يمتد الجدل مرة أخرى إلى مشاركة إسرائيل في معرض تورينو كضيف شرف، ويبدو أن العرب لم يحسموا الأمر بكافة تياراتهم الثقافية والفكرية والسياسية، لكن تيار عدم المقاطعة بدأ يكبر يوما على صدر يوم. وقد جاءت أولى دعوات مقاطعة معرض تورينو، الذي يعد إحدى أهم المحطات العالمية في مجال النشر والكتاب بعد معرضي باريس وفرانكفورت، من خارج إيطاليا، إذ أوردت وسائل الإعلام بيانات ودعوات في هذا المعنى صادرة عن العديد من اتحادات وجمعيات الكتاب والصحفيين العربية. كما جاءت دعوة مماثلة، غير أنها أثارت موجة من الردود المختلفة، لشهرة صاحبها وهو المفكر الإسلامي طارق رمضان. وشددت دعوات مقاطعة معرض تورينو للكتاب، المزمع تنظيمه من 8 إلى 12 مايو المقبل، على أنه لا ينبغي لمعرض تورينو «مكافأة إسرائيل» بمنحها صفة ضيف شرف في «ظل عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني وما شهدته منطقة الشرق الأوسط من مآسي، وترى هذه الأطراف «جدوى ممارسة الضغوط على إسرائيل في المحافل الدولية بما فيها الثقافية لتعرف أنها تنهج سياسة خاطئة». وصرح المفكر الإيطالي جاني فاتيمو في هذا الصدد أن دعاة المقاطعة لا يسعون إلى منع الكتاب الإسرائيليين من الكلام، ولكنهم يرفضون أن يحضر هؤلاء المعرض كممثلين لدولة إسرائيل، «التي تخلد ذكرى قيامها بفرض الحصار على غزة». وليلتمسوا المساندة من السلطة السياسية في البلاد، وجه المنظمون دعوة لرئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو لافتتاح المعرض، وهو الأمر الذي قبله سعيا لوضع حد للجدل الدائر. ويعد حضور الرئيس الأول من نوعه منذ نشأة المعرض قبل عشرين سنة. ومن بين الأصوات العربية الرافضة لمقاطعة المعرض قال الشاعر العربي أدونيس في تصريح لإحدى وكالات الأنباء الإيطالية، إنه ضد كل شكل من أشكال المقاطعة معربا عن أمله في «ألا يكون الكتاب العرب مثل الساسة، وأنا شخصيا من القائلين أن لدى العرب حقيقة يجب أن يفتحوها على العالم وهي الحقيقة الفلسطينية، لكن للأسف وبدلا من أن يكون هذا ديدننا في السعي إلى كسب تعاطف العالم معنا، نبادر إلى إدارة ظهورنا للعالم لكأننا بهذه الحركة ندير ظهرنا عميقا للحقيقة التي نؤمن بها». وفي السياق ذاته قال الروائي الجزائري عمارة لخوص، مدير تحرير دار النشر العربية (شرق/غرب)، الموجود مقرها بروما، إن التهرب من المواجهة «عمل جبان» واصفا مبدأ المقاطعة بأنه» طفولي ومراهق يأتي بنتائج عكسية في ما المشاركة تمثل فرصة للدفاع عن الحق الفلسطيني في الحصول على دولة مستقلة». ومن جهته قال نائب رئيس الجماعة الإسلامية الإيطالية يحي بالافيتشي إنه لن يقاطع المعرض بل سيحضره إلى جانب الطائفة اليهودية «كشهادة على رمزية صلة القربى الأخوية والانفتاح الثقافي». وانتقل الجدل إلى الوسط السياسي، حيث أدى إلى تعارض في مواقف قيادات بعض مكونات اليسار الراديكالي، المعروف بتأييده لقضية الشعب الفلسطيني، فقد شنت القيادات الجهوية لحزبي الشيوعيين الإيطاليين وإعادة التأسيس الشيوعي في بييمونتي، الموجودة بمدينة تورينو، هجوما عنيفا على إدارة المعرض لدعوتها إسرائيل. في ما عبرت القيادة الوطنية للحزب الأخير عن موقف مغاير.