أول أمس أطفأ نادي الرجاء البيضاوي الشمعة التاسعة والخمسين، فقد كان الميلاد يوم 20 مارس من سنة 1949 حين كانت المقاومة ضد المستعمر الفرنسي في ذروتها. كانت مقهى بويا صالح البسيطة الأثاث في عمق درب السلطان هي مسقط الرأس، بعد أن بادر مجموعة من محبي كرة القدم إلى جمع شتات بعض الجمعيات المنضوية تحت لواء بطولة الفرق الحرة بالمنطقة، فالفتح التي كانت تتخذ من درب اسبانيول ودرب الكبير معقلا لها، والنصر بدرب بوشنتوف وفريق عبد المومن المتحصن بدرب اسبانيول اختارت أن تتوحد في فريق واحد انسجاما مع مقولة في الاتحاد قوة. قبل أن يهتدي المؤسسون لإسم الوليد طرح أمامهم إشكال قانوني وهو ضرورة إسناد رئاسة الفريق لشخص يحمل الجنسية الفرنسية، فاهتدى المجتمعون في مقهى بويا صالح إلى صيغة للتحايل على الشرط الذي وضعه المستعمر، وتم تعيين حجي بنعبادجي رئيسا للنادي وهو جزائري الأصل من مواليد مدينة تلمسان سنة 1908 ويحمل جنسية فرنسية الشيء الذي لقي ارتياحا لدى المقيم العام الفرنسي. هيأ المؤسسون الأرضية القانونية للنشأة وقاموا على الفوربالتفكير الجدي في اسم المولود، اقترح البعض اللجوء إلى القرعة لحل إشكال التسمية، وارتأت فئة أخرى مبدأ الإجماع، فكان اسم الرجاء هو الأكثر تداولا بين الحاضرين، تقول إحدى الروايات أن القرعة أعطت إسم الرجاء ثلاث مرات متتالية، وفي رواية أخرى تم اقتراح الرجاء نسبة لفرقة مسرحية شهيرة بدرب السلطان، بينما يقول رفيق بنعبادي نجل أول رئيس بأن أحد المؤسسين ويدعى الريحاني قال والجميع في غمرة البحث عن اسم للمولود عبارة «الرجا في الله»، فرد عليه أحد المجتمعين ليكن الرجاء هو اسم الفريق. يرى نجل أول رئيس بأن أسباب النزول ليست رياضية بل هي نضالية ضد المستعمر الفرنسي « كان والدي رحمه الله يملك مقهى في عمق درب السلطان على مقربة من درب البلدية، وكانت تعرف تجمعات من رجالات المقاومة، ارتأى رجالات المقاومة التنكر في زي فريق لكرة القدم وكانت تنقلات الرجاء غالبا ما تكون مناسبة لتمرير السلاح إلى مناطق أخرى وسط أكوام الأمتعة الرياضية التي تنقل في السيارات. بدأ الرجاء رحلة الألف ميل من قعر المنافسات ففي سنة 1953 صعد الفريق إلى القسم الثالث وبعد سنة واحدة صعد إلى القسم الثاني، وكانت مبارياته وتداريبه تقام على أرضية ملعب لحويط الذي يعرف أيضا بملعب العسكر أو تيران الجريد لأنه كان محاطا بجريد النخل، ولقد بني في مكانه مركز للدرك الملكي المعروف ب2 مارس. لعب عبد القادر جلال دورا كبيرا في بناء فريق قوي خاصة وأنه كان لاعبا في صفوف الوداد متشبعا بالرصيد الكروي للفريق «الأحمر»، تعب الرجل في هيكلة فريق حديث الولادة، ونظرا لعلاقته الطيبة بالأب جيكو فقد كان يدعوه لحضور الحصص التدريبية بملعب العسكر، حيث يقدم بعض الملاحظات والفتاوي الرامية التي تساعد عبد القادر على بناء فريق قوي. في سنة 1957 أجريت بطولة بين جميع الفرق المغربية بنظام خروج المغلوب الغاية منها إعادة انتشار الأندية وتأسيس بطولات حسب كل تصنيف، وكتب للرجاء أن يحقق الصعود إلى القسم الأول مبكرا بعد أن فاز على فريق التوبة لابن احمد والنصر البيضاوي ثم أولمبيك وزان بملعب فيليب بحصة 7 مقابل 1، وهو ما جعل جريدة «لافيجي ماروكان» التي تصدر زوالا تضع على صدر صفحتها الأولى عنوانا بارزا «الرجاء أول الصاعدين». كان مدرب الفريق حينها ودادي الأصول وهو قاسم قاسمي شفاه الله، لكن بمجرد صعود الفريق ابتلع ملعب فيليب المدرب وظل البحث جاريا في شأنه، يقول اللاعب السابق للرجاء حميد بهيج وهو يتذكر ما حصل في ذلك اليوم «لقد بحثنا عن المدرب كي نحمله على الأكتاف فلم نعثر له على أثر، وبعد أيام قال لنا عذرا لقد تلقيت تعليمات بالابتعاد عن الرجاء لأنه ساهم في صنع فريق قد يضاهي الوداد ويكسر قاعدة الاحتكار».