في ظل النقاش الدائر في المغرب حول القدرة الشرائية وما يواكبه من احتجاجات حول مستوى المعيشة، يخلص بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط إلى أن استهلاك ونفقات الأسر المغربية، شهدا تحسنا على مدى الست سنوات الأخيرة، وإن كانت الفوارق بين نفقات الأسر الأكثر ثراء والأكثر فقرا ما زالت شاسعة، بل إن منجزي البحث انتهوا إلى أن مستويات الفقر والهشاشة تراجعت في المغرب. تلك هي أهم الخلاصات التي توصل إليها البحث الوطني حول مستويات معيشة الأسر المغربية، الذي هم 7200 أسرة في مجموع التراب الوطني. تشير نتائج البحث الوطني، التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط أول أمس الأربعاء بالرباط، إلى أن متوسط النفقة السنوية للفرد بلغ في المغرب 11222 درهما في سنة 2007، مقابل 8280 درهما في سنة 2001، أي بزيادة بنسبة 2.3 في المائة، غير أن هذا الرقم لا يعكس التباين بين في نفقات الأفراد بين الوسطين الحضري والقروي، حيث تصل نفقات الفرد السنوية في المدن إلى 13894 درهما، مقابل 10642 درهما في 2001، مسجلة نموا بنسبة 4.5 في المائة، بينما انتقلت تلك النفقة في الوسط القروي من 5288 درهما إلى 7752 درهما، أي بزيادة بنسبة 6.5 في المائة. وتبرز بنية النفقات مواصلة تلك التي توجه للتغذية في احتلال المرتبة الأولى، وإن تراجعت نسبيا، حيث تمثل 40.6 في المائة من مجموع النفقات، مقابل 41.3 في المائة قبل ست سنوات، في نفس الوقت أصبحت الأسر المغربية توجه نفقاتها بشكل أكبر للسكن والطاقة التي تمثل 20.3 في المائة، ونفقات التنقل والمواصلات التي تتبوأ المرتبة الثالثة ب 11.7 في المائة، حيث ارتفعت ب112 في المائة، متبوعة بنفقات الوقاية والعلاجات الطبية ب7.2 في المائة ونفقات التعليم والثقافة ب4.4 في المائة، ونفقات التجهيزات المنزلية ب3.6 في المائة ونفقات اللباس ب3.3 في المائة. وانتقلت نفقات الأسر المخصصة للمنتوجات الغذائية بين 2001 و2007، من 3418 درهما إلى 4553 درهما، وقفزت تلك المخصصة للنقل والمواصلات من 617 درهما إلى 1311 درهما، ومرت النفقات الموجهة للسكن والطاقة من 1830 درهما إلى 2279 درهما وتلك المرصودة للتعليم والثقافة من 300 درهم إلى 491 درهما. و تتجه حصة النفقة الغذائية المخصصة للمواد التقليدية المستهلكة من طرف المغاربة كالحبوب والمواد السكرية نحو الانخفاض، منتقلة من25 في المائة سنة 2001 إلى 22 في المائة سنة 2007، بينما تتسع مساحة النفقات الموجهة للحوم والسمك ومواد الحليب التي انتقلت حصتها من 33.1 في المائة إلى 36.9 في المائة. ولا حظ البحث استمرار التفاوت في النفقات بين الفئات، حيث أن حصة نفقات ال20 في المائة من الأسر الأكثر غنى من مجموع نفقات الاستهلاك في المغرب تصل إلى 48.1 في المائة، في حين لم تتعد تلك الحصة لدى 20 في المائة من الأسر الأقل يسرا 6.5 في المائة، بحيث ظل هذا التفاوت مماثلا، لما تم الوقوف عليه في 2001، وهذا ما يدفع منجزي البحث إلى تفسير ذلك بكون الأسر الغنية تستفيد أكثر من الأسر الفقيرة من الدعم الذي تخصصه الدولة للمواد الأساسية. وفي ما يتعلق بتصور الأسر لمستوى معيشتها، ترى 36 في المائة من الأسر أنه تحسن، وأشارت 30.5 في المائة من الأسر إلى أنه بقي مستقرا، في حين صرحت 30 في المائة بعكس ذلك. ويعتبر البحث أن التحسن العام في مستوى المعيشة أدى إلى تقليص الفقر والهشاشة بين 2001 و2007، بحيث انتقل مستوى الفقر من 15.3 في المائة إلى 9 في المائة، وتراجع معدل الهشاشة من 22.8 في المائة إلى 17.5 في المائة ، مشيرا إلى أن 1.7 مليون مغربي خرجوا من دائرة الفقر منذ 2001 و1.2 مليونا تخلصوا من الهشاشة. وبخصوص تصور الأسر لمستوى النفقات التي تخرجها من الفقر، اعتبرت 53 في المائة من الأسر أنها تحقق نفقة أعلى من عتبة الفقر التي حددتها بنفسها، بينما صرحت 28 في المائة من الأسر بأنها تحقق أقل من 20 في المائة من عتبة الفقر و12 تنجر نفقات أقل 40 في المائة من عتبة الفقر و7 في المائة تنفق أقل من 80 في المائة من عتبة الفقر.