بعدما انتهت المنظمات الحقوقية العالمية من كتابة ونشر تقاريرها حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب، هاهي بعضها تنكب على وضعية حقوق الحيوانات في المغرب. وإلى حدود الساعة تمكنت جمعية فرنسية مهتمة بالمحافظة على الحيوانات الشرسة من جمع 240 توقيعا لشخصيات هامة بفرنسا، المدهش في لائحة التوقيعات هذه أن بينها أربعين توقيعا لشخصيات مغربية ضمت صوتها إلى صوت المطالبين بالتوقف عن تعذيب وإساءة معاملة ثعابين وأفاعي جامع الفنا. فحسب جمعية الدفاع عن الحيوانات الشرسة فالحناش المغربية تتعرض لعملية تعذيب رهيبة بحيث تبقى في حالة استنفار متواصلة، والأفظع من ذلك أنها لا تتذوق الموسيقى التي يعزفها لها مروضوها وإنما ترقص بسبب الخوف. وقد ذكرتني قضية الحناش التي ترقص بسبب الخوف في جامع الفنا بتلك النكتة التي تقول أن فرنسيا أعجب بديك يجيد الرقص فوق القعدة في إحدى حلقات جامع الفنا، فقرر أن يشتريه لكي يسافر به إلى فرنسا ويعتمد عليه في أحد بحوثه الجامعية حول ترويض الحيوانات. فطلب منه المراكشي صاحب الديك مبلغا يفوق المليونين، فأعطاه الفرنسي المبلغ وأخذ معه الديك والقعدة وذهب. وعندما وصل إلى مختبره الجامعي ووضع الديك فوق القعدة وشغل له الموسيقى لم يحرك ساكنا. وكرر التجربة مرارا لكن دون طائل. فقد بقي الديك يحمر فيه شامتا بعينيه الصغيرتين. فأخذ الفرنسي الطائرة وعاد إلى جامع الفنا، فوجد المراكشي جالسا كعادته يضرب الطارة والجمهور يضرب الرش بينما يرقص ديك جديد فوق القعدة. فاقتحم الفرنسي الحلقة وقلب القعدة لكي يفهم السر الذي يجعل الديك يرقص في ساحة جامع الفنا ولا يرقص في باريس. فعثر تحت القعدة على كانون يزند فيه الجمر. وهنا فهم صاحبنا أن الفروج لم يكن يرقص طربا وإنما كان يقفز بسبب السخونية. وصدق الشاعر عندما قال على لسان فروج عربي قديم «لا تحسبوا رقصي بينكم طربا، فالديك يرقص مذبوحا من الألم». ليست هذه أول مرة تصنع حيوانات ساحة جامع الفنا الحدث الدولي. فقبل سنة قامت ضجة كبيرة بسبب قردة الأطلس التي «تشتغل» في ساحة جامع الفنا بدون علم جمال أغماني وزير التشغيل. وشاهد قراء كبريات الصحف الأمريكية والإنجليزية صورة نجمة هوليود جوليا روبرت وهي واقفة في قلب الساحة بينما يتسلق رقبتها قرد مغربي مذعور. واعتبرت جمعيات الرفق بالحيوان أن جوليا روبرت اقترفت ذنبا عظيما في حق قردة العالم الحر، لأنها قبلت أن تقرن صورتها بصورة قرد معذب يعيش مقيد القدمين بسلسلة حديدية ويضطر لتعلم فنون الرقص والجمباز والسعاية تحت التعذيب. ومن غريب الصدف أن تلك الضجة الإعلامية الخارجية المساندة لحقوق قردة جامع الفنا تزامنت مع ضجة إعلامية داخلية أخرى حول حقوق المعتقلين في كوميسارية جامع الفنا على خلفية سرقة صحون وملاعق مطابخ القصر الملكي بمراكش. وبقدر ما كانت الصحافة العالمية منشغلة بقردة الأطلس المقيدة بالسلاسل، كانت الصحافة المستقلة بالمغرب منشغلة بالمعتقلين المغاربة الذين كانوا مقيدي الأرجل والأيدي ويخضعون للتعذيب في كوميسارية جامع الفنا. وحتى لا يصل صراخهم إلى مرتادي الساحة تفتقت عبقرية أحدهم عن فكرة جهنمية لكي يغطي على الصراخ، فقام بإحضار فرقة من فرق كناوة وطلب منها الرقص والعزف بالقراقب والطبل «الله أبابا الله أسيدي». وبالنسبة لمروضي الأفاعي الذين يكسبون قوتهم اليومي بفضل أفاعيهم المنزوعة الأنياب، فادعاءات هذه الجمعية المساندة لحقوق الحيوانات الشرسة لا أساس لها من الصحة. وقد ذهب أحدهم إلى حد التصريح لجريدة الوزير الأول عباس الفاسي قائلا «إن هؤلاء الفرنسيين يجهلون خبايا هذه الحرفة، فالثعابين مثل أبنائنا، نسهر على تربيتها وتغذيتها لأنها تشكل مصدر قوتنا اليومي. إنها تأكل البيض والعصافير ونضطر إلى حملها إلى الطبيب البيطري كلما أحسسنا أنها متعبة». بقي فقط أن يضيف الأخ أنهم يأخذون صغار الثعابين إلى رياض الأطفال للدراسة ويأخذون الحناش الكبيرة لصالات الصونا لكي يكمدوا لها عضلاتها بعد كل رقصة. وحسب هؤلاء الفرنسيين، الذين يبدو أن حقوق الثعابين المغربية تهمهم أكثر من حقوق المهاجرين المغاربة الذين يطردهم ساركوزي من فرنسا كل يوم، فاقتلاع أنياب الثعابين يجعلها محرومة من إنتاج السم، وهذا يدمر التوازن الطبيعي للكرة الأرضية. وكأنهم يريدون من مروضي الثعابين أن يلعبوا مع أفاعي محافظة على أنيابها كاملة في فمها، حتى ينقرض مروضو الثعابين واحدا تلو الآخر بسبب لدغاتها القاتلة وتعيش الثعابين للكرة الأرضية. ولحسن الحظ أن هذه الجمعية الفرنسية تهتم فقط بحقوق الحيوانات الشرسة، وإلا لكان خبر تصفية جماعة الفدا مرس السلطان بالدارالبيضاء لاثنين وأربعين حمارا في الشارع العام سببا كافيا لجرجرة المغرب أمام محكمة لاهاي الدولية بتهمة التصفية العرقية لفصيلة الحمار المغربي. ومن غرائب الصدف أن الصمت الذي رافق تصفية كل هذه الحمير البريئة جسديا في الدارالبيضاء قابله فرح عارم في إسبانيا بمناسبة ميلاد توأم حماري في مدينة «سيوداد ريال». فحسب موقع جريدة «20 دقيقة» سارعت الجمعيات المدافعة عن الحمير من خطر الانقراض لمباركة هذا الحدث السعيد مذكرة الحكومة الإسبانية بأن الحمير بإسبانيا أصبح عددها لا يتجاوز 65 ألف حمار. طبعا بدون احتساب عشرات الآلاف من المهاجرين من مختلف الجنسيات الذين يشتغلون في حقول وأوراش إسبانيا في ظروف لا إنسانية تبدو معها الحمير والبغال محظوظة بشكل كبير. وليست القردة والثعابين المغربية وحدها التي تصنع الحدث الدولي، فحتى الكلب المغربي أصبحت لديه مساهمة في هذه السمعة الدولية التي أصبحت لحيواناتنا الوطنية. فقد تسبب كلب مغربي بداية هذا الشهر في نشر الرعب في مدينة سينيمارن الفرنسية بعد أن سجلت السلطات الطبية حالة سعار في المدينة. وهكذا قرروا إخضاع الجميع للتلقيح ضد هذا الكلب المغربي المجهول. وعلى ذكر الكلاب، فالمغرب لا يصدرها فقط بل يستوردها أيضا. وحسب صحيفة «الواشنطن بوسط» الأمريكية فإن الدرك الملكي أصبح يتوفر على كلاب أمريكية ستساعده في التصدي للإرهاب. مشكلة هذه الكلاب الأمريكية هي أن أغلبها لديه سوابق إجرامية. فالكلب «ريكي بوبي» كان من المفروض أن يعدم بحقنة قاتلة، ويعلم الله والبيت الأبيض الجريمة التي اقترف. والكلبة «ماري جين» كانت تشتغل لحساب مجرم يستعملها في مهاجمة المواطنين. أما بقية الكلاب الأخرى من فصيلة «لابرادور» فقد أثبتت أن مستقبلها في الولاياتالمتحدةالأمريكية غير مضمون. ويبدو أن وكالة الاستخبارات الأمريكية أرسلت هذه الكلاب المجرمة للجنرال حسني بنسليمان لكي يعيد لها التربية. فقد تكون الوكالة سمعت بطرق التعذيب التي لازال العمل جاريا بها في معتقلات المغرب السرية، والتي حصرتها مستشارة وزير العدل في الضرب بالعصي الحديدية للرأس وبقية الأطراف وتقييد الأرجل إلى الرادياتور والحرمان من الذهاب إلى المرحاض. ومن يدري، فبعد سنة قد تتحول هذه الكلاب المتوحشة إلى سلوقيات وديعة تمشي فوق البيض ولا تكسره. وعلى سبيل النكتة يحكى أن كلبا أمريكيا جاء لكي يقضي شهرا في ضيافة عائلة مغربية والتقى في المطار بكلب مغربي تلقى دعوة لقضاء شهر في ضيافة عائلة أمريكية. وبعد انقضاء الشهر في إطار تبادل الزيارات التقى الكلبان في المطار مرة أخرى، وسأل الكلب الأمريكي نظيره المغربي كيف أمضى شهره، فقال له المجحوم أنه لأول مرة في حياته يذهب عند الطبيب ويأكل حتى الشبع ويلقى معاملة إنسانية تحترم حيوانيته. وعندما سأل المجحوم نظيره الكلب الأمريكي كيف قضى عطلته في المغرب، تنهد الكلب الأمريكي من الأعماق وقال له وعيناه الكلبيتان تغرقان في الدموع : - معمري أخويا حسيت براسي كلب حتى جيت للمغرب...