في هذا الحوار نحاول التعرف مع أحمد أعياش، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، على دواعي الإصلاح االفلاحي والعوائق التي تواجهه والأعباء الملقاة على عاتق الفلاح المغربي في ظل الإصلاح المرتقب - تنعقد يوم غد الثلاثاء المناظرة الوطنية حول الفلاحة، حيث سيجري الإعلان عن السياسة الفلاحية الجديدة التي يفترض أن ينخرط فيها المغرب، ما هو تصوركم للإصلاح في الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية؟ < يجب أن نستحضر عند الحديث عن الإصلاح أن المغرب بلد فلاحي بامتياز، فالقطاع الفلاحي يلعب دورا أساسيا في الاقتصاد الوطني كونه يساهم ب%20 في الناتج الوطني الخام، ويشغل%50 من اليد العاملة على الصعيد الوطني ويوفر الشغل %80 من اليد العاملة في البادية. واليوم أصبح القطاع الفلاحي يعيش مشاكل خطيرة بسبب التحولات الاقتصادية العالمية والتغيرات المناخية التي أدت الى ارتفاع في الأثمان وإلى صعوبة تغطية الحاجيات من المواد الأساسية كالحبوب والحليب والزيوت. وطبعا كل هذا ينعكس على مدخول الفلاح الذي يعيش في حالة من القلق بسبب تردي وضعه الناجم عن قلة الأمطار وارتفاع ثمن وسائل الإنتاج. السؤال المطروح هو كيف يمكن معالجة هذا الوضع؟ للجواب عن هذا السؤال نعتقد أنه يجب التصدي لمعالجة عميقة وحقيقية للمشاكل الكبرى التي تم تشخيصها في عدة دراسات مع تحيينها على ضوء المستجدات مع ما تحمله من تحديات لمواجهة معضلة الجفاف ومشاكل العولمة في إطار هذه الشمولية تنبثق عنها تصاميم جهوية وبمشاركة حقيقية للفاعلين والمهنيين. - ما الذي يتوقعه الفلاح المغربي من الإصلاح الذي ينتظر أن يشرع فيه المغرب، في الشهور المقبلة على ضوء خارطة الطريق التي ستحددها دراسة مكتب الدراسات «ماكنزي»؟ < الفلاح المغربي كسائر المواطنين يتوخى من هذا الإصلاح تحسين مدخوله وإعادة الاعتبار لنشاطه ومهنته. يجب أن ندرك بأن أغلب الفلاحين لا يتقنون مزاولة شيء سوى مهنة الزراعة، ولا يمكن لهم بين عشية وضحاها أن يغيروا نشاطهم بسبب الإكراهات التي يعانون منها. وهذا يفرض علينا جميعا مساعدة هذه الشريحة التي لها وزنها في الاقتصاد الوطني، على إعادة الثقة في نفسها وفي المستقبل لمزاولة نشاطها في ظروف حسنة تضمن لها العيش الكريم وتحفزها على الاستقرار والمكوث في أرضها. وهذا لن يتأتى إلا من خلال الإصلاحات الواقعية للإكراهات التي تعيشها البادية وبمشاركة المعنيين بالأمر. - ما هي في تصوركم الأولويات التي يفترض أن ينصب عليها الإصلاح؟ < بطبيعة الحال هناك أولويات يجب التعاطي معها بسرعة، لكن يفترض أن تكون مبرمجة في اطار استراتيجية شمولية و مندمجة في أهداف محددة وأجندة مضبوطة . فالإصلاحات يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجهوية وانخراط الفاعلين المعنيين في إنجاز الإصلاح من أجل فلاحة مربحة ومنافسة قوية تقوم على إجراءات تهم قانونا ضريبيا مساعدا، وقانونا للشغل متكيفا مع العالم القروي، في نفس الوقت أن تقوم الإصلاحات على إرساء أسس تدبير محكم لندرة المياه، وإعادة هيكلة السلاسل الانتاجية وتنظيمها، وتقوية التنظيمات المهنية، وتنمية الانتاج، وتشجيع المنتوج المحلي، والاعتناء بجانب الجودة، وتقوية مسالك التسويق خاصة ما يتعلق بالمجازر وأسواق الجملة وتعاونيات الحبوب، وإعادة النظر في سياسة التمويل وسياسة البحث والتنمية، وكل هذا في إطار تصاميم تنموية جهوية، بمعنى آخر وباختصار، فلاحة الغد يجب أن تكون متعددة، متنوعة، نظيفة ومقتصدة للماء لكي تندرج في التنمية المستدامة. - ماهي المعيقات التي تراكمت على مدى العقود الأخيرة والتي حالت دون تطور القطاع الفلاحي المغربي؟. < إجمالا يمكن تلخيص معيقات القطاع الزراعي في أربعة محاور، ففي مقدمة الإكراهات نجد معضلة المناخ وندرة الموارد المائية، فكل المؤشرات تشير إلى مزيد من تفاقم الأوضاع ومزيد من المشاكل في المستقبل، وتتطلب مواجهة هذه المعضلة الكثير من الجرأة في أخذ القرارات وتطبيقها من أجل تدبير محكم ومعقلن. وقد تم تشخيص هذه الوضعية بالتفصيل وتم اقتراح حلول تخص طريقة الري ونوع المزروعات. وتبدو البنية العقارية التي تشير إلى صغر حجم الضيعات وتفتتها وتعدد القوانين، عائقا أساسيا لم نتمكن من تذليله رغم جميع الدراسات التي أنجزت في هذا المجال. ويمكن أن نعتبر وضعية العنصر البشري، أي الفلاح كمكون رئيس في المعادلة، كأحد العوائق بالنظر لضعف وسائل مواكبته للمستجدات في القطاع، إذ يجب أن يكون في مستوى التطور الذي يعرفه العالم من حيث المعرفة واستعداده لنقل التقنيات الجديدة داخل ضيعته وطبعا هذا يتطلب إنجاز برامج للتكوين والتأطير والإرشاد للرفع من مستوى معرفته. ولا أحتاج إلى التشديد على أن الظروف الاقتصادية التي يعيشها الفلاح يجب أن تكون مساعدة ومحفزة لمزاولة النشاط الزراعي. - ماهي الجهود التي يفترض أن يتحملها الفلاح في ظل الإصلاح المرتقب؟ < المجهود والعبء الذي سوف يتحمله الفلاح رهين بالآفاق والنتائج التي يتوخاها الإصلاح. والفلاح المغربي بطبعه خلاق ومبتكر ومعروف بمثابرته، لهذا يجب أن تعطى له الفرصة وتهيأ به الشروط المناسبة اقتصاديا لكي ينخرط في مسلسل الإصلاح ويواكب التطور على غرار ما وقع في بعض الدول التي كانت في وضعية أسوأ من الحالة التي نعيشها اليوم.