استنكرت فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب هزالة التقويم الجديد لمعاشات الصندوق المهني المغربي للتقاعد (CIMR)، ونددت بما تحدثه بطاقة "راحتي" من مصاعب، كما تأسفت لغياب تمثيلية الأجراء والمتقاعدين في هيئات الصندوق. وأشار بلاغ الفيدرالية المذكورة أنه في الوقت الذي تبذل فيه المساعي للسير قدما بالحوار الاجتماعي حفاظا على تماسك المجتمع، تماسك يكون قوامه تحسين بين لظروف معيشة العاملين والمتقاعدين، يعلن الصندوق المهني المغربي للتقاعد، إثر جمعه العام العادي، على زيادة سنوية هزيلة في نسبة إعادة تقويم المعاشات، بحيث تصير 1% سنويا عوض 0,7%. وهنا وجب التذكير أن نسبة 0,7% " لا تختلف كثيرا عن نسبة إعادة التقويم المعمول بها منذ إصلاح 1998"، والتي حددت جزافا بمقتضى إصلاح 2003، نسبة كانت مصدر ترد فادح للقوة الشرائية لمتقاعدي الصندوق. فمقدار أضعف معاش يصرفه الصندوق (1.746 درهم سنويا) يساوي 14,55% من المعاش الأدنى الذي حددته مؤخرا السلطات العمومية، ولن يتعدى مقدار الزيادة فيه سنويا 17,46 درهم. والحال أن ربط نسبة تقويم المعاشات بنسبة التضخم هو الضمان الوحيد لحفاظ المتقاعدين على القوة الشرائية لمعاشاتهم عند تصفيتها. ومما لا شك فيه أن نسبة 1% تختلف اختلافا بينا عن نسب التضخم التي سجلت في السنوات الأخيرة (3,28% في عام 2006، 3,71% في 2008 وبمتوسط 1,9% في سنوات 1997 – 2008). إن معالم نظام الصندوق المهني المغربي للتقاعد تقتدي، في الحقيقة، بالتطورات المبرمجة في إطار إصلاح 2003، وهنا يحق التساؤل عما إذ كان ما روج له، على كل المنابر، بشأن توجيه النظام هو مجرد خدعة. وهكذا فالمتقاعدون لا يستفيدون من أية "حظوة" كانت حتى لما تتحسن الحالة المالية للصندوق. وأضاف البلاغ: " على كل حال، فإن هزال إعادة تقويم المعاشات ليس سوى ظاهر الأمر وما خفي أعظم. فقد انخرط الصندوق المهني المغربي للتقاعد خلال عقد من الزمن في سلسلة من الإصلاحات همت معالم النظام، بالتدرج وبما يكفي من الغموض، ليتبين في نهاية المطاف أن وقعها تراجعي على المدى البعيد، كما كانت هذه الإصلاحات سببا في تدهور مدبر للقوة الشرائية للمتقاعدين مقارنة مع العاملين. وسيستمر التردي المهول لمتوسط المعاش حتى يبلغ مستوى يدعو إلى الإشفاق مقارنة بمتوسط الأجور. فانطلاقا من سنة 2010، يضيف البلاغ ستكون المردودية التقنية للنظام قد بلغت أدنى مستوياتها، وعلى مدى عشر سنوات من الاستفادة من المعاش، سينخفض هذا الأخير حوالي نصف قيمته مقارنة بما كان قد يكون عليه لو لم تدخل الإصلاحات الثلاثة حيز التطبيق. وسيكون أثر هذه الإصلاحات إسقاط عدد متزايد من المتقاعدين والأرامل واليتامى في مستنقع الفقر، بسبب معاشات متهالكة. ألا ينبغي للصندوق أن يصرف المعاش الأدنى (1.000 درهم) للمتقاعدين الذين لا ينتمون لأي نظام للتقاعد غير نظام الصندوق. وهكذا يتجلى أن الحكامة المتبعة في الصندوق المهني المغربي للتقاعد تبعث على الريبة والقلق، سواء من متقاعدي اليوم أو من متقاعدي الغد (العاملين)، ولا يجوز الاطمئنان إلى قدرة حكامة كهذه على تأمين الإنصاف وصيانة الحقوق المكتسبة والمصالح المعنوية والمادية للمنخرطين، لا سيما أكثرهم احتياجا. أما الدعاية والإعلام الإداري المبهم، اللذان يروجان لمثل هذه الحكامة، بموازاة مع السعي إلى نفي أية صفة تمثيلية للشركاء الاجتماعيين وجمعيات المتقاعدين ونبذهم من هياكل إدارة الصندوق المهني المغربي للتقاعد، فهما ضرب من الصفاقة والاستهتار، وهنا وجب التذكير أن السلطات العمومية، وعيا منها بدور الفرقاء الاجتماعيين في السير قدما بالتماسك الاجتماعي، لم تمانع قط في إشراكهم في اللجنتين، التقنية والوطنية، اللتين كلفتا بالنظر في أمر إصلاح أنظمة التقاعد. وأما الدعاية التي تدعي أن إلغاء سقف الوعاء الخاضع للمساهمات تتلاءم و "تكييف النظام وفق احتياجات المقاولات والمأجورين" فهي من باب ما لا يقبله عقل سليم. لقد فصلت على مقاس ذوي الأجور العالية، والذين سيستفيدون منها أيما استفادة لما يتضرر منها ذووا المعاش الضئيل أي تضرر، فهذا الكرم الحاتمي الجديد، والمريب، يذكرنا بما دأب عليه الصندوق حتى عام 1992، من حيث كان يقر للبعض بحقوق في المعاش مجانية "validations gratuites " لم يؤدوا عنها مساهمات، هذه الحقوق التي ألقت بعبئها على الديمومة المالية للصندوق. لقد شرع من لهم الحظ في تلقي أجور مرتفعة في تشكيل حقوق معاش مذهلة، وبسعر نسبة المساهمات لا بسعر اقتناء النقط، وهو أغلى من نسبة الاشتراكات. وبغض النظر عن كل هذا، فهذه الهبات تشكل خطرا نسبيا على التوازن المالي للنظام. أما عن بطاقة "راحتي"، الطريقة الجديدة لصرف المعاش التي فرضها الصندوق فرضا وقيل "أن المتقاعد لا اختيار له في حق قبولها أو رفضها " فلا يمكن اعتبارها إلا ضربا من التعدي والتسلط. فإلزام المتقاعد البسيط أو أرملته المعوزة بالذهاب إلى شباك أوتوماتيكي بنكي لتشغيل البطاقة بإدراج الرمز السري ثم استبداله برمز آخر... لا يمكن أن يأتي إلا من درب خيال. وإن ما أعلن عنه من عزم على "تقليص كلفة التسيير" ولو على حساب المتقاعدين والأرامل، وذلك بتحميلهم كلفة سنوية قدرها 7,8 ملايين درهم، لمنكر وفضيحة. لكل هذا وذاك، فإن فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب تندد بتلك الانحرافات وتدعو السلطات العمومية، ومسؤولي الصندوق المهني المغربي للتقاعد، والشركاء الاجتماعين وجمعيات المتقاعدين، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة : - لإعادة فحص مقاييس إعادة تقويم المعاشات، صيانة للقوة الشرائية للمتقاعدين، - لجعل بطاقة "راحتي" اختيارية، وإلغاء كل التكاليف أيا كان نوعها، - لإعادة إرساء الأجر الأقصى لوعاء المساهمة، - لفتح الحوار في موضوع التمثيلية للمأجورين والمتقاعدين داخل أجهزة الصندوق المهني المغربي للتقاعد، - لتحديد طرق مراقبة الدولة التي يخضع لها الصندوق المهني المغربي للتقاعد، منذ الاعتماد على القانون المعدل لمدونة التأمين في ديسمبر2007. فدرالية الجمعيات الوطنية