في هذا الحوار الذي يخص به أحمد زايد الصحفي بالقناة الثانية، يومية «المساء»، يتحدث عن الحلقة الجديدة من برنامجه «صفحات منسية»، ويرد على من يقولون عنه بقسم الأخبار في القناة الثانية أنه يعيش مرحلة انحسار في الانتاج، ويتحدث عن كل أولئك الذين غادروا قناة «عين السبع» من الصحفي هاشم أهل برا الذي سطع نجمه اليوم في قناة «الجزيرة بالإنجليزية»، وصولا إلى سمية المغراوي، ويتساءل إن كان كل هؤلاء الذين غادروا كسالى. - لم يسمع صوتك على أثير القناة الثانية منذ ما يقارب السنة، ما هو سبب هذا الغياب؟ < لم أغب سنة كاملة، فقد قمت بإنجاز الحلقة الأولى من برنامج «صفحات منسية»، قبل أقل من عام. وبسبب ظروف إمكانيات وتهييء، تأخرت الحلقة الثانية، التي ستبث اليوم الثلاثاء على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، وخصوصية برنامجي الجديد هي أنه برنامج وثائقي يتناول التاريخ الثقافي والتاريخ الحضاري للمغرب، وهو يبحث في الأشياء غير المعروفة في التاريخ المغربي. الحلقة الأولى مثلا تناولت فيها مسألة «اختطاف» مكتبة ملكية مغربية سعدية من طرف الإسبان منذ ما يقارب 400 عام ولا أحد يطالب بها، وهي تتوفر على 7000 مخطوط من كل أنواع المعرفة، فقررت أن أقول من خلال هذه الحلقة أن جزءا من الذاكرة المغربية موجود في إسبانيا. والحلقة الجديدة التي ستبث اليوم هي أيضا تسير في نفس الاتجاه وتتناول موضوعا لا يعرفه الكثيرون ويتعلق بالمصحف الشخصي للخليفة عثمان، المعروف ب«مصحف الإمام»، هذا المصحف كان معه دائما حتى عندما قتل، حيث لازالت صفحاته تحمل بقعا من دمه، على الآية الكريمة المعروفة «فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم»، وهو ما جعل البحث محموما من طرف الدول الإسلامية عن هذا المصحف للتبرك به، وأهمية هذا المصحف هي أنه المصحف الذي نسخت عنه المصاحف الثمانية بعد جمع القرآن الكريم، وقد اختفى هذا المصحف في عهد المرينيين. والحلقة الجديدة «لصفحات منسية» تبحث عن الطريق التي سلكها هذا المصحف، حيث وجدت أن جزءا من هذا المصحف موجود ب«سان بيترسبورغ»، وأن جزءا آخر موجود في «أزبكستان». - على علاقة ب«صفحات منسية»، ألا ترى أن توقيت البث على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا قد يقتل البرنامج؟ < شبكة البرامج في القناة الثانية تخضع إلى منطق معين، وهذا المنطق هو التالي: هناك نوع من البرامج يتجه إلى العامة والجمهور العريض والواسع، وتلامس اهتماماته، وهناك برامج تتوجه إلى الخاصة، أو المتخصصين، وسياسة البرمجة اعتبرت أن برنامج «صفحات منسية» يهم نوعا ما المتخصصين، وبالتالي لو كان برنامجا جماهيريا لكان سيبث على الساعة التاسعة أو العاشرة، ولكن بما أنه برنامج ثقافي موجه إلى «نخبة»، نوعا ما، فقد اختير له هذا التوقيت، لكن يعطى تفسير آخر وهو أن هذا البرنامج سيعاد بثه في أوقات الذروة، بحيث سيتم بثه خلال أيام في المساء، وسيعاد على الفضائية في العاشرة ليلا. - سأعود إلى نقطة غيابك عن الشاشة، فالعديد ممن ينتقذون أحمد زايد داخل قسم الأخبار يقولون إنه يعيش مرحلة انحصار في الانتاج والنشاط المهني، ما تعليقك على هذا الأمر؟ < هذا غريب، ولأول مرة أسمع هذا الكلام، وإذا كانوا يقولون هذا الأمر حقا فليعودوا إلى الأرشيف، لأنني لم أبدأ العمل في الصحافة البارحة فقد بدأت الاشتغال منذ 1994، وسيعرفون أن أحمد زايد كان مكلفا بتقديم أخبار الواحدة إلا ربع، وكان يقوم بإعداد الريبورتاجات وبإعداد برنامج شهري لمدة 7 سنوات، وأتحدى أي واحد ممن يقولون هذا الكلام أن يقوم بربع أو بنصف العمل الذي كنت أقوم به. هذا هو جوابي، وليس هذا مجرد كلام فقط لأنه لحسن الحظ لازال هناك أرشيف، وليقم من يقولون هذا الكلام باستطلاع للرأي ليعلموا ما يقوله الناس عن أحمد زايد وما يقولونه عن أشخاص آخرين. - بعيدا عما يقال داخل قسم الأخبار عن أحمد زايد، الأكيد أنه كانت هناك لحظة غياب غير مفهومة في مسارك منذ توقفك عن تقديم نشرات الأخبار؟ < أنا أفرق بين المشاكل الشخصية والمشاكل المهنية، فمثلا عندما تسألني عن سميرة سيطايل لا أتردد في أن أقول إنها كفأة لأنني شاهدت العديد من أعمالها وبرامجها وهي صحفية مهنية، وأحب سميرة كثيرا عندما تنتقل إلى العمل الميداني، أنا لا أخلط بين ما هو شخصي وما هو مهني. وكي ألخص هذا الأمر، فأنا أذكر العديد من الأشخاص داخل قسم الأخبار بلا مهنيتهم، هذا هو المشكل، ولذلك كان علي أن أنسحب. في النهاية من السهل أن تلفق للناس التهم وأن تقول إنهم كسالى ولا يريدون العمل، ولكن الأرشيف لازال موجودا ويمكن أن نعرف من الذي اشتغل أكثر. - سمعت أنك تعد دكتوراه في فرنسا، ما صحة هذا الخبر؟ < بالفعل وسيشرف عليها أستاذي رافائيل يوجلي، مدير «مرصد الديانات» ب«إكس أون بروفانس»، هذا المرصد الذي التحق به مؤخرا الأستاذ محمد الطوزي ويضم من بين أساتذته رشيد بنزين وأساتذة آخرون، وأستعين أيضا بخبرة البروفيسور الفرنسي المعروف «برونو إيتيان». - بغض النظر عما يقال، كيف ترى الوضع اليوم داخل القناة الثانية؟ < أنا في هذه المسائل لم يكن لدي أبدا خطابان متناقضان، وليست لدي لغة خشب ولا ألتف على اللغة وإنما أقول الأشياء كما هي، وهناك أشياء كثيرة داخل القناة تحققت وأخرى لم تتحقق، فمثلا قسم الأخبار هو مدرسة تعلمت فيها الكثير، وما زلت أحترم مجموعة من الناس داخل هذا القسم، وهو الآن ينتج برامج جيدة، وهذا شيء تحقق: برامج جيدة من حيث التناول، من حيث الإخراج، ومن حيث ملامستها لاهتمامات المواطنين، كما أن قسم البرامج ينتج الآن برامج جيدة جدا، وحتى لا نبخس الناس أشياءهم، فبرنامجي توفرت جميع الوسائل من أجل إنتاجه، يعني ذلك أنه لو لم تتوفر لي الإمكانيات لإنجاز هذا العمل ما كنت لأنجزه، وفي بعض الأحيان يتم توجيه انتقادات لاذعة إلى بعض البرامج وهي لازالت في بدايتها، فمثلا برنامج «الوجه الآخر» هو برنامج جيد ولازال في بدايته، وأنا أختلف مع من يقصفون البرامج في بداية طريقها، ويجب أن نمنحها الوقت لكي تظهر وتختمر، هناك أيضا برنامج «مباشرة معكم»، وهو برنامج جيد يلامس اهتمامات المواطن ومنتظم في البث... - وما هي الأشياء غير الجيدة؟ < هناك مشكل عدم التخصص وعدم التكوين بما يكفي في الموضوع، وهي تؤثر على المنتوج النهائي، وبالتالي هناك برامج غير جيدة. وهناك مشكل آخر في قسم الأخبار وهو أن العديد من الصحفيين لا يتم منحهم إطار الاشتغال وفضاء الاشتغال، وفي هذا الصدد أقول: يجب منح الصحفيين أولا إطار الاشتغال قبل الحكم عليهم، وهنا يمكن طرح سؤال من قبيل: «لماذا غادر العديد من الصحفيين القناة ولمعوا في قنوات أخرى؟ هل هم جميعا كسالى؟»، لماذا غادر هاشم أهل برا القناة وصار اليوم من أبرز المقدمين على قناة الجزيرة بالإنجليزية؟ يجب على من يتكلم ويحكم على الناس أن يمنحك أولا الإطار لتشتغل وليس أن يخنقك، وأنا اقترحت أربعة برامج في قسم الأخبار ولم تقبل، إذن وفروا لنا إطار الاشتغال واحكموا علينا فيما بعد. بالإضافة إلى هاشم أهل برا هناك العديد من الناس غادروا قسم الأخبار وغادروا القناة: سمية المغراوي، فتيحة أحباباز، محمد العمراني، مريم فراجي. هل نحن جميعا نعيش مرحلة انحسار في الانتاج، للإشارة فهذا الكلام يقال عن هؤلاء جميعا، وهنا أدعو إلى وقفة للتأمل.