تشهد مختلف السجون التي يتواجد فيها معتقلو تيار السلفية الجهادية تحركات قوية منذ عملية الفرار الكبير للسجناء التسعة، بعد تشديد إدارات تلك السجون لإجراءات الحراسة والمراقبة، ودخول المعتقلين في مواجهات مع المسؤولين عن السجون للاحتجاج ضد تلك الإجراءات، مثلما حدث في سجن القنيطرة، حيث يرفض السجناء تفتيش زنازينهم في الساعة التاسعة صباحا من كل يوم حينما يكونون نائمين، وإغلاق المطبخ المشترك الذي كان يستعمله معتقلو السلفية في الجناح «ألف1» و«ألف2»، والذي أصبح يغلق من الثانية عشرة ظهرا إلى الثالثة بعد الزوال. كما يحتج السجناء على التطبيب الذي كانوا يستفيدون منه مرة كل أسبوع، فأصبح فقط مرة في الشهر، وتشديد القيود على الزوار الذين أصبحوا يتعرضون للتفتيش بشكل دقيق تخوفا من تسريب أشياء مشبوهة إلى داخل السجن، حيث أصبح يتم تفتيش السجناء والزوار لدى كل حصة للزيارة بشكل يشمل حتى ملابسهم الداخلية، كما تم إغلاق مسجد السجن ومنع الصلاة الجماعية وصلاة الجمعة. وقال مصدر مطلع إن إدارة السجن المدني بالقنيطرة أصبحت تتكون من أربعة مديرين منذ حادثة الفرار، الأمر الذي يجعل أي طلب للحوار مع الإدارة يواجه بالفشل بسبب رفض أولئك المديرين اتخاذ قرارات تنفيذية داخل السجن، حيث يؤكدون للمعتقلين أن القرار يوجد بيد الإدارة العامة للسجون وليس بيد الإدارة المباشرة في السجن. وفي سجن عكاشة بالدار البيضاء وسجن برشيدوالمحمدية مازال معتقلو السلفية الجهادية في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بإعادة محاكمتهم، وعلمت «المساء» بأن اثنين من معتقلي سجن المحمدية أوقفوا أول أمس إضرابهم بعدما أكملوا ستين يوما وتردت حالتهم الصحية من جراء الإضراب. كما يستمر حسن الخطاب، زعيم جماعة أنصار المهدي الموجود في سجن القنيطرة، منذ نقله من السجن المدني بسلا، في إضرابه عن الطعام الذي بدأه قبل أسابيع للمطالبة بإعادته إلى حي «ألف» أو حي «جيم» حيث يوجد معتقلو السلفية وإخراجه من حي «دال» مركز سجناء الحق العام. وقالت مصادر قريبة من معتقلي السلفية في سلا وطنجة والقنيطرة إن التنسيق جار بين المعتقلين المتواجدين في مختلف السجون للدخول في إضراب وطني شامل ومفتوح عن الطعام، لخوض معركة «إعادة المحاكمة». لكن أحد المعتقلين شكك في إمكانية نجاح تلك الحركة الجماعية، لأن غالبية المعتقلين، خصوصا في سجن سلا، معتقلون في إطار الاعتقال الاحتياطي وأغلبهم قضى أكثر من عام رهن الاعتقال، ويتخوفون من أن يؤثر الإضراب عليهم. وقال: «هناك معتقلون لا يريدون المغامرة لصالح معتقلين محكومين بالمؤبد أو بالإعدام، حيث يرون أنه لم يبق لهم إلا القليل لمغادرة السجن». وقال عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية «النصير» لمساندة المعتقلين السلفيين في تصريحات ل«المساء»، إنه يخشى أن يختار الفارون التسعة الخيار الذي وقع فيه عبد الفتاح الرايضي، الذي فجر نفسه في مارس 2007 في محل للأنترنت بالدار البيضاء، حتى لا يقعوا في قبضة رجال الأمن مرة ثانية. وأضاف مهتاد أن المعالجة الإعلامية لموضوع الفرار لم تترك لهؤلاء «الأمل في مراجعة قرارهم».