خلفت التصريحات الأخيرة لوزير خارجية الجزائر، مراد مدلسي، بشأن إمكانية فتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر، ردود فعل استئثنائية لدى القيادات الأمنية في الجيش والدرك، التي باشرت بسرعة قياسية مشروعا عسكريا مضادا لفتح الحدود بين البلدين. ففي مقابلة له مع الإذاعة الوطنية الجزائرية أول أمس الأربعاء، صرح وزير الخارجية الجزائري بأن بلاده تتطلع إلى إعادة فتح الحدود البرية مع المغرب، مضيفا، في تصريحات نقلتها عنه أغلب الصحف الجزائرية ووكالة الأنباء الفرنسية: «نحن نتطلع الى فتح حدودنا مع المغرب في المستقبل، غير أنه لا بد من توفر الشروط الملائمة من خلال التشاور والحوار الدائمين». واعتبر مراد مدلسي، في ذات المقابلة الصحفية، أن العلاقات الجزائرية-المغربية متينة، وأن «نقطة الخلاف الوحيدة بيننا وهي قضية الصحراء الغربية، يمكن أن تتحول إلى نقطة تفاهم، خاصة وأنه تجري معالجة هذه القضية في إطار الشرعية الدولية ووفق قرارات الأممالمتحدة»، على حد قوله. من جهته، أشرف قائد الدرك الوطني الجزائري، اللواء أحمد بوسطيلة، والجنرال هامل عبد الغني قائد حرس الحدود، أول أمس، على انطلاق مناورات عسكرية في منطقة مكمكن بن عمّار في بلدة القصدير بولاية النعامة قرب الحدود الجزائرية-المغربية، وتهدف هذه المناورات، حسب قيادة الدرك، إلى «الرفع من القدرات القتالية لحرس الحدود وتنويع وتحديث الوسائل المستعملة، مع تطوير التجهيزات المستعملة للتصدي لظاهرة تهريب المخدرات، لاسيما المتفجرات». وشككت صحيفة «ليبيرتي» الجزائرية في إمكانية فتح الحدود البرية مستقبلا وفق ما صرح به مراد مدلسي، وأعطت الجريدة نفسا حربيا للمناورة العسكرية الأخيرة التي جرت على الحدود، مضيفة أن تدشين بوسطيلة، بالتوازي مع إجراء المناورات، لمركز حدودي جديد على بعد كيلومتر واحد من مدينة وجدة، هو مؤشر دال على عدم استعداد القيادات الأمنية والعسكرية الجزائرية لفتح الحدود مع المغرب. وفي السياق ذاته، قالت يومية «الشروق» الجزائرية إن التعزيزات الأمنية التي تم تشديدها، خاصة على مستوى الحدود الجزائرية-المغربية «توحي بأن القائمين على الملف الأمني في الحدود مقتنعون بأن فتحها ليس مدرجا في أجندتهم في المستقبل القريب»، فيما ذهبت صحيفة «الخبر» إلى اعتبار التعزيزات العسكرية الجزائرية «رسالة واضحة إلى السلطات المغربية أن الحدود الجزائرية لن يتم فتحها في وجه المغاربة، بالنظر إلى أن التهريب العابر لحدود الجزائر مع المغرب أضر بأمن الجزائر وباقتصادها»، حسبها. وكان قائد سلاح الدرك الوطني الجزائري، مرفقا بكبار القيادات العسكرية، قد أشرف أول أمس على فتح مركز حدودي جديد لا يبعد عن مدينة وجدة المغربية سوى بكيلومتر واحد، فيما ينتظر أن يعزز الشريط الحدودي الممتد من تلمسان، النعامة، بشار، تندوف، بمراكز مراقبة متقدمة ستصل، مع نهاية السنة، إلى 154 مركزا، بينها 60 تقع بولاية تلمسان لوحدها.