حسب بعض الإحصائيات، فإن 20 مليون رجل في العالم يخافون زوجاتهم ولا يستطيع أي منهم مناقشتها ولا يجرؤ على رفض طلباتها. أما في المغرب، فمع أن «مركز الاستماع إلى الأزواج ضحايا عنف زوجاتهم» لم يمر على تأسيسه إلا أسابيع فقط، فإنه، حسب تصريح صحفي لأحد مؤسسيه، «تقاطر على المركز حالات كثيرة لأزواج يعانون في صمت من جراء تعنيف زوجاتهم لهم»، ملمحا إلى كون هذه الفئة من الأزواج «تضم شرائح مختلفة من المجتمع (مثقفين وأغنياء)». ومن خلال الحالات التي نعايشها ونسمع عنها كل يوم، فإن أسباب نشوء ظاهرة تعنيف المرأة لزوجها كثيرة ومتشابكة فيما بينها، أميز منها أربعة، هي: أولا: قد ينقلب العنف على الزوج إذا كان يمارسه على زوجته، لأن العنف لا يولد إلا العنف، وقد يكون مصدره الشعور بالظلم والغبن والإذلال. ثانيا: إذا كانت الزوجة تَفضُلُ زوجها بصفة ما كالحسَب أو النسب أو المال أو الصحة أو حتى المستوى الثقافي، فإنها قد تسعى إلى السيطرة عليه وجعله «تحت الصباط»، كما في مثال المعلم وزوجته السالف الذكر، علما أن زوجة «سي المعلم» تفوقه علما ومالا. ثالثا: إذا كان الزوج ضعيف الشخصية، فمن البديهي أن تسحب زوجته من تحته البساط لتتولى مقاليد حكم الدار بنفسها، فتفرض عليه طاعتها وتعاقبه على عصيان أوامرها، كما في المثال الثاني. أما بقية المعنفين من الرجال –في اعتقادي- فهم الواقعون تحت تأثير السحر، فكثير من «المساكين» أُكرهوا، في غفلة منهم، على التحول إلى ما يشبه «الروبو» تحت إمرة الزوجة، تحركه كيفما تشاء، فيأتمر بأوامرها وينتهي بنواهيها، سواء برضاه وخاطره أو رغما عنه، بعد أن تكون قد جرّبت فيه أصنافا مختلفة من «شراويط» المشعوذين ودسّت له في طعامه خلسة كل ما قد يُملونه عليها من وصفات غريبة ك«لسان الحمار» أو «مخ الضبع» أو «حبة باخّا»... كل ذلك من أجل أن تجعل منه كائنا أبله لا يعرف غير الطاعة ولا يردّ على أوامرها إلا ب«واخّا». من هؤلاء من يحبس أنفاسه ولا يستطيع أن يفتح فاه في حضرة زوجته، وعندما يختلي بنفسه أو بأحد أصدقائه يكشّر عن أنيابه ويَحْلف بأغلظ الأيمان مؤكدا أنه سيتخلص من زوجته الشريرة، لكنه لا يلبث أن يتحول إلى حمل وديع بمجرد أن يسمع صوتها فيخرس ولا يستطيع حتى رفع بصره فيها. وباختلاف طرق وأسباب تعنيف الزوجة لزوجها، تتعدد أيضا صور هذا التعنيف الممارس من امرأة إلى أخرى، والتي نميز منها أيضا أربعة أنواع: أولا: العنف البدني، ويتمثل في التعدي بالضرب والجرج الذي قد يؤدي إلى تشويه الخلقة أو حتى القتل. ثانيا: الامتناع عن المعاشرة في الفراش. ثالثا: تأليب الأبناء عليه باختلاق الأكاذيب التي تشوه صورته أمامهم. رابعا: محاولة تدمير معنوياته، كاتهامه بالفشل أو تعييره بالفقر أو النقص في الرجولة... وهناك حالات أخرى كثيرة مختلفة عن هذه، فمن النساء من يجردن أزواجهن من رواتبهم كلها –إذا وجدت أصلا- نهاية كل شهر، ولا يتركن لهم سوى مبلغٍ جدّ زهيد مخصص للمركوب أو السجائر... ويعبّر المغاربة عن ذلك بالنكتة التي تقول إن امرأة تسلب زوجها من راتبه الشهري كله ولا تترك له في جيبه غير دريهمات قليلات يستعين بها على التنقل بين بيته ومقر عمله.. وحدث ذات مرة أن دخل عليها فرحا مبشورا وهو يلهث: - «زغرتي أفاطمة زغرتي.. راني ربحت عشرين مَنْيُول في التّيرسي».. وعوض أن تزغرد فاطمة فرحا لأن زوجها سينقذها من «الميزيريا» ومعيشة الضنك.. واجهته مكشرة عن أنيابها واضعة كلتا يديها على خصرها وقالت سائلة إياه بلهجة استغراب حادة: - «ومنين جاوك الفلوس باش لعبتي فالتيرسي؟!» خلاصة القول، ينبغي على كلا الزوجين أن يتجنبا نزعة الميل إلى السلطة والحكم على الآخر، و يُسيرا أمورهما بالمقابل عن طريق التفاهم والتقارب المشترك دون أن يحاول أحدهما أن يظهر أنه أذكى من الآخر أو أكثر معرفة منه، وعلى كل منهما أن يقدّر مشاعر الطرف الآخر قبل مشاعره هو، وأن يتجنبا كل الأسباب التي قد تشعل فتيل النزاع بينهما وأن يتسلحا معاً بالصبر والحِلم، وأن يكون همّ كليهما هو الانطلاق معا لتحقيق غدٍ مُشرق واعدٍ لهما ولأسرتهما وللمجتمع كله...