تضاربت الأنباء بشأن تسبب أجهزة الإرسال اللاسلكي للهاتف النقال، والتي تثبتها شركات الاتصالات فوق بعض البنايات والمنازل، في مجموعة من الأمراض المزمنة، خاصة السرطان. ففي الوقت الذي أكدت فيه مصادر طبية أن الدراسات المنجزة في عدد من البلدان الأوربية وأمريكا تشير إلى أن هذا النوع من الأجهزة يتسبب في تأثيرات جسيمة على الإنسان، خاصة على مستوى الأعضاء التي تتعامل بالدبدبات والخلايا العصبية، نفت مصادر من اتصالات المغرب أن يكون لأجهزة الإرسال اللاسلكي للهاتف النقال أي تأثير على المواطنين، مؤكدة أن دراسات أنجزت على صعيد دولي لم تشر إلى أي أعراض جانبية في هذا المجال. إلى ذلك، قال الدكتور محمد شقيق، أخصائي في جراحة الدماغ والأعصاب، إنه ليس هناك شيء مؤكد في هذا المجال، وأضاف أن ليس هناك دراسة تقدم معلومات دقيقة عن الموضوع، وأردف قائلا: «يمكن أن تكون هناك مضاعفات ولكن ليست هناك معلومات مضبوطة في هذا الإطار». من جهته، قال مسؤول بإدارة اتصالات المغرب إن ما يروج عن تأثير أجهزة الإرسال اللاسلكي للهاتف النقال هو مجرد إشاعات. وأضاف أن الاتحاد الدولي للاتصالات حسم هذه المسألة، وأكد أنه ليست هناك أية أعراض جانبية لهذا النوع من الأجهزة، وأردف قائلا: «في بعض الأحيان يكون النزاع بدافع الغيرة من تثبيت الجهاز في عمارة دون أخرى، نظرا للسومة الكرائية التي تكون مرتفعة، وهذا ما يؤجج الصراع بين الناس». وأوضح المصدر ذاته أن عملية تثبيت أجهزة الإرسال تسند إلى شركات خاصة تعمل عن طريق تقنية GPRS على تحديد المناطق التي يمكن أن يثبت فيها هذا النوع من الأجهزة بترخيص من السلطات المحلية، وبعدها تدخل في مفاوضات مع صاحب المنزل أو الملك الذي سيثبت فيه الجهاز. وأكد المصدر ذاته أن الاتفاق مع صاحب الملك يكون عن طريق إبرام عقدة محددة يتسلم على إثرها مبلغا ماليا يتراوح ما بين 20 ألفا و100 ألف درهم، بالإضافة على سومة كرائية شهرية تتراوح ما بين 3000 و10000 درهم في الشهر، مشيرا إلى أن تحديد التعويض يتفاوت حسب الأحياء والمناطق القروية والمدن، وأكد أن هذه العقد غالبا ما تكون لمدد طويلة بالنظر إلى صعوبة نقل الجهاز بعد تثبيته. وفي هذا السياق، يخوض مجموعة من السكان في مدن مختلفة وقفات متكررة، احتجاجا على تثبيت أجهزة الإرسال اللاسلكي للهاتف النقال فوق سطوح بعض العمارات. واتخذت جميع هذه الوقفات، التي نظمت أساسا في بعض أحياء مدينة الدارالبيضاءوالرباط وسلا، عنونا واحدا: هو الخوف من تأثيرات أجهزة الإرسال، التي يروج أنها تتسبب في أمراض مزمنة، خاصة السرطان. وتبعا لذلك، خاض أزيد من 200 شخص من ساكنة شارع «ألف» بالحي المحمدي بالدارالبيضاء وقفة احتجاجية كبرى ضد تثبيت جهاز الإرسال فوق سطح أحد المنازل، وهي الاحتجاجات التي لم تمنع تثبيت الجهاز صبيحة يوم السبت الماضي بناء على قرار من الوكيل العام للملك، حسب ما روجت لذلك عناصر السلطة لتفريق السكان المحتجين، حيث تم اعتقال خمسة أشخاص، أخلي سبيلهم بعدما أنجزت لهم محاضر. وشهدت أحياء أخرى بالعاصمة الاقتصادية، وخصوصا حي سيدي عثمان وعين السبع، احتجاجات ضد تثبيت أجهزة الإرسال اللاسلكي للهاتف النقال فوق سطوح بعض المنازل، كما احتج حوالي 100 مواطن على تثبيت جهاز الإرسال فوق سطح إحدى الفيلات الكائنة بشارع الصنوبر بحي الرياضبالرباط، حيث راسل المشتكون رئيس مقاطعة حي الرياض ووكيل الملك ووالي الرباط، الذي راسل بدوره وزير الداخلية للنظر في شكوى السكان المتضررين. وكان جواب وزارة الداخلية هو أن «دفتر التحملات الخاص بحقوق الامتياز المتعلق بالرخصة الثانية عن الهاتف النقال لا تنص على ترخيص مسبق لإقامة هذه المحطات، وعليه فإن الأمر لا يخلو من أن هذه المحطات قد بنيت إما على ملك عمومي أو على ملك خاص». وأضافت الرسالة الجوابية لوزارة الداخلية أنه «إذا تعلق الأمر بالحالة الأولى، أي بناء المحطة فوق الملك العمومي، فإن احتلال الملك يجب أن يتم وفق القوانين والنظم المعمول بها في هذا الشأن، وإذا كانت هذه المحطات قد بنيت على ملك خاص فإنه على المتضررين من ذلك أن يتوجهوا إلى القضاء للمطالبة بالتعويض متى ثبت أن هناك فعلا ضررا خاصا من جراء بناء تلك المحطات على ممتلكاتهم».