[email protected] لا يمكن للمنتخب الوطني لكرة القدم أن يشد الرحال نحو بلد آخر لخوض مباراة رسمية أو ودية، دون علم سيدة تعتبرها جامعة الكرة بمثابة بوصلة لا غنى عنها، انسجاما مع مقولة الصديق قبل الطريق. قد يعتقد البعض أن الأمر يتعلق مجازا ب«الميمة» وهي الطائرة العسكرية التي تحمل في بطنها لاعبي المنتخب عندما يستعصي السفر ويصبح قطعة من عذاب، أو يظن المرء أن المعنية هي وزيرة الشباب والرياضة، إلى غير ذلك من التخمينات التي تروض أذهاننا. لكن الأمر ببساطة يتعلق بصاحبة وكالة أسفار في الدارالبيضاء تملك حصريا حق التعامل مع جامعة الكرة، ففي ظرف خمس سنوات أصبحت نزهة جزءا لا يتجزأ من حركات وسكنات المنتخب الوطني، فقبل أن يضع المدرب لائحة اللاعبين يجد نفسه ملزما بإقحام إسمها على رأس القائمة، حينها تتهيأ للحدث وتقوم بعملية إحماء على مقربة من مقر الجامعة استعدادا لمواجهة كروية جديدة. في ظرف وجيز تحولت هذه السيدة إلى عنصر أساسي في تشكيلة المدربين المتعاقبين على المنتخب الوطني، دون أن تحمل القميص الرسمي أو الاحتياطي، ليست نزهة مجرد مسؤولة عن وكالة أسفار تبيع تذاكر السفر للجامعة بل تتعهد بحجز الفنادق وتأجير السيارات للأعضاء ودويهم، وتنظيم حفلات استقبال على شرف الضيوف العموميين والخصوصيين واقتناء الهدايا وتجهيز جلسات العمل والسمر وفيها مآرب شتى. ولأن للوكالة القدرة على تلبية جميع الطلبات فإن نزهة لا ترد للأعضاء الجامعيين طلبا، حتى ولو تعلق الأمر بتنظيم حفل ختان أو عقيقة لابن مسؤول نافذ أو «كديدة» للاعبة كرة داهمها العقم الكروي والبيولوجي، وهو ما يجعلها تتصدر بفارق مريح قائمة الممونين بعيدا بملايين الدراهم عن أقرب منافس. يمنح أوزال الأسبقية عند توقيعه للشيكات للوكالة المذكورة نظرا لطبيعة الخدمات التي لا تحتمل التأخير، بينما يقف بقية الممونين في طابور الانتظار، وغالبا ما يحالون على لازمة « تسنى تدخل الفلوس». في دواليب الجامعة فواتير عديدة غير مؤداة، يكفي التذكير ببائع أقمصة ومعدات الحملة الوطنية لمحاربة الشغب، الذي يفكر في اللجوء فعلا للشغب من أجل استخلاص مستحقاته المالية والتي مر عليها الحول، وأحد الصيادلة الذي لا زال ينتظر تسوية ديون متقادمة وحين يداهمه الغضب يبتلع أقراصا مهدئة تخلصه لبعض الوقت من وجع التسويف والتماطل، ومن مظاهر الشفافية في التعاملات المالية للجامعة أن أمين المال الذي لا يمثل داخل الجامعة إلا نفسه وشجرة عائلته، اختار التعامل مع صيدلية لتزويد الجامعة بالدواء تبين في ما بعد أنها في ملكية أم عياله، وحين كثر اللغط اضطر الأمين إلى استحضار الشفافية واستبدل الصيدلية العائلية بأخرى لا ينطبق عليها مبدأ صدقة في المقربين أولى. مقابل السخاء الذي تغدقه الجامعة على نزهة وعلى أعيان قبيلة الصحافيين، تواصل المصالح المالية للجامعة «ترشيد» النفقات خاصة حين يتعلق الأمر بالمغضوب عليهم، فطبيب المنتخب الوطني سابقا الدكتور هيفتي لا زال ينتظر تسوية مصاريف تنقله إلى فرنسا لمتابعة لاعب دولي مصاب، بعد أن أدى من ماله الخاص تذكرة الرحلة ووجبات الإقامة،أما الممرض الحاج التيمسيح والمعد البدني جعفر فلا زالت رواتبهما معلقة إلى أن يأتي الله أمرا كان مكتوبا. ومع ذلك فلا خوف على مالية الجامعة فهي في يد أمينة ونزهة ورشيدة.