حققت الشركات الأجنبية التي استثمرت في قطاع الإسمنت المغربي طفرة هائلة منذ عدة سنوات، ولم تستثن سنة 2007 عن القاعدة، حيث عرفت الشركات الأربع التي تستحوذ على ّالذهب الرمادي» بالمغرب نتائج مهمة، مستفيدة من خبرتها في السوق العالمي والتي مكنتها من تطوير أساليب الإنتاج والإدارة، مما فتح شهية المستثمرين المغاربة للدخول إلى هذا المجال المربح. فبعد ميلود الشعبي الذي عبر مؤخرا عن رغبته في الاستثمار في هذا القطاع المربح عبر إنشاء مصنع بأولاد الصغير نواحي سطات بقدرة إنتاجية تفوق 1.5 مليون طن سنويا من الإسمنت، ثم مجموعة الضحى التي تريد تموين منتجاتها من السكن الاقتصادي والفاخر والسياحي من خلال إبرام اتفاقية شراكة بين المجموعة العقارية الضحى والشركة الأم لإسمنت المغرب إيطالسيمونتي، حيث تريد الضحى تموين منتجاتها العقارية بإنشاء معملين للإسمنت بكل من بني ملالوسطات بقيمة استثمارية قد تصل إلى 3.6 ملايير درهم، ولهذا الغرض ستلجأ إلى خبرة الشركة الإيطالية، عبرت «أكوا هولدينغ» عن نيتها إنشاء شركة «إسمنت سوس» بشراكة مع المجموعة الإسبانية «دي سيمونطوس 2001» برأسمال قدر بحوالي 2 مليون درهم، حيث تضم الشركة الجديدة في إدارة مجلسها كلا من «علي واكريم»، أحد أبرز المساهمين في «هولدينغ أكوا» التي يترأسها وزير الفلاحة عزيز أخنوش، وكذا «خوسي موراكاس»، مسير شركة «دي سيمونطوس 2001» الكائن مقرها في جزر الكناري. الشركة الجديدة الملتحقة بسوق الإسمنت المغربي ستستفيد من الخبرة الإسبانية وستتخصص مستقبلا في استيراد وتصدير، إنتاج وبيع وشراء الإسمنت والمواد الأخرى المتعلقة بالمادة الرمادية، وتدخل مجموعة «أكوا» هذه التجربة لتنويع أنشطة المجموعة التي تشتغل في عدة مجالات كالعقار والكيماويات والنسيج.. وإذا كانت مجموعتا «يينا هولدينغ» ومجموعة «الضحى» تسعيان إلى الاستثمار في هذا القطاع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الإسمنت لمشاريعهما العقارية، فإن الوافد الجديد «أكوا هولدينغ» لا يشكل استثناء باعتبار العائلتين المستحوذتين على المجموعة، التي تضم أكثر من 40 فرعا (أخنوش وواكريم)، استثمرتا في العقار منذ أربعينيات القرن الماضي، من خلال تجزئة «حي إفريقيا» و»حي سمارة» بالدارالبيضاء، ومنذ ذلك الوقت، أولت «أكوا هولدينغ» اهتماما متزايدا للقطاع العقاري، كان من أهم تجلياتها المشروع الضخم «مارينا أكادير» باستثمار فاق 850 مليون درهم، دون أن تنسى السكن الاجتماعي بمشروع «دار الرزق» بالمدينة الجديدة تامنصورت بأكثر من 4000 شقة. وإذا كانت الشركات الثلاث المغربية حديثة العهد بالسوق المغربي، فإن سنة 2007 كانت سنة جيدة بالنسبة إلى الشركات الأربع المحتكرة لسوق الإسمنت بالمغرب منذ عشرات السنين، فنتيجة للطفرة العقارية والسياحية التي عرفها المغرب، ارتفعت مبيعات الإسمنت خلال 2007 بأكثر من 12.6% مقارنة بسنة 2006، أي بحوالي 12.8 مليون طن عند نهاية دجنبر 2007، واحتلت جهة الدارالبيضاء الكبرى أكبر المبيعات ب1.9 مليون طن أي حوالي 15% من مجموع المبيعات السنوية، تأتي بعدها جهة تطوان-طنجة ب13.6% بما مجموعه 1.7 مليون طن، ثم جهة مراكش تنسيفت الحوز ب1.4 مليون طن. ومسايرة للتطور الذي يعرفه قطاع الإسمنت بالمغرب، ينتظر أن يصل الإنتاج المحلي من هذه المادة إلى حوالي 15 مليون طن عند حلول 2010. «هولسيم»، فرع المجموعة السويسرية العملاقة والتي تسيطر على أسواق المناطق الشرقية من خلال مصانعها بكل من وجدة والناظور وفاس، بلغت أرباحها حوالي 2179 مليون درهم خلال السنة الماضية، وجاء هذا النمو في الأرباح من خلال ارتفاع مبيعات الاسمنت بحوالي 20% مقارنة ب2006، حيث بلغ رقم معاملات الشركة 2378 مليون درهم، مقابل 1995 مليون درهم سنة 2006، أما الناتج الصافي فقدر ب429 مليون درهم، أي بارتفاع 16% مقارنة بالسنة ما قبل الماضية. ويتوقع فرع شركة «هولسيم» العالمية بالمغرب مضاعفة مردودية مصنع فاس ليصل إلى 120 ألف طن من الإسمنت/السنة خلال فترة لن تتعدى 25 شهرا، وسيخصص غلاف استثماري لهذا الغرض قيمته 1200 مليون درهم، لتصل الشركة إلى إنتاج حوالي 4.7 ملايين طن من الإسمنت في السنة مستقبلا. أما العملاق الفرنسي «لافارج» والذي يتمركز بأسواق المناطق الشمالية بمصانع طنجة وتطوان، إضافة إلى المنطقة الوسطى التي تعتبر الأكثر دينامية بحكم تواجد أكبر المدن المغربية فيها كالدارالبيضاء والرباط، فقد فاقت نسبة مبيعاته نسبة السوق المحددة في 12.6% خلال 2007، وارتفعت مبيعات الشركة بأكثر من 14.1%، ونما رقم معاملاتها بحوالي 16.7%، حيث بلغ 4536 مليون درهم في 2007، أما الناتج الصافي فارتفع هو الآخر إلى 1452 مليون درهم مقابل 1034 مليون درهم في 2006 بنمو فاق 40%، وستوزع ربيحة 50 درهما عن كل سهم مقابل 183 درهما سنة 2006، ويرجع ذلك حسب الشركة إلى دخولها في استثمار ضخم يصل إلى مليون درهم بمصنع تطوان II للرفع من مردوديته إلى 2 مليون طن سنويا ابتداء من 2010. المجموعة الإيطالية «ايطالسيمونتي»، والتي تسيطر عبر فرعها «إسمنت المغرب» على أسواق الأقاليم الجنوبية من خلال مصانعها بكل من مراكشوأكادير والعيون، نمت مبيعاتها خلال السنة الفارطة بأكثر من 11% وارتفع رقم معاملاتها ب13.7% أي 2370 مليون درهم، وارتفع الناتج الصافي للشركة بحوالي 16.6%، حيث بلغ 613 مليون درهم، بينما ستوزع ربيحة 45 درهما عن كل سهم مثل سنة 2006، كما أن الشركة ستقبل على الرفع من القدرة الانتاجية لمصنع مراكش وإنشاء مصنع جديد ب«أيت باها» نواحي أكادير، بقدرة إنتاجية تفوق 2 مليون طن سنويا من الإسمنت. وينتظر أن يعلن فرع الشركة البرتغالية «سيمبور» بالمغرب قريبا نتائجه السنوية، التي بدأت منذ سنة 1998، تضاعف من قدرتها الإنتاجية لمصنع تمارة، حيث انتقل رقم معاملات «إسمنت تمارة» من 607 ملايين درهم سنة 1998 إلى 974 مليون درهم سنة 2006، ودخل مؤخرا في استثمار بلغ 100 مليون أورو لإنشاء مصنع للإسمنت بجماعة عين الجمعة بنواحي مكناس، حيث يرجع مسؤولو الشركة أسباب إنشاء المشروع الجديد إلى قرب إقفال مصنع «إسمنت تمارة» لعدم إمكانية استغلاله بعد 2010. ويلاحظ أن هذه الشركات الأربع دخلت في سباق محموم على مناطق كانت فيما مضى حكرا على شركة دون أخرى، وهو ما عبرت عنه شركة «لافارج» عندما شيدت «هولسيم» مصنعا لها بسطات، وهي منطقة كانت محسوبة فيما مضى على العملاق الفرنسي، فاختلال هذا التوزيع الجغرافي الذي كان معمولا به سابقا سيدعم بمستثمرين جدد أجانب ومغاربة سيدخلون على الخط أولهم المجموعة الإسبانية «لوبازا» بمصنع إسمنتي بسيدي قاسم باستثمار ضخم يفوق 2.24 مليار درهم، ثم ستلتحق رؤوس الأموال المغربية بالركب لإنهاء، ربما، احتكار هذه المادة من طرف الأجانب.