تسارعت الأحداث أمس في العاصمة اللبنانية، وسط الحديث عن احتمال تكرار نموذج غزة، في إشارة إلى اندلاع المواجهات المسلحة بين أتباع الحكومة والمعارضة. فقد أفاد مسؤول أمني، أمس الجمعة، أن الاشتباكات توقفت بشكل عام في بيروت بعد أن سيطر مقاتلو حزب الله على غرب العاصمة، وإن كانت أصوات الرصاص ما زالت تسمع بشكل متفرق في بعض المناطق. وعلاوة على طريق المطار التي ما تزال مقفلة بالكامل، مما أصاب الحركة الجوية بالشلل التام، وقام عمال مرفأ بيروت بالتوقف عن العمل. بينما تمت إعادة فتح طريق طرابلس بعد إغلاقها عدة ساعات، إضافة إلى إخلاء الطرق التي كانت مقفلة في منطقة البقاع، باستثناء طريق دمشق. وسجل المراقبون انتشارا قويا للجيش لحماية مقر الحكومة والبنك المركزي ومحيط إقامتي سعد الحريري ووليد جنبلاط، ولمراقبة أهم المحاور الطرقية للعاصمة. وبعد ما قامت عناصر «الحزب التقدمي الاشتراكي» بقيادة وليد جنبلاط بتسليم مقراتها لقوات الجيش اللبناني، أوقفت إذاعة وتلفزيون المستقبل بثهما ظهر أمس بعدما أصبحت بنايتهما محاصرة بعناصر حزب الله، كما أخلى أعضاء تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري مقراتهم في بيروتالغربية. ولم يشارك وليد جنبلاط، زعيم الحزب الاشتراكي التقدمي في اجتماع لقوى الموالاة في معراب، شمال شرق بيروت، حيث مقر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وقال النائب مصباح الأحدب الذي حضر هذا الاجتماع إن «سعد الحريري ووليد جنبلاط محاصران في منزليهما» في بيروت. من جانبه، قال الزعيم المسيحي المعارض، الجنرال ميشيل عون، أمس الجمعة، «سوف نعود اليوم إلى حياتنا العادية وطرقاتنا ستكون آمنة وكذلك مدينتنا (بيروت)، وسنتطلع إلى كيف سنبني لبنان مستقبلا». واعتبر الجنرال عون، حليف «حزب الله»، في تصريح صحفي، أن الأحداث التي تعرفها بيروت «أعادت القاطرة إلى السكة الصحيحة»، مطمئنا «كل الناس بأن أحدا لن يتم التعرض له، ولكن على مستوى المسؤولين فالبعض منهم معرض لتحمل مسؤوليته السياسية». وبينما اعتبرت سوريا أن ما يجري في لبنان هو شأن داخلي بين أبنائه، ودعت إلى حوار بين الفرقاء المتصارعين، طالبت السعودية ومصر بعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة في الأيام القريبة القادمة لبحث الوضع في لبنان. أما إسرائيل فقد ألقت مسؤولية ما يجري في بلاد الأرز على دمشق وطهران، فيما قالت إيران إن هذه الأزمة هي من تدبير واشنطن وتل أبيب. وكانت المواجهات قد اشتعلت الأربعاء المنصرم عندما تحول إضراب عمالي مطلبي إلى حركة عصيان مدني، وخلفت المواجهات 11 قتيلا وعشرات الجرحى. وكان الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أكد في مؤتمره الصحافي يوم الخميس أن لبنان بعد الجلسة المظلمة للحكومة غير الشرعية غير لبنان ما قبلها، واعتبر شبكة الاتصالات أهم سلاح للمقاومة في المعركة، ورأى أن قرار الحكومة في شأن الاتصالات هو إعلان حرب من حكومة وليد جنبلاط على المقاومة وسلاحها لمصلحة إسرائيل وامريكا، وقد كشف القرار حقيقة هذا الفريق، وهدف القرار هو الإيقاع بين الجيش والمقاومة والشعب، ودفع الجيش إلى مواجهة مباشرة مع المقاومة.