بعد شهور عديدة من الصمت وجس النبض، أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رغبته الصريحة لأول مرة في ترشيح نفسه لعهدة رئاسية ثالثة، يمنعها الدستور الحالي للبلاد التي تربع على كرسي الجمهورية فيها منذ شهر أبريل من سنة 1999، خلفا للرئيس اليمين زروال، حتى أضحى يذكر الجزائريين بشخصية «الباي» العثماني الذي كان يمثل السلطان العثماني على الإيالة الجزائرية. ففي مقابلة صحفية مع وكالة «رويترز» البريطانية للأنباء جرت أول أمس، اعتبر بوتفليقة طلب بعض الأحزاب والمنظمات الجزائرية ترشيحه لولاية رئاسية ثالثة «دليلا على النضج السياسي الذي لا يسعني إلا أن أرحب به»، على حد قوله، مضيفا في ذات المقابلة، أنه يتمتع بصحة جيدة لن تعيقه في الاستمرار في الحكم. وفي أول تصريح عمومي للسفير البريطاني المعين حديثاً لدى الجزائر آندرو هندرسون على علاقة بتعديل الدستور لإبقاء عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للمرة الثالثة على التوالي، أعرب عما سماه ب«هواجس معينة من التغييرات الدستورية المقترحة»، مضيفا قوله: «أعتقد أن هذا لافت للنظر لاسيما وأن الرئيس بوتفليقة كان هو الذي طالب شخصيا بسيادة حكم القانون ولطالما انتقد زعماء إفريقيين آخرين ممن غيروا الدساتير ليتمكنوا من البقاء في الحكم». وذكرت صحيفة «ليبرتي»، المقربة من دوائر القرار، أن رئاسة الجمهورية أصدرت تعليمات إلى وسائل الإعلام الحكومية تقضي بتخفيف الحملة الدعائية للتعديل الدستور والولاية الثالثة، مضيفة أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يتوصل إلى حل يرضي أقطاب النظام الحاكم وأوساط المصالح الاقتصادية، إضافة إلى رؤساء الشركات الأجنبية، الذين يتساءلون جميعا عما إذا كان بقاء بوتفليقة في الحكم سيحفظ مصالحهم. وفي غضون ذلك، تساءلت ذات الصحيفة عن الحصيلة التي سيقدمها بوتفليقة للجزائريين في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية في سنة 2009، خاصة في ظل عدم اقتناع العديد من الأطراف في الداخل والخارج بإصلاحاته السياسية والاقتصادية، حتى أن رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي توقع أن يبقى تنظيم «القاعدة في الجزائر لفترة طويلة ما دام بوتفليقة وأصحاب القرار يوظفون الإرهاب لتصفية الحسابات في ما بينهم»، على حد قوله. وقال سعيد سعدي في حديث بثته إذاعة «راديو كندا» إن بوتفليقة «يريد الاعتداء على الدستور وتنصيب نفسه رئيسا أبديا، وهذا يعني أن الإطارات الجزائرية ليس لها الحق في التعبير عن كفاءاتها وتقديم اقتراحاتها لتطوير البلاد، وبالتالي هم مخيّرون بين العنف الوحشي أو الهجرة». وقد نفى زعيم المعارضة الجزائرية أن يكون بوتفليقة هو من أعاد السلم إلى الجزائر، وقال في هذا الصدد: «عندما جاء بوتفليقة إلى الحكم، الجزائر كانت قد تغلبت على الإرهاب سياسيا وعسكريا، غير أن بوتفليقة محاولة منه استغلال الإسلاميين ضد الجيش أعاد الاعتبار للإرهابيين، وهذا ما استغلته القاعدة حتى تتوغل إلى شمال إفريقيا عبر بوابة الجزائر».