كشف حسن الخطاب، زعيم جماعة «أنصار المهدي» الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 سنة في إطار ملف الإرهاب، أنه صحبة مجموعة من معتقلي تيار السلفية الجهادية يعكفون حاليا على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع حركة جديدة تبلورت داخل السجن بهدف القيام بمراجعة «فكرية وإيديولوجية» شاملة للفكر السلفي الجهادي. وأوضح الخطاب، في حوار شامل مع «المساء» ننشره على حلقات، في أول خروج إعلامي له، أنه يجري في الوقت الحالي البحث لاختيار تسمية التنظيم الجديد الذي «سيراعي الخصوصية المغربية»، عوض تسمية «أنصارالمهدي» التي قال إنها من اختلاق المخابرات بعدما وجدت تلك العبارة في إحدى كتبه المخطوطة لدى اعتقاله ومصادرة كتبه ووثائقه، وقال إنهم يعملون على وضع مشروع التنظيم الذي أطلقوا عليه «مشروع الرؤية الخمسينية»، ويتكون من 30 بندا تحدد طبيعة الحركة وهويتها، و20 بندا ترسم أهداف الحركة خلال الخمس سنوات القادمة. وبخصوص هيكلة الحركة الجديدة قال الخطاب إنها تتكون من «مجلس إرشاد» يضم ثلاث لجن هي اللجنة السياسية واللجنة الإعلامية ولجنة المتابعة، ويتكون المجلس من أعضاء من داخل وخارج السجن، منهم حقوقيون وباحثون وإسلاميون سابقون. وحسب الخطاب، فإن الحركة الجديدة ليست ردا على وضعية الاعتقال «ولم نؤسسها لكي نغادر السجن»، بل «كنا نعمل فيها قبل اعتقالنا وأردناها استمرارا لجمعية الأقصى»، التي كان يرأسها الخطاب بمدينة سلا، وقال: «نحن نضع عليها اللمسات الأخيرة قبل أن نوجهها إلى جميع المسؤولين ونحن مستعدون للحوار من أجلها»، مضيفا أن هناك جهات «تحاول تفكيكنا وترك الأمور كما هي وإخراس أصواتنا، لكننا سنحاول إسماع صوتنا مهما كلفنا ذلك من ثمن»، ولم يستبعد الخطاب حسب تعبيره اللجوء إلى القضاء ومراسلة الدوائر الأجنبية «لكي ننال حقنا في الإعلان عن هذا التنظيم». وكشف الخطاب، الذي يوجد في زنزانة انفرادية بسجن القنيطرة، طبيعة المراجعات التي يقوم بها رفقة أفراد جماعته، لكنه قال إن المراجعات «لا تكون في الأصل، بل تكون في الأمور الفكرية وليس في التقعيد الشرعي، في الفروع وليس في الأصول»، وقارن بين التجربة المغربية والتجربة المصرية وقال إن «طبيعة أرض الكنانة ليست هي طبيعة أرض المغرب، فالوضع داخل مصر هو أن الإخوان حتى داخل السجن كانوا مرتبطين بحركة وتنظيم هيكلي لديه مشايخ وأمراء، بخلافنا نحن، حيث الجميع دخل في جمود وشلل فكري وعقدي وهناك تبرم من البعض تجاه البعض الآخر، فنحن إذن لسنا حركة وليس لنا تنظيم أصلا». وحول الموقف من القاعدة، التي يعتبر السلفيون الجهاديون أن تأييدها يحدد إيمانهم، قال زعيم أنصار المهدي: «عندما أقول إن هناك خلافا في السياسة الشرعية مع تنظيم القاعدة فهذا لا يعني أنني أختلف مع تنظيم القاعدة كليا، فقد أقف مثلا في يوم ما في وجه تنظيم القاعدة، ولا سيما في بلد مسلم، وأنا عندي قناعة بأن ذلك البلد لا يجوز قتاله، قد يكون بلدا مسلما وقد يكون بلدا أوروبيا ويعطي الأمان وفق الضوابط الشرعية لأحد الحكام المسلمين»، مضيفا أن تنظيم القاعدة يتكون من بشر «يصيبون ويخطئون وكل يؤخذ من رأيه ويرد»، أما بخصوص الموقف من الجهاد فتساءل الخطاب: «هل يجوز قتل المغاربة والمسلمين؟ وهل يمكن الآن أن نقاتل في هذه الظرفية؟ قد يكون القتال بعد خمسين سنة في المستقبل، لكن هذه حقيقة ينبغي أن تعلم، فلا يمكن مثلا أن يطلب منا أن نقول إن الجهاد غير موجود في الإسلام لكي نخرج من السجن، فهذه أمور صبيانية، نحن عندما نتكلم عن المراجعات نتكلم عن المراجعات الفكرية». وترافقت مراجعات الخطاب مع تلك التي يقوم بها المعتقل علي العلام، أحد المغاربة الأفغان الذي يقضي عقوبة بالسجن خمس سنوات ستنتهي بعد أسابيع قليلة، حيث أعلن أخيرا عن إنشاء حركة أطلقت على نفسها اسم «السلفية الحركية»، تمييزا لها عن السلفية الجهادية. وقال العلام في تصريحات خاصة ب«المساء» إن الهدف من اختيار هذه التسمية هو تأكيد إيمان السلفية الحركية بالعمل السياسي العلني والدعوة والإيمان بالخصوصية المغربية ورفض استهداف القاعدة للمغرب، وإن الحركة الجديدة ستضم أعضاء من داخل وخارج السجن وإسلاميين سابقين حتى من أولئك الذين لم يسبق أن اعتقلوا، مضيفا أن الحركة الجديدة سيتم الإعلان عنها قريبا. وردا على سؤال حول موقع مؤسسة إمارة المؤمنين في مراجعات حركته، قال العلام: «ليست لدينا مشكلة مع مؤسسة إمارة المؤمنين بل نحن معها ومع السلطة الدينية، لكن ليس على إطلاقها بل في إطار الحداثة والتطور، وليس بمفهوم المشيخة أو ولاية الفقيه للخميني».