[email protected] استيقظ سكان مدينة الجديدة ذات يوم بارد من أيام شتاء سنة 1985، على خبر غرق سفينة فيليبينية في عرض سواحل الحوزية، قذف البحر على الشط أكواما من الخشب وأصبح المشهد شبيها بجوطية خشب عائمة فوق الماء، استنفرت السلطات قواتها البرية والبحرية لإنقاذ الخشب والبشر من الغرق. لكن رب ضارة نافعة فقد امتلأت مستودعات العمالة بخشب فيليبيني من النوع الرفيع أسال لعاب المسؤولين الذين استبشروا بنعمة قادمة من الشرق الأقصى، وتمنوا في قرارة نفسهم أن يصبحوا فئرانا. بفضل أطنان الخشب دشن عامل الإقليم فريد الوراق مرحلة جديدة في حياة الرياضة الجديدية، بنى ناديا للدفاع الجديدي لازال الخشب الفليبيني شاهدا على هبة البحر للفريق، بل إن علية القوم الذين يقطنون بالكولف غيروا الخشب المحلي بالمستورد وأعطوا لأثاث مساكنهم رونقا أسيويا جميلا. أصدر العامل قرارا إلى رؤساء الجماعات بالإقليم يدعو المجالس المنتخبة للانخراط في الصحوة الكروية، وتكلف القواد باقتطاع نسبة مائوية من أثمان النخالة لفائدة الدفاع الجديدي، بل إن بعض رجال السلطة اجتهدوا ولم يكتفوا بالنخالة بل التهموا القمح الصلب والطري والويل لمن افتقد الطراوة في التعامل مع القرار العاملي. مرت الأيام وعاد الفقر ليجثم على الفريق بعد أن تحول الخشب إلى «نجارة»، وحينما يمر أبناء الجديدة بالقرب من الباخرة الغارقة في عرض الحوزية يدعون لبواخر الجرف الأصفر بالغرق كي تنعم المدينة بما في أحشاء الناقلة من سلع حتى ولو كانت بارودا. في مدينة الدارالبيضاء أنشأ رجل سلطة يدعى الغازي في نهاية الثمانينات فريقا للكرة بتراب المقاطعة التي يشرف عليها، أطلق عليه إسم أمجاد سيدي عثمان انخرط ببطولة القسم الشرفي وتسلق المراتب بسرعة صاروخية ليصبح ممثلا للمنطقة بدوري الدرجة الثانية، كان الغازي يوزع وقته بين المقاطعة وملعب الحفرة بل إن اغلب لاعبي الفريق تحولوا إلى موظفين في أدنى سلاليم الوظيفة يحررون عقود الازدياد وشواهد العزوبة. ومن المشاهد الغريبة في حياة هذا الفريق المخزني أن القائد كان يفضل تغريم المواطنين عتادا رياضيا، فالراغب في جواز السفر مطالب بإحضار حذاء رياضي، وشهادة حسن السيرة والسلوك لاتحمل الخاتم إلا إذا أريق حولها متاع رياضي، بهذه الطريقة وفر الفريق أمتعته على الرغم من تنوع أشكالها. لكن ما أن انتقل القائد من المقاطعة إلى العمالة حتى تكالبت الظروف ودار حبل الخصاص حول عنق الفريق الذي انتهى به المطاف في مقبرة الغفران التي لاتبعد عن مقر العمالة إلا ببضعة أمتار. وفي عين حرودة عاش الفريق في نهاية السبعينات تحت رحمة قائد مسكون بالكرة، بلغ به الهوس إلى حد توقيف مباراة بين الفريق المحلي واتحاد سيدي عثمان ملتمسا من الحكم إعادتها لأنه لم يتمكن من معاينة انطلاقتها ولم يصافح لاعبي الفريقين، وعلى الرغم من أن الفريق الزائر كان متقدما بهدف لصفر إلا أن الحكم استجاب لمطلب القائد، وأعاد العداد إلى بدايته خوفا من سطوة المخزن. في البوادي يأخذ المشهد أبعادا أخرى فالكرة قد تعيش حالة ازدهار أو انحطاط حسب مزاج القائد، فإذا كان كوايريا أحاط الفريق بعطفه ونعمه وإذا كان عكس ذلك هيأ المسؤولون كفنا لفريقهم، بل إن خليفة في إحدى المداشر بالعمق العبدي وتحديدا بمنطقة احمر، أصدر قرارا بمنع مباريات الكرة يوم الأحد كي لايضطر لتشتيت جهوده بين السوق الأسبوعي والمباريات الأسبوعية. على امتداد خريطة هذا الوطن تصادفنا نماذج لرجال سلطة، على اختلاف رتبهم من المقدم إلى الوالي مرورا بالشيخ والخليفة والقائد والباشا، منهم من نفخ في الكرة ومنهم من دعا لها بالانقراض وقال «الله يعطيها فشة».