مراكش : المسائية العربية كعادته المتميزة، وبنبرة الواثق من مؤهلاته الفنية، أتحف الفنان بانا الجمهور الحاضر بقاعة الأفراح بالداوديات بتقيتيقات من الثراث الشعبي، كما تميز الحفل الليلي الذي أحيته جمعية "بانا البساط للفنون والتراث" نهاية الأسبوع الماضي، بمناسبة الدورة الرابعة من ليالي عاشوراء، بتنوعه وتناوب العديد من المتدخلين في تنشيط الحضور بشكل تلقائي، الشيء الذي أعطى نكهة خاصة وانسجاما تاما بين المنشطين وكل الضيوف. ويذكر أن عبد الرحيم بانا الفنان الواعد، ابن مدينة مراكش، يتميز بقدرته على الانتقال داخل الاغنية المغربية والشرقية بشكل يجعلها خاضعة للموال الشعبي وفي قالب فني يمزج بين الفكاهة والتنكيت والتنشيط إلى جانب مجموعة من الإيحاءات التي يعبر عنها بتوظيفه المحكم لحركات الجسد وارتسامات الوجه ، كما له قدرة خارقة في شد انتباه المتلقي والهاب حماسه، بل ودفعه للمشاركة وترديد العبارات المستوحاة من قاموس الاغاني الشعبية واجتهادات بانا في تمتيع محبيه دون المس بروح اللوحات الفنية المستوحاة من الفلكلور الشعبي والتي ترتكز على الأشعار المستلهمة من التراث المراكشي الأصيل، ومن مميزات هذا الفنان حرصه على إحياء ليلة عاشوراء بمراكش، وإتاحته الفرصة للطبقات الشعبية من صناع تقليديين، وباحثين في الثراث الشعبي، وعشاق هذا الفن للتواصل والتعارف وإحياء الصلة بثراتهم الأصيل والسعي إلى الحفاظ على مجموعة من الطقوس والعادات التي بدأت تتلاشى بحكم العديد من العوامل منها انشغال الناس بمشاكل الحياة اليومية، واستيلاب الشباب واهتماماتهم المختلفة، مع اتساع رقعة المدينة وارتفاع أعداد المنحذرين إليها من كل جهات المملكة.وفي هذا الإطار يؤكد عبد الرحيم بانا أن ليلة عاشوراء التي تتزامن مع اليوم العاشر من شهر محرم من السنة الهجرية ، تتميز باحتفالات متنوعة في مختلف أحياء المدينة العتيقة لمراكش التي تعيش مع حلول اليوم الأول من شهر محرم على إيقاعات الدقة المراكشية في شكل حلقة تدعى عند أهل مراكش ب"الكور" يردد خلالها الممارسون "العيط" الذي يتغنى بسبعة رجال والأولياء الصالحين والرسول الكريم وطلب المغفرة باستعمال آلات موسيقية تقليدية تتمثل على الخصوص في "الطعريجة" وقراقيب صفائح الحديد والبندير وكانت مدينة مراكش بعد مرور ليلة العاشر من شهر محرم ، عندما تكون أحياء المدينة خرجت من عملية الدقة منتصرة، تشهد تنظيم حفل بهيج يعرف لدى المراكشيين ب"النزاهة" يمول بواسطة تبرعات الأعيان والأغنياء، ويجري اقتناء عجل ويغادر الدقايقية سور المدينة التاريخي في اتجاه عرصة من العراصي التي كانت محاطة بمدينة مراكش والتي لم يبق لها أثر اليوم، لقضاء أيام النزاهة في جو من التنشيط والفكاهة وتبادل النكت وترديد أغاني الملحون .