كشفت مصادر مطلعة أن المسؤولين الأمنيين ما زالوا يتواصلون مع شيوخ السلفية الجهادية بحثا عن ضمانات يمكنها أن تحرك عجلة "الحوار"، التي ينتظر منه أن يقود تسوية ملف بعض المعتقلين. "" وأكدت المصادر أن لقاءا جمع، اخيرا، أمنيين مع الشيخ محمد الفيزازي، المحكوم ب 30 سنة سجنا نافذة، والموجود بسجن طنجة، وحسن الخطاب، زعيم خلية "أنصار المهدي"، والموجود في سجن القنيطرة، إلى جانب كريم الشادلي. وأبرزت المصادر أن الضمانات هي الحلقة التي تكمل سلسلة التفاهم بين الطرفين، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية تتخوف من تكرار سيناريو عبد الفتاح الرايدي، الذي فجر نفسه في مقهى للإنترنيت بسيدي مومن في الدارالبيضاء سنة 2007، بعد شهور من مغادرته السجن. وكانت سلسلة اللقاءات تجمدت، بعد اللقاء الأخير مع حسن الخطاب، زعيم خلية أنصار المهدي، الذي تكلف بأن يبلغ النيابة العامة بمبادرة "المناصحة والمصالحة"، وذلك نيابة عن المعتقلين الإسلاميين" بالسجون المغربية". والتمس أصحاب هذه المبادرة من كل القوى الحية في المجتمع المدني والأحزاب الحكومية والهيئات السياسية إسماع ندائهم وتفعيل المبادرة للحوار الهادف والرصين سيرا على تقلبات السياسة العالمية وإنهاء الصراع الداخلي. واعتبر أصحاب المبادرة نفسها أن من أهدافها "خلق التوازن من خلال فهم خصوصية كل عمل إسلامي ووجوب العمل على التنسيق من أجل مصلحة البلاد والعباد"، إضافة إلى "عدم احتكار العمل الدعوي عند فريق واحد، بحيث يصبح ينظر إلى الآخر على أنه ضلال وانحراف"، مقترحين تنظيم "مؤتمر سنوي، أو حسب المصلحة، لكل الحركات والتيارات تحت رعاية المؤسسة الرسمية والإدارة المركزية لخلق التوازن، ودرء الاحتقان الذي يولد التنافر والعنف، ووضع أرضية توافقية تشمل ثلاثة جوانب لا تتجزأ ولا ينفصل منها جانب عن الآخر. ودشنت الدولة حوارها مع بعض من يسمون "شيوخ السلفية الجهادية"، واستثني من الحوار الذين ثبت تورطهم في أعمال إرهابية. وبدأ الحوار مع محمد الحدوشي، المعتقل في سجن تطوان في الشمال المغربي. ويعد هذا أحد منظري الفكر السلفي الذي تشبع به عدد من المعتقلين في ملفات الإرهاب في المغرب. وجاءت هذه التطورات في وقت يفتخر المغرب بمواجهة موضوع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان بشجاعة نادرة في المنطقة، بإحداث "هيئة التحكيم المستقلة" ثم لاحقا "هيئة الإنصاف والمصالحة"، التي حققت في جرائم حقوق الإنسان المقترفة لنحو 43 سنة، وعرضتها على الرأي العام المحلي والأجنبي بكل جرأة ووضعت توصيات لجبر الضرر وتفادي عدم التكرار. ولقد كان إحداث "الهيئة المستقلة للتحكيم" أواخر تسعينات القرن الماضي أولى لبنات هذا المسار الشامل لطي ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق المصالحة الشاملة التي تصب في تعزيز الانتقال الديمقراطي، والإصلاحات السياسية والاجتماعية التي باشرها المغرب بكل ثقة وعزم متطلعا إلى المستقبل، إذ اشتغلت على مئات الملفات المعروضة عليها وأقرت تعويضات تفوق 94 مليون دولار (ما يقارب مليار درهم) لحوالى أربعة آلاف ضحية. وكانت عائلات معتقلي السلفية الجهادية في المغرب، الذين يقبع ألف منهم وراء القضبان، نظمت أخيرا، وقفة أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مدينة الرباط، بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاءت هذه الوقفة، التي دعت إليها جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، للمطالبة ب "فتح حوار جاد وجدي وإيجابي ومسؤول مع المعتقلين الإسلاميين الموجودين في السجون المغربية".