من أكثر الصعاب التي واجهتها، وتشاركني فيها الكثيرات من العاملات عن بعد مسألة تنظيم الوقت. ففي الوظيفة خارج المنزل هناك دائما وقت محدد للعمل يبدأ وينتهي في موعد محدد، ولدى العودة للمنزل تنقطع الصلة بالوظيفة لتبدأ مهام المنزل والأسرة. أما في العمل عن بعد فالأمر يختلف تماما، فلا توجد حدود فاصلة بين وقت العمل والمهام المنزلية أو الأسرية، حيث مكان العمل هو نفسه المنزل الذي لا يخلو من مهام تحتاج المتابعة والتنفيذ. صارحتني عدة زميلات أن عملهن من خلال المنزل سبب لهن الكثير من الفوضى وعدم القدرة على تنظيم الوقت، وأنهن كن ينجزن أثناء العمل خارج المنزل بدوام كامل أضعاف ما أصبحن ينجزن الآن في العمل عن بعد. وأنا أتفق معهن تماما في ذلك، فكيف يمكن مقارنة قضاء ثماني ساعات يوميا في الوظيفة للعمل فقط، بقضاء يوم كامل في البيت حيث تختلط المهام وتتعدد المسئوليات. إضافة إلى أن كل من حولك يعلمون أنك موظفة فلا يتصلون بك أو يقومون بزيارتك أثناء دوام العمل، وهذا ما لا يتوفر في العمل من المنزل. ولكن ما أحب التأكيد عليه أنك لا يمكن أن تحصلي على كافة المزايا في نفس الوقت فلابد من وجود بعض التضحيات، وما لا يدرك كله لا يترك كله. ويمكن التغلب على بعض الصعوبات بتنظيم الوقت وتعلم كيفية تعظيم الاستفادة منه وحسن استغلاله. قد تجدين نفسك مكبلة بالكثير من المهام سواء تنظيف البيت أو إعداد الطعام، أو التسوق، أو توصيل الأبناء للمدارس، ومساعدتهم في المذاكرة وأداء الواجبات المدرسية، وكل هذه المهام لا يكفي الوقت لتلبيتها في الظروف العادية، فما بالك لو كنت كذلك تديرين مشروعا منزليا أو تمارسين وظيفة عن بعد، أو تشاركين في عمل تطوعي. في الوقت نفسه بمجرد أن تبدئين في العمل عن بعد خاصة إذا كان عبر الانترنت، فإن الوقت يفلت منك وربما تجدين أنك قضيتي عدة ساعات، فقط لتفقد البريد الالكتروني والرد على المراسلات، أو في تصفح مواقع الانترنت ومتابعة الأخبار، أو في مواقع الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر. وهو الأمر الذي لم يكن مسموحا لك به في الوظيفة بدوام كامل. لا تشعري بالذنب وأول حقيقتين ينبغي لك أن تؤمني بهما، أن هناك الكثيرات يقضين خارج البيت أكثر من ثمان ساعات يوميا في الوظيفة، دون شعور بالذنب أو التقصير في مسئولياتهن المنزلية والأسرية، وحين عودتهن ينجحن في القيام بهذه المسئوليات في وقت قصير، أنت نفسك ربما كنت واحدة من هؤلاء يوما ما.. فلا داعي لأن تلقي على نفسك اللوم لو انشغلت قليلا عن مهامك المنزلية لصالح وظيفتك التي تقومين بها عن بعد. أما الحقيقة الثانية، فتتمثل في أن الوقت المتاح لك لممارسة كافة مهامك الوظيفية والأسرية والمنزلية أكثر من الوقت المتاح للموظفات خارج المنزل، إذا استبعدنا الوقت الذي كنت ستقضينه في الاستعداد للخروج يوميا من كي للملابس وتلميع الأحذية، وتحضير حقيبة طفلك لتركه في الحضانة أو لدى أحد أقربائك، إضافة للوقت الذي تستغرقينه في المواصلات ذهابا وإيابا، كل ذلك يجعل الوقت في صالحك. ولكي تستفيدين من هاتين الحقيقتين، كل ما عليك تنظيم وقتك حتى لا تشعرين به يتفلت من بين أصابعك، وتصابي بشعور من عدم الانجاز والفوضى ومن ثم الإحباط. وهناك العديد من الخطوات البسيطة التي يمكن القيام بها لإدارة الوقت وحسن الاستفادة منه، وعمل توازن بين مهامك الوظيفية ومسئولياتك المنزلية والأسرية هندسي وقتك في 20 خطوة 1. قسمي وقتك المتاح بين مهامك الوظيفية والمنزلية، فاجعلي لعملك عدد معين من الساعات لا تزيدين عليها، وكذلك لمسئولياتك المنزلية عدد معين من الساعات. 2. حددي مهامك الوظيفية بدقة واكتبيها في ورقة وضعي أمام كل مهمة الوقت التقريبي الذي تحتاجه، والأمر نفسه في مهامك المنزلية. 3. رتبي قائمة المهام حسب الأهمية، فضعي الأعمال ذات الأولوية في الصدارة، ثم الأعمال ذات الأهمية المتوسطة، وأخيرا المهام التي تقف في آخر سلم الأولويات. 4. أعدي جدولا بقوائم الأعمال، ويمكنك تنفيذه بواسطة برنامج الإكسل، فتجعلي ورقة عمل للمسئوليات الوظيفية، وورقة أخرى للمسئوليات المنزلية. وكل ورقة تضم المهام بعد ترتيبها، والوقت المطلوب، ثم حددي أنسب المواعيد لتنفيذ كل مهمة. 5. يمكنك أن تستعيني بهاتفك المحمول لعمل تنبيه عندما يحين وقت انتهاء المهمة حتى لا تأخذ من وقت المهمة التالية. 6. قومي بتجميع كل المهام التي تتطلب الخروج من المنزل في يوم واحد أو يومين بدلا من توزيعها على مدار الأسبوع، باستثناء مثلا توصيل الأولاد للمدارس. 7. حددي قائمة مشتروات أسبوعية وأخرى شهرية بدلا من الاضطرار للقيام بالمشتريات يوميا فتهدري الكثير من الوقت. 8. يمكنك استغلال الأوقات البينية، فأثناء قيامك بالأعمال المنزلية يمكنك سماع القرآن الكريم أو ترديد الأذكار أو تلاوة وردك القرآني، وأثناء تصفحك البريد الالكتروني يمكنك إطعام طفلك أو مشاركته اللعب. 9. قسمي الأعمال المنزلية لمهام أسبوعية وأخرى يومية، فلا داعي للتنظيف الكامل للبيت كل يوم، يكفي يوما واحدا في الأسبوع للمهام الكبرى، وباقي المهام البسيطة وزعيها على مدار الأسبوع. 10. قومي بتحضير أطعمة جاهزة ونصف مطهية ووضعها في الفريزر لتوفري في الوقت اليومي اللازم لإعداد الطعام، أو يمكنك شراءها بالجملة شهريا. 11. قومي بالاستعانة بمقدمي الخدمات التي يمكن أن توفر لك الوقت، كشراء أطعمة من معارض منتجات ربات البيوت أو أمهات الأيتام المنتشرة في كثير من الأحياء، فتستفيدين وتفيدين. 12. اختاري الأطعمة السهلة السريعة التي لا تتطلب وقتا كبيرا في إعدادها وتفنني في طرق التقديم، ودعي الوصفات الصعبة يوما واحدا في الأسبوع، ويمكنك مشاركة الأولاد في إعدادها حسب أعمارهم. السوبر وومان! 13. لا تجعلي من نفسك السوبر وومان، وزعي المهام المنزلية على جميع أفراد الأسرة، فكل من الأطفال يقوم بمهام تناسب عمره، فلا ينبغي عليك الانفراد بترتيب كل الغرف وطي الملابس وكنس الأرضيات، بل كل يقوم بترتيب غرفته على قدر استطاعته، وتنظيف الأرضية وطي الملابس وكيها، وترتيب اللعب، كما يمكنهم المشاركة في المشتروات الخارجية. 14. تابعي أولادك في المذاكرة ولا تذاكري لهم، حتى يعتادوا تحمل المسئولية. فيمكنك ممارسة مهامك الوظيفية وأنت معهم تتابعين مذاكرتهم، وتكونين حاضرة للرد على أي سؤال أو صعوبات دراسية. 15. ابتعدي عن مضيعات الوقت كمتابعة المسلسلات والأفلام، أو الثرثرة عبر الهاتف، ومن الأفضل تحديد يوم أو وقت معين للزيارات والمكالمات التليفونية، وأوجزي فيها قدر المستطاع. 16. حددي يوما في الأسبوع للزيارات العائلية والنزهات الأسرية، فالنواحي الاجتماعية هامة والترفيه مطلوب لتجديد نشاطك وحيويتك. 17. حاولي - قدر المستطاع- النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، فالبركة في البكور، وساعات الصباح المنعشة تبعث الحيوية في الجسم والنفس، ويتم فيها انجاز الكثير من العمل. وأقول قدر المستطاع لأنك في بعض الفترات قد يصعب عليك النوم مبكرا لوجود أطفال حديثي الولادة فلا داعي لليأس والإحباط، فعما قريب سيكبرون وتنتظم مواعيد نومهم. 18. اجعلي لنفسك وقتا تمارسين فيه نوع من التمرينات الرياضية البسيطة أو ممارسة هواية مفيدة لتفريغ شحناتك النفسية، وتجديد طاقتك. 19. لا تتركي الوقت يمضي على وتيرة واحدة، يمكنك تغيير مواعيد كل مهمة أسبوعيا، حتى لا تصابي بالملل. 20. حاولي الاستفادة من كل الوسائل التي توفر لك الوقت، وابحثي عن الجديد في هذا المجال، ولا تكوني كالحطاب الذي كان يقطع الأشجار بفأسه القديمة ببطء، وعندما مر به أحد أصدقاءه سأله: لم لا تسن فأسك؟، فأجابه: "إنني مشغول للغاية؛ فعلي قطع المزيد من الأشجار وليس عندي وقت لسن الفأس!"، والمسكين لا يدري أنه بإضاعة القليل من الوقت قد يوفر المزيد منه.