ارتدت التحريات التي يقوم بها القاضي الفرنسي باتريك رمائيل في ملف اختطاف المعارض المغربي المهدي بن بركة واغتياله عام 1965، أبعاداً قانونية وسياسية وإعلامية، في ضوء قرار المدعي العام لدى المحكمة العليا الفرنسية «فتح تحقيق قضائي ضد مجهول» حول الإخلال بسرية التحقيق، في إشارة إلى ورود أسماء مطلوبين مغاربة، مدنيين وعسكريين، لتقديم إفادات في الموضوع. "" وجاء قرار المدعي العام الفرنسي بعد أن قدّم الضابط السابق في الاستخبارات المغربية ميلود التونزي شكوى في 13 نونبر الماضي الى القضاء الفرنسي حول ورود اسمه ضمن قائمة المطلوبين، خصوصاً ان قاضي التحقيق الفرنسي المكلف التحقيق لم يستدعه، في حين أن صحافياً فرنسياً قدّمه بصفة انه المدبر الرئيسي لعملية الاختطاف والاغتيال. وأفاد بيان صدر عن محاميي التونزي الفرنسي فيليب كليمنو والمغربي حميد الاندلسي، أن التحقيق في تسريب معلومات سرية عُهد إلى السيدة ناتالي دوتانز عميدة قضاة التحقيق، وأنه يهدف إلى كشف ملابسات تواطؤ محتمل يتعلق بسرية التحقيق. يُذكر أن القاضي باتريك رمائيل أصدر مذكرة بجلب مطلوبين في مقدمهم ميلود التونزي والجنرال حسني بن سليمان، قائد الدرك الملكي، والجنرال عبدالحق القادري المدير السابق للاستخبارات الخارجية، والضابط عبدالحق العشعاشي المسؤول السابق في ديوان مدير الشرطة أحمد الدليمي، إضافة إلى آخرين. وكان يُفترض في ضوء مسطرة الإنابة القضائية التي يضبطها اتفاق بين المغرب وفرنسا، الاستماع إلى إفادات الشهود في ملف اختفاء المهدي بن بركة، إلا ان ذلك لم يحدث بسبب ما يصفه المغاربة بسلوك القاضي رمائيل الذي كان زار المغرب بهوية «مزارع» وليس بصفته القانونية. وكانت محكمة فرنسية أصدرت أحكاماً بإدانة مسؤولين مغاربة وفرنسيين في صيف 1967، من بينهم الجنرال محمد أوفقير وزير الداخلية وقتذاك الذي دين بالسجن مدى الحياة، لكنها برأت مدير الشرطة أحمد الدليمي. ولم يرد في الأحكام اسم الضابط ميلود التونزي، بل صدر حكم بالسجن مدى الحياة ضد شخص يُعرف ب «العربي الشتوكي» الذي يُعتقد أنه اسم مستعار لأحد الضباط. غير أن كتاباً يحمل عنوان «الصلة المغربية» صدر لصحافي اسرائيلي كان يتعاون من «الموساد» تضمن معلومات تفيد أن الجنرال الدليمي قتل المعارض بن بركة عبر غطس رأسه في الماء بعد يوم واحد من خطفه في التاسع والعشرين من اكتوبر 1965 في باريس. وتعددت الروايات حول ظروف اغتياله من دون أن يتم العثور على جثمانه إلى اليوم.