تحول اجتماع للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب أول أمس إلى مساءلة لكريم غلاب، وزير النقل والتجهيز، حول مشروع القطار فائق السرعة (تي جي في) الذي من المنتظر أن تبدأ الأشغال فيه خلال العام المقبل، على أن يتم الشروع الأولي في استخدامه سنة 2013. وتساءل خالد الحريري، باسم الفريق الاشتراكي المشارك في الحكومة والذي دعا إلى اللقاء، عما إذا كان هذا المشروع يدخل ضمن أولويات السياسة العمومية، مشيرا إلى أن كلفة المشروع المرتفعة، والتي تصل إلى 20 مليار درهم فقط للخط الرابط بين طنجة والبيضاء، تطرح تساؤلا حول ما إذا كان من الأفضل توجيه الاستثمار على قطاعات أساسية كالنقل الحضري، حيث «يعاني ملايين المغاربة يوميا في المدن الكبرى من انعدام النقل الحضري في مستوى لائق»، إضافة إلى مشاكل النقل في محيط المدن، والنقل بين المدن، كما تساءل الحريري عما إذا كان من الأولى «تحسين أداء القطار العادي، من حيث تثنية الخطوط، تجديد القطارات، الكهربة وضبط الوقت». لكن لحسن الداودي ذهب أبعد من ذلك في انتقاداته للحكومة، حيث أكد أن التعامل مباشرة مع الجمهورية الفرنسية دون اللجوء إلى طلب عروض ينفي عن الصفقة طابع الشفافية، وقال الداودي مخاطبا غلاب: «كثير من السفراء الأجانب الذين نلتقيهم يشتكون كيف يعطي المغرب الأفضلية دائما لفرنسا في الصفقات»، وانتقد الداودي تصريحات كريم غلاب الذي برر الاتفاق المباشر مع فرنسا بكونها تتوفر على الخبرة، وأن الاتفاق يعزز العلاقات معها باعتبارها تدعم مواقف المغرب، حيث قال الداودي: «لا يجب أن تكون الصفقة سياسية، بل يجب فتح طلب عروض، وإذا كان العرض الفرنسي أفضل فيمكنها الحصول على الصفقة». وذهب الداودي إلى حد التلميح بأن الصفقة لم تكن نتاج تفكير مغربي، وقال: «هذا المشروع لم يكن مدرجا في التصريح الحكومي، فكيف فكرتم بين عشية وضحاها في هذا المشروع». وكان الداودي يلمح إلى أن الصفقة جاءت لإرضاء فرنسا بعد إلغاء صفقة بيع طائرات «رافال» الحربية للمغرب. ومن جهته، انتقد البرلماني ورجل الأعمال ميلود الشعبي، من حزب التقدم والاشتراكية، لجوء الحكومة إلى اتفاق مباشر مع فرنسا، وقال: «صحيح أن الفرنسيين هم أول من بدأ باستخدام «تي جي في» لكن اليابان هي الأفضل اليوم في هذا المجال وكان يجب اللجوء إلى طلب العروض»، وقال إن الفرنسيين «يعتبرون المغرب جزءا من مستعمراتهم»، مضيفا أن رئيس الوزراء الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال زيارته الأخيرة للمغرب، انتقد بوضوح الفرنسيين الذين يغضبون (مثل الأطفال كما قال الشعبي) كلما لم يتم تفويت صفقة لهم في المغرب. وأكد الشعبي أن ساركوزي قال لهم إن المغرب بلد ذو سيادة وليس مستعمرة. من جهته، شدد كريم غلاب على أن مشروع القطار فائق السرعة تمت الإشارة إليه في التصريح الحكومي، وأن دراسات الجدوى بخصوص هذا المشروع أظهرت أنه مفيد للمغرب من الناحية الاقتصادية، وبخصوص اختيار فرنسا قال الوزير إنها تتوفر على التقنيات والخبراء في هذا المجال، وأنه «لولا القنوات الدبلوماسية لما قبلت الشركات الفرنسية التعامل مع المغرب في هذا المجال»، وقال الوزير إن فرنسا ستمول 50 في المائة من المشروع بمبلغ مليار و800 مليون أورو، فيما سيموله البنك الأوربي بمبلغ 300 مليون أورو، والاتحاد الأوربي سيمنح هبة في إطار مشروع ميدا بقيمة 100 مليون درهم، و500 مليون درهم ستمولها خزينة الدولة. وقال الوزير إن 40 في المائة من التمويل الفرنسي عبارة عن هبة من فرنسا أي ما قيمته 4 ملايير درهم. وأكد الوزير أن الفرنسيين التزموا بأن تكون كلفة المشروع في مستوى نفس الأثمنة على المستوى العالمي. وقال: «مثل هذه المشاريع تعزز الشراكة والعلاقات مع شريك يساند المغرب في القضية الوطنية». وقال الوزير ل«المساء» إن القطار فائق السرعة سيكون في متناول جميع المغاربة بأثمنة معقولة ابتداء من 2013.