سيدي القاضي الأول: أطالبك سيدي بالتفضل علي ببضع دقائق من وقتكم الغالي وأعرف جيدا أن الملفات كثيرة فوق طاولتكم، وأتصور أن ملفي الذي أنا بصدد عرضه عليكم، والذي هو في بداية المطاف ونهايته ملف شعب بأكمله، هو ضمن قائمة الاهتمامات لكنه ليس ضمن قائمة الأولويات، ولأني أسمع كثيرا عن طَيْبُوبتكم وعدْلكم فإني انتظر أن تزلزل حروفي أعماق وجدانكم... لا أدري سيدي إن بلغ إلى علمكم بأن الرياضيين في بَلدِكُم قد ضاقت بهم سبل العيش والتنفس في رياضة أقل ما يقال عنها أنها متعفنة.. رياضيوكم ياسيدي يبحثون عن شيء من الكرامة، كلهم يرغبون ويحلمون بالهروب والرحيل، لم يقووا على تحمل كل هذه الهموم وكرهوا التعامل مع مسؤولين يبدعون في التهام حقوقهم نصبا وغصبا اغتيالا واحتيالا. كلنا يا سيدي مختنقون في هذه الأجواء الرياضية التي تحضر فيها الفوضى ويغيب القانون مع ابن عمه النظام. سيدي القاضي الأول: حين يصبح الوطن جحيما لا يطاق من الطبيعي جدا أن تظهر الهجرة كخلاص.. لم يعد البلد يا سيدي يسع طموحاتنا، لقد جعل مسؤولونا الرياضيون هذا الوطن يتسع لبعضهم ويضيق على غالبيتنا، شيئا فشيا يدفعوننا بذكاء باتجاه الباب .. باتجاه الرحيل، هناك للأسف من لا يطرق الحظ بابه فتعانده السفارات وتخاصمه التأشيرات، فيمكث هنا حيث يشهد الجميع وفي صمت احتضار مواهبه، أما من ناداه الخارج فقد هاجر مصدوما وعليه بعد ذلك أن يكابد مرارة وحرقة الغربة.. قد يدفعوننا للرحيل.. للتغرب وقد يدفعوا ببعضنا إلى تغيير أوراقه الرسمية وجواز سفره وملامحه، وقد يدفعوا بكثير منا إلى القسم بأغلظ الأيمان بعدم الرجوع، قد يفعلوا كل هذا وأكثر من هذا لكنهم غير قادرين على أن يجعلونا نغير فصيلة دمنا ونبضات قلوبنا التي ترتعد وترتجف حبا في هذا الوطن. سيدي القاضي الأول: بالعين المجردة يمكن لكم ولأي كان أن يرى حجم الفساد الكروي في عهد إخواننا الحاليين، فالأجواء تسودها العتمة والمستقبل يلفه الغموض.. والرؤوس الكبيرة سيدي هي تلك النار التي تصلى بها رياضتنا وكرتنا على وجه التحديد، لقد تعبنا يا سيدي من استراتيجياتهم المبهمة وتأهيلهم المعاق، إنهم يعترفون بالفشل ويصرون على تحدي الجميع بالاستمرار في الفشل. النظام التعليمي يسمح لكل من فشل ورسب أن يكرر سنته الدراسية، وإذا استمر في معانقة الإخفاق تمنحه فرصة أخرى وأخيرة، وبعدها يكون عليه وهو يغادر باب المدرسة بلا رجعة، أن يعترف قبل أساتذته بأنه كسول وأنه لم يخلق للمدرسة ولا المدرسة خلقت له وأن هذا المكان ليس مكانه الطبيعي.. لكن الذي رأيته وعاينته يا سيدي في عالم الكرة على الخصوص، أن الكسالى الفاشلين لا يقوى أحدهم على طردهم من مدرسة الكرة بل هم الذين يطردون الأساتذة والمدراء الحقيقيين.. ويا ويل من يتكلم أو حتى يتجرأ بالهمس... سيدي القاضي الأول: أفكار كثيرة تتنازع دواخلي تجعل الهم ملازما لي لا يتركني ولو لحظة.. لا يمكن يا سيدي أن يكون المغرب غير قادر على إنجاب مسؤولين ومُدبّرين في المستوى.. والله إنهم موجودون.. والله إن الكفاءة موجودة لكن إخواننا الحاليين «عاملين الباراج». ننتظر منكم يا سيدي أن تجددوا أيام رياضتنا، أن تنتشلوها من الغرق أن تنتشلوها ممن ينشلها ويفرغها من حليبها، ننتظر منكم أن تقطعوا الجدر المسوس من أساسه، نريدكم أن تستجيبوا لنبض الشارع الذي يحبكم ويقدر مجهوداتكم أبعدوا عن عالمنا كل هؤلاء «المخلوضين» اطردوا كل هؤلاء الكسالى من مدرستنا إنهم يا سيدي يجثمون على صدورنا، أناشدكم أنتم الذين تحملون مشعل التغيير وتقودون معركة التنظيم، ترشون ملف رياضتنا بأوكسجين التغيير مثل ما فعلتم في ملفات أخرى في قطاعات أخرى، في يدكم الكثير من قارورات التغيير سنكون لكم ممنونين إن أنتم رششتم أجواء رياضتنا بربع قارورة فقط. والله يا سيدي إني أتمنى قبل دفني أن أحضر دفن صفحات هذا التسيير الفوضوي.. الأمل فيكم كبير بعد رب العالمين. حمى الله وطننا يا سيدي من كل مكروه...