يعتبر إحياء ليالي عاشوراء حدثا تقليديا يكتسي دلالة رمزية خاصة، يمارس خلاله سكان مدينة مراكش فن الدقة وبعض الطقوس، التي ظل يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد إذ بمجرد الانتهاء من أيام عيد الأضحى، تشرع الأسر المراكشية في الاستعداد لاستقبال عاشوراء. ومع حلول شهر محرم، تنشط أسواق خاصة في مختلف الأحياء الشعبية بمدينة مراكش، تعرض فيها مختلف أنواع الفواكه الجافة، ولعب الأطفال، وآلات موسيقية من قبيل "الطعريجة" و"البندير". ويشكل إحياء ليلة عاشوراء بمدينة سبعة رجال مناسبة لاسترجاع بعض الطقوس والتقاليد المراكشية، التي تميز المدينة الحمراء عن باقي المدن المغربية، خلال هذه المناسبة، بعد دخولها في طي النسيان، والمتمثلة أساسا في "المشايشة"، و"هرما" و"ديالة عاشوراء"، و"الشعالة"، و"نزاهة الدقايقية". وتأتي مدينة مراكش على رأس المدن المغربية، التي تختزن ذاكرتها العديد من العادات، تتوزع بين ما هو شعائري صوفي، وما هو اجتماعي ترفيهي، فذاكرة مراكش مليئة بعادات أخرى، تعتز بها الأسر المراكشية، خلال الاحتفال بعاشوراء، تتضمن ما هو طريف ترفيهي جميل، وما هو مرتبط بالشعوذة والعلاقات الاجتماعية. وتتميز ليالي عاشوراء، التي تنطلق من فاتح محرم إلى اليوم العاشر منه، في مدينة مراكش، باحتفالات متنوعة في مختلف أحياء المدينة العتيقة، على إيقاعات الدقة المراكشية في شكل حلقة تدعى عند أهل مراكش ب"الكور"، يردد خلالها الممارسون "العيط"، الذي يتغنى بالرسول، وبسبعة رجال، أي الأولياء المدفونين في المدينة، وطلب المغفرة، باستعمال آلات موسيقية تقليدية، تتمثل على الخصوص في "التعريجة،" وقراقيب صفائح الحديد والبندير، متحلقين حول نار ملتهبة، تستعمل لتسخين الآلات الموسيقية، وتستمر العملية إلى الساعات الأولى من الفجر. وكان أبناء مراكش، وأغلبهم من الصناع التقليديين والحرفيين والتجار البسطاء، يستغلون يوم الجمعة، وهو يوم راحة بعد أسبوع عمل مضن، للخروج إلى المنتزهات للترويح عن النفس، إذ كانوا يحرصون على أن يطبع اللقاء جوا احتفاليا غنيا بالمستملحات، وما يدخل البهجة على النفوس، كما كانت الوجبة المفضلة هي "الطنجية" المراكشية، التي يجري إعدادها وفق طقوس خاصة، سواء من حيث مكونات الوجبة أو طريقة طهيها، إلا أن مشاغل الحياة اليومية وتعقيداتها قلصت من نسبة النزهات الترفيهية لدى المراكشيين.