المراكز الفوسفاطية الأخرى ، و ذلك في محاولة لثنيهم عن معركتهم النضالية المشروعة. أبناء منطقة الرحامنة يطالبون إدارة الفوسفاط بإعطائهم الأولوية في التشغيل، وأبناء العمال والمتقاعدين يطالبون بتطبيق البند 05 من القانون المنجمي، شعارات ظل المحتجين يرددونها، تعبيرا عن تنديدهم واستنكارهم لإدماج وتوظيف المئات من العمال من خارج المنطقة والمحسوبين منهم على بعض المسؤوليين بادرة الفوسفاط بمركز ابن جرير. وفي الوقت الذي وصلت مسيرة أبناء المتقاعدين وعمال السميسي ريجي أحد فروع المجمع الشريف للفوسفاط بمركز ابن جرير الفوسفاطي إلى منطقة تجميع المتفجرات بمنجم "بانو6"في خطوة تصعيدية لوضع حد لحياتهم بشكل جماعي احتجاجا على عدم التزام المسؤولين بإدماجهم المباشر بالمكتب الشريف للفوسفاط، اندلعت احتجاجات آباء وأمهات وزوجات العمال المحتجين وأبناء المتقاعدين، أمام مقر عمالة الرحامنة استمرت حوالي ثلاث ساعات، ليقرروا بعد ذلك نقل احتجاجاتهم إلى مقر الإدارة المحلية للمجمع الشريف للفوسفاط بابن جرير من أجل مطالبة المسؤولين بضرورة الاستجابة لمطلب الإدماج المباشر في المكتب الشريف للفوسفاط. ولتخفيف حدة الاحتقان ومص الغضب الذي عبر عنه المحتجون من خلال الشعارات المرفوعة، طمأن أحد المسؤولين بالإدارة المحلية للمكتب الشريف للفوسفاط ، المحتجين بقرار إدماج عمال السميسي وأبناء المتقاعدين في الشغل، إلا أن هذه المحاولات ظلت تصطدم بالرفض، حيث أبدى بعض المحتجين ارتيابهم من هذه الوعود واعتبروها مجرد مسكنات من أجل فض الاعتصام بالشارع العام، قبل أن يجري تسجيل بعض الإغماءات في صفوف أمهات وزوجات العمال المحتجين، أثناء إخبارهم بالتدخل الأمني العنيف لتفريق المعتصمين. يقول نبيل فتح الدين من مواليد 1978 متزوج وأب لطفلة"بعد أكثر من 10 أشهر من النضال والوعود، أدركت رفقة باقي عمال ريجي السميسي، حقيقة أن النضال وحده يؤمن المطالب، وأن الحوارات والوعود شكل آخر من أشكال القمع وإقبار النضال. انطلقت المسيرة من اجل مطلب الإدماج في العمل الذي حرموا منه منذ سنوات إسوة بإخوانهم عمال السميسي بكل من خريبكة وبوكراع. ووصف نبيل المشاهد التي عاشها أتناء التدخل الأمني لتفريق المعتصمين في حدود الساعة الخامسة مساءا، ب"المأساوية والكارثية" ،خاصة بعد سقوط مجموعة من المحتجين من أعلى الجبل وهم يرددون كلمة الاستشهاد، جراء الدفع الذي تعرضوا له من طرف قوات محاربة الشغب. وتعود قصة عمال شركة "السميسي ريجي" حسب نبيل إلى السنة الماضية، حين تعرض عدد من عمال الشركة إلى طرد تعسفي بعد اشتغالهم لأزيد من سبع سنوات بها، وتعرض عدد من متقاعديها إلى التأخر في صرف مستحقاتهم وتسوية وضعياتهم القانونية، وبعد عدد من المسيرات الاحتجاجية واعتصام دام لأربعين يوما أمام مقر المكتب الشريف للفوسفاط ببنجرير، قدم عامل إقليم الرحامنة بحضور كل من نائب المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط ومدير الموارد البشرية به، وعدا إلى العمال المتضررين بتسوية وضعياتهم في فاتح يونيو المنصرم، إلا أن الأجل المحدد تجاوز دون أن يتلقى العمال أية إشارة عن حسن نية المكتب المسير للشركة وللمكتب الشريف للفوسفاط، ليقرروا بعدها تنظيم مسيرة احتجاجية مشيا على الأقدام تتجه صوب ولاية جهة مراكش، بعد تنظيمهم لعدد من المسيرات والوقفات أمام إدارة الفوسفاط بالرحامنة والدار البيضاء، وهي المسيرة التي جرى اعتراضها على مستوى القاعدة العسكرية ابن جرير، وعبر من خلالها عمال ريجي سميسي بابن جرير عن امتعاضهم من غياب المسؤولية الأخلاقية للإدارة المركزية للفوسفاط بعد إهمال مطلبهم وإقصائهم من حقهم في الشغل على غرار زملاء لهم في مدينتي خريبكة وبوكراع، ليجري ترتيب لقاء فوري بين العمال ووالي جهة مراكش تانسيفت الحوز، أسفر عن تقديم عامل إقليم الرحامنة وعدا لعمال الشركة يبشر بإدماجهم في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قصد تشغيلهم بها، وهو الأمر الذي اعتبره العمال تحايلا على قضيتهم، على اعتبار أنه الوعد الذي لم يتحقق. "كنا تانشفو الموت كدام عينينا، الحمد لله ماكانت حتى وفاة" بهذه العبارة استهل بنزيوانة عبد الرزاق (37 سنة) أب لطفلين، حديثه محاولا استحضار بعض ما أسماه بمشاهد الموت المحقق التي عاش بعض لحظاتها، أتناء تدحرج عدد من المحتجين من أعلى الجبل، مؤكدا بأن المحتجين سبق لهم أن خاضوا اعتصامين مفتوحين أمام الإدارة المحلية للمكتب الشريف للفوسفاط من أجل الحق في الإدماج ، الأول كان في 21 فبراير 2011 والثاني في 25 مارس 2011 ، وأمام وعود المسؤولين، وعلى رأسهم السيد عامل إقليم الرحامنة، والقاضية بالاستجابة لمطالبنا قررنا رفع الاعتصامين التزاما منا بالتعهدات المقدمة لنا، كما قمنا بملأ استمارات قدمت لنا من طرف إدارة مكتشف الفوسفاط على أساس أن الإدماج سيأتي بعد أسبوع من هذه العملية، إلا أننا نتساءل عن مصير الاستمارات بعد انقضاء أزيد من أسبوع دون أن نتوصل بأي رد. وأوضح يوسف صبري الكاتب العام للمركز المغربي لحقوق الانسان، الذي عبر عن استيائه العميق وتذمره من تدني الخدمات الصحية بالمدينة وغياب الأطر الصحية لتقديم العلاجات الضرورية لضحايا التدخل الأمني العنيف في حق المحتجين، أن عمال السميسي ريجي بابن جرير، سبق لهم أن خاضوا اعتصاما أمام الإدارة المحلية للفوسفاط بابن جرير دام أربعين يوما، انتهى بالاستجابة لمطلب العمال المعتصمين بإعادة تشغيلهم ابتداءا من تاريخ 01/06/2011، غير أن وعود مسؤولي إدارة الفوسفاط كانت كاذبة الشيء الذي اغضب أسر و أهالي عمال السميسي ريجي الذين ظلوا يعملون بشكل متواصل لسنوات، وكانوا دوما تحت إشراف و تأطير كل من إدارة الفوسفاط و شركة السميسي التابعة له ، بل إن حياتهم المهنية بكل تفاصيلها كانت تخضع لذلك و بالرغم من قيامهم بنفس المهام التي كان يقوم بها مستخدمو المكتب الشريف للفوسفاط إلا أنهم كانوا يتقاضون أجورا ضعيفة، علاوة على كونهم محرومين من الحقوق التي يتمتع بها الآخرون إلى درجة أنهم لقبوا ب " فوسفاطيون بلا حقوق" .