[email protected] محمود مناضل رياضي في قعر الممارسة الكروية يقضي سحابة يومه في الملاعب المتربة يؤطر فرق الأحياء التي أصبحت في عداد الأموات، قبل أن يوسع دائرة اختصاصه ويصبح مدربا ورئيسا وممرضا ومرافقا ومكلفا بأمتعة فريق نسوي بمنطقة سيدي عثمان. من المفارقات العجيبة في حياة هذا المهتم بشؤون الكرة النسوية أنه من مواليد 8 مارس، وهو سر يحاول الرجل إخفاءه كي لا يتقاسم مع نساء العالم عيدهن السنوي. يجزم محمود على أن تدريب الإناث أصعب من ترويض الذكور، لأن دوره يتجاوز الحصص التدريبية ليمتد إلى الوصاية المطلقة، صديقنا ومن طول ارتباطه بالكرة النسائية أصبح ملما بالتفاصيل الصغيرة في حياة لاعباته، يقتسم معهن الأسرار المباحة والمحظورة، ويلم بأجندة خصوصياتهن بما فيها الجانب الغرامي وأجندة العادة الشهرية لكل لاعبة. يروي محمود بعض المعيقات «الثقافية» التي تحول دون تطور لعبة خشنة يمارسها الجنس الناعم، ويؤكد بأن كرة القدم صنعت على مقاس الذكور، فهو يضطر دائما إلى مغادرة غرفة تغيير الملابس كي يتيح للاعباته فرصة ارتداء القمصان واستبدال الزي المدني بآخر رياضي، ولا يعود إليها إلا بعد أن يتأكد أن لحظة العري قد انتهت، حينها يتقدم بخطى حذرة ليوزع الأدوار ويطلب من لاعباته أداء رجوليا. عالم كرة القدم النسوية مليء بالمواقف الساخرة، لأنه صمم على مقاس آخر، ففي إحدى المباريات التي قادتها حكمة بمساعدة حكمين شعر الطاقم بالإحراج داخل مستودع الملابس، واضطر الحكمان المساعدان للانسحاب مانحين الحكمة فرصة استبدال ملابسها، ولأن المرأة تحتاج عادة لوقت أطول لتحضير نفسها ووضع مستحضراتها فقد اضطر الزميلان إلى ارتداء ملابسهما في غرفة للمتلاشيات. كان الله في عون الحكام الذين يديرون المباريات النسوية، فهم دائمو الشكوى من شغب لاعبات يتخلصن من نعومتهن في مستودع الملابس، ويتحولن بمجرد سماع صفارة طائشة إلى ناقصات عقل ودين، أحد الحكام حاول تطبيق القانون بحذافيره فطلب من عميدة فريق نسوي تقليم أظافرها الأشبه بالسكاكين، لكنها رفضت ونبهته لوجود لاعبات بأظافر كالخناجر، اجتهد الحكم لكنه لم يصب بل أصيب بزخات بصاق على وجنتيه ليتابع المباراة على مضض. ولأن البطولة النسوية لا زالت تبحث عن مدونة تقيها من هيمنة الرجل، فإن الجامعة تغمض العين على كثير من الانفلاتات الكروية، فلا حرج لديها إن خاضت الفرق مبارياتها بدون رخص رسمية، فقط لأن البعض يعتبر المرأة «غير ولية». نادية مقدي الملقبة بتيغانا مثلا تدرب الوداد وتلعب لفتيات برشيد، وبإمكانها أن تمارس التحكيم، بعد أن فاتها قطار الاحتراف، لكن لماذا لا تحترف لاعباتنا مهما بلغت مهارتهن رغم أن الكثير منهن «حركن» نحو الضفة الأخرى؟. الاحتراف يأتي في المرتبة الثالثة بعد الزواج والشغل، لذا تفضل المهاجرات الانخراط في أنشطة مدرة للدخل وتؤجل الركض وراء الكرة إلى أجل غير مسمى. اللاعبة الدولية التريكي المنحدرة من درب ميلان بالدار البيضاء، قررت «الحريك» نحو ميلانو الإيطالية وعادت بعد سنوات وهي تتأبط ذراع زوج إيطالي، بينما رفضت لاعبة صحراوية الالتحاق بمعسكر المنتخب الوطني وفضلت عقد قرانها، لأن لحظة فوق العمارية لا تقاس بكل البطولات الكروية، ولأن أغلب اللاعبات ينتهي بهن القدر أساسيات في تشكيلة العوانس. كانت الفنانة الشعبية زينة الداودية لاعبة تم رئيسة لفريق نسائي يدعى اتحاد سيدي عثمان، قدمت دعما لامشروطا لفريقها قبل أن تحاصرها المشاكل وتستنجد بالكمان الذي عزف مقطوعة «بالسلامة يا سلامة». في عيد النساء ينشط متعهدو الحفلات وتزدهر موائد التوصيات ويتحول اليوم العالمي للمرأة إلى يوم عالمي للمرقة.