فتح النائب العام للجمهورية لدى محكمة باريس العليا تحقيقا ضد مجهول بتهمة الإخلال بسرية التحقيق في قضية اختطاف المعارض المغربي المهدي بنبركة عام 1965، وذلك إثر كشف قناة «فرانس3» الفرنسية في نهاية أكتوبر 2007 عن وجود مذكرات دولية باعتقال خمسة مسؤولين مغاربة بينهم الجنرالان حسني بنسليمان وعبد الحق القادري، في إطار قضية بنبركة. وجاء طلب فتح التحقيق على إثر مخابرة قضائية ضد مجهول في 25 فبراير 2008، بعد شكوى تقدم بها ميلود التونزي قبل أشهر، والذي ورد اسمه بين المطلوبين الخمسة في مذكرات القاضي الفرنسي باتريك راماييل، المكلف بالتحقيق في ملف اختطاف المعارض المغربي الاشتراكي الشهير. وقال مصدر مقرب من دفاع التونزي: «إنه إجراء مهم جدا، ففي حال نجاحه سوف يصبح تنفيذ المذكرات الخمس مستحيلا بسبب وجود خلل فادح في الشكل». أما جوزيف توال، الصحافي الفرنسي، الذي يشتغل على ملف بنبركة منذ وقت طويل والذي كشف عن خبر تلك المذكرات الخمس، فقد علق بطريقة أقرب إلى السخرية: «إذا تم استدعائي من قبل المحكمة فسأطلب مواجهة التونزي، وهذا سيسمح لي أخيرا برؤيته في باريس»، مضيفا: «إنني أستغرب أن تتم معاتبتي بسبب عملي وبسبب الوصول إلى المعلومات قبل الآخرين، نادرا ما رأيت أشخاصا فارين من العدالة يشتكون بسبب إخبارهم بذلك، وأنا أتساءل: هل هناك رغبة في إرضاء بعض المجرمين المغاربة المتورطين في ملف اغتيال بنبركة». وتعود الوقائع إلى أكتوبر 2007، عندما قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بزيارة المغرب، حيث بثت قناة «فرانس3» تحقيقا مثيرا عن قضية المهدي بنبركة، أعلنت فيه أن القاضي الفرنسي باتريك راماييل، المكلف بالملف، أصدر خمس مذكرات توقيف في حق خمسة مسؤولين أمنيين مغاربة، بينهم الجنرالان بنسليمان والقادري. إثر ذلك نشر ميلود التونزي، الوارد اسمه ضمن المطلوبين الخمسة، بلاغا رسميا صرح فيه بأنه تلقى مكالمة هاتفية من جوزيف توال، صاحب التحقيق، قبل يومين من بث هذا الأخير على قناة فرانس 3. وحسب التونزي، فإن الصحافي الفرنسي أخبر رجل الأمن المغربي الأسبق بأن هناك مذكرة توقيف ضده سوف تصدر خلال 24 ساعة المقبلة، لكن كيف عرف ذلك؟ وهل يمكن الوثوق به؟ كل هذا بقي لغزا معلقا. مصادر مختلفة أكدت أن التونزي تحدث مع توال في مكالمة هاتفية، وقرر بعد شهر من ذلك، أي في نوفمبر 2007، رفع دعوى رسمية بخرق سرية التحقيق ضد جوزيف توال. وفي 25 فبراير 2008، رفعت دعوى قضائية ضد مجهول بدعوى المساس بسرية التحقيق. واليوم يفتح النائب العام للجمهورية لدى محكمة باريس العليا تحقيقا لتحديد من المسؤول عن هذه التسريبات في ملف حساس مثل ملف المهدي بنبركة. ويبقى التساؤل مطروحا: «ما قيمة مذكرات التوقيف الخمس اليوم؟ ففي آخر بيان لها، لم تنف النيابة العامة الفرنسية وجود هذه المذكرات التي حاول العديد من المسؤولين المغاربة معرفة حقيقتها خلال زيارة ساركوزي للمغرب. أما خالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، فقد صرح وقتها بأنه ليس من حق قاض «أن يمارس السياسة لأن هذا يقلل من مصداقية ما يقوم به». وبينما تسير كل المعطيات في اتجاه تعزيز الاعتقاد بأن القاضي الفرنسي راماييل هو من سرب خبر تلك المذكرات، يراهن المغرب على وجود خطأ في الشكل لإفراغ تلك المذكرات من قيمتها.