ظلت المفاوضات التي جمعت وزير الاتصال السابق نبيل بنعبد الله وإدارة قناة الجزيرة في قطر، والتي مهدت الطريق لفتح ثاني غرفة للأخبار في الرباط للقناة المشاكسة، غير معروفة. المنع الذي نزل كالماء البارد فوق رأس الجزيرة الأسبوع الماضي لأسباب غير معلنة، أعاد إلى الأذهان شروط الصفقة التي جرت بين الطرفين وكيف انتهى «الود» بعد 18 شهرا. كشف مصدر حكومي سابق أن نبيل بنعبدالله عن الحكومة المغربية تفاوض مع قناة الجزيرة في شخص رئيس مجلس إدارتها حمد بن تامر آل ثاني قبل 18 شهرا حول اتفاق يقضي بسماح الرباط بفتح غرفة أخبار ثانية في المغرب بعد الدوحة، مقابل التزام القناة القطرية بعدم الدعاية لجبهة البوليساريو أو الترويج لمشروع انفصالها، لأن ذلك يتعارض مع المصلحة العليا للبلاد، واعتماد التوازن والموضوعية في التعامل مع مشاكل المغرب والحديث عن الخطوات الإيجابية، كما السلبية، في بلاد في طور الانتقال، ثم احترام التعددية السياسية الموجودة في المغرب وإعطاء حق الظهور الإعلامي للجميع دون تحيز، في إشارة إلى عدم إعطاء الإسلاميين حيزا إعلاميا أكبر من غيرهم. وقال ذات المصدر، الذي تحفظ على الكشف عن اسمه، إن الجزيرة التزمت بهذه الشروط في البداية، قبل أن تعود إلى خرق بعضها نتيجة تدخل أطراف عديدة في الدوحة في عمل المكتب الذي يديره حسن الراشدي في الرباط. وتابع المصدر نفسه أن أخطاء الجزيرة تجاه المغرب يجب أن تعالج بالحوار لا بالمنع، وهذا ما اتجهت إليه وزارة الاتصال على عهد الوزير السابق نبيل بنعبد الله، الذي طلب من مكتب الجزيرة العمل ضمن شركة وطنية والالتزام بقوانين البلد ودفتر التحملات الذي تضعه «الهاكا»، لكن الذي حدث أن الملف ظل مجمدا في الهيئة العليا للإعلام السمعي-البصري لمدة أكثر من سنة لأسباب سياسية تتصل بانقسام أعضاء «الهاكا»، لأن بعض أعضائها تابع لأطراف أخرى خارج الهاكا. وقال مسؤول آخر في الحكومة المغربية إن هناك جهودا تبذل للوصول إلى اتفاق مع القناة القطرية، وإنه لا مصلحة للطرفين في تصعيد الموقف. الجزيرة أخطأت في مقاربتها لعدد من الموضوعات الحساسة بالمغرب، يقول ذات المصدر، نتيجة تعدد مصادر القرار في إدارتها، والرباط ارتكبت خطأ عندما أبقت عمل المكتب معلقا لا هو قانوني ولا هو غير ذلك. وفي كل الأحوال، المنع لم يعد وسيلة لإدارة الاختلاف بين الحكومات والقنوات الفضائية العالمية، لأن الجزيرة تستطيع أن ترحل إلى مدريد أو باريس وتتحول إلى عش لخصوم المغرب. وتساءل ذات المصدر عن مصلحة المغرب في إغلاق مكتب الجزيرة وعن الأسباب وراء تحميل الوزير السابق مسؤولية قرار الترخيص للجزيرة بدخول المغرب، لهذا وجب على الأطراف – يختم ذات المصدر- أن تعود إلى الحوار، وعلى الهاكا أن تتحمل مسؤوليتها وألا تترك أطرافا أخرى خارجها تتحكم في قراراتها. نشرة المغرب العربي لم تغضب فقط بعض الأوساط المحافظة في الرباط بل جرت على المغرب الكثير من الاحتجاجات الديبلوماسية من قبل تونس التي استدعت أكثر من مرة سفير الرباط في تونس العاصمة لتبلغه احتجاج نظام زين العابدين بنعلي على استضافة مكتب الجزيرة بالرباط لمعارضيه وعلى الحديث المتكرر عن خرق حقوق الإنسان في تونس. هذا، ويذكر أن اجتماع الهاكا أمس لم يحسم في أمر الترخيص لقناة الجزيرة حيث طلب بعض أعضاء الهيئة المزيد من الوقت لدراسة الملف وعدم الخضوع لضغط الحكومة أو إدارة القناة في الدوحة.