يستفاد من بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط أن توزيع الدعم، الذي توجهه الدولة إلى الفقراء، لم يؤت النتائج المتوخاة منه، حيث لم يستفد منه سوى الأغنياء، ف20 في المائة من الأسر الغنية تحصل على 40 في المائة من الدعم الغذائي وتحصل على 50 في المائة من المساعدة المخصصة لدعم التعليم في جميع مستوياته. وقد أوضحت الدراسة، التي عرضت نتائجها المندوبية السامية للتخطيط أول أمس الخميس بالرباط تحت عنوان «الاستهداف الجغرافي للفقر من أجل توزيع أنجع للموارد المخصصة لمحاربة الفقر»، أن 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى تستفيد من حصة تفوق 40 في المائة من الدعم الغذائي الموجه لاستهلاك دقيق القمح الطري أو دقيق السكر أو زيت المائدة، فيما لا تتجاوز حصة 20 في المائة من الأسر الأكثر فقرا من هذه المواد الغذائية على التوالي 6.1 في المائة و9.3 في المائة و6.3 في المائة. نفس الفوارق تلاحظ في توزيع الدعم العمومي للتعليم والتكوين، حسب بحث المندوبية، الذي استند إلى معطيات خارطة الفقر بالمغرب والدراسة حول نفقات الأسر المغربية لسنة2001، حيث ترتفع حصة 20 في المائة من الأسر الأكثر غنى إلى 16.8 في المائة في السلك الأول و30.7 في المائة في السلك الثاني من التعليم الأساسي و48.1 في المائة في الثانوي و58.6 في المائة في التعليم العالي، في حين تنحصر حصة 20 في المائة من الأسر الفقيرة على التوالي في 19.1 في المائة و9.6 في المائة و4.8 في المائة و3.2 في المائة. يتجلى من خلال هذه الأرقام التي أوردتها الدراسة أن الموارد الموزعة عن طريق التمويل الجزافي الذي يساوي بين الفقراء والأغنياء، بالرغم من أهميتها، لم تحقق النتائج المرجوة، بخصوص تقليص الفقر بصفة عامة والفقر البشري بصفة خاصة، غير أن المندوبية السامية للتخطيط تعتقد أنه يمكن الاستعاضة عن التوزيع الجزافي الذي يتسفيد منه الفقراء والأغنياء، على حد سواء، بمقاربة جديدة تقوم على استهداف الفقراء مباشرة بالدعم، استنادا إلى خارطة الفقر، بحيث يوجه الدعم إلى الفقراء مباشرة في الأقاليم والجماعات والأحياء والدواوير. وترى الدراسة أن الاستهداف الجغرافي المقترح، عبر تحويل الموارد المالية وتوزيعها مباشرة على الفقراء، سيمكن من تقليص معدل الفقر في الوسط الحضري ب37 في المائة وفي الوسط القروي ب22 في المائة. في نفس الوقت سيفضي هذا الشكل من الاستهداف إلى تقليص الفقر على مستوى الدواوير والأحياء على التوالي ب53 في المائة و23 في المائة. وسيفضي التوزيع الذي تميل إليه الدراسة إلى الاقتصاد في الموارد المالية، ذلك أن توزيع الموارد عبر الاستهداف المباشر للفقراء سيمكن من تقليص حجم الموارد بأكثر من الثلثين في الوسط الحضري وبأكثر من الثلث في الوسط القروي، في نفس الوقت سيسمح الاستهداف، حسب مناطق الإحصاء، بتحقيق اقتصاد هائل في الموارد بما يعادل ثلاثة أرباع كلفة التحويل الجزافي الحالي سواء في الوسط القروي ب72.3 في المائة أو الوسط الحضري ب77 في المائة.