[email protected] لا يبدي الرياضيون المغاربة اهتماما كبيرا بخلية بلعيرج على الرغم من تصدرها لقصاصات الأخبار المحلية والعالمية، ربما لإيمانهم بأن الأعرج الأكبر هو مشهدنا الكروي المعاق. على الرغم من خطورة ملف شبكة بلعيرج ومن معه، فإن المتتبعين لدوران الكرة حول نفسها منشغلون بشبكة الناخب الوطني ومن معه، خاصة وأن البعض طالب بمحاكمة هنري ببنود قانون الإرهاب، وآخرون ينامون ويصحون على أمل انقشاع غيمة المدرب، ومع مرور الأيام يتحولون إلى مدمني لعبة الرهان، ويتحول المرشحون إلى جياد سباق بلا حوافر. البحث عن مدرب للمنتخب من بين ستة خيول أصيلة هاجس يسكن فئة واسعة من الشعب المغربي، وطبقة من الأرق جاثمة على جفون المسؤولين على الشأن الكروي العليل، طبعا مع كثير من التشويق لأن السباقات السريعة غالبا ما يتم الفصل فيها بواسطة نظام «الفوطو فينيش». في لعبة التيرسي هناك دائما مرشح مفضل، حصان «فافوري» قد يكون فتحي جمال أو الزاكي أو فاخر أو مديح أو الطاوسي أو العامري، لكن الفوز في هذه المسابقة لن يكون من نصيب أول من يتجاوز خط الوصول، بل لمن يجيد الركض فوق البيض. تجاوز الحديث عن المدرب المنتظر صخب مدرجات الملاعب وجدل المداومين في المقاهي إلى ما هو أبعد، فقد قادتني الصدف قبل يومين نحو أمسية تأبين أقامها مصطفى الشريف اللاعب والمدرب السابق للوداد على روح والده تغمده الله بواسع رحمته، وعلى امتداد ثلاث ساعات سيطر موضوع المدرب على نقاشات الحاضرين، الكل يبحث عن مدرب للوداد وللمنتخب وللفرق التي هجرها مدربوها وتركوها عرضة للضياع. من المفارقات الغريبة أن الشريف كان يتلقى التعازي علنا من المدعوين في وفاة والده، ويتلقى همسا دعوة لملء منصب المدرب الشاغر داخل الوداد، وإزالة جلباب العزاء وارتداء بذلة الشغل، خوفا على الفريق من مداهمة الأشعار الجنائزية. حضر عدد كبير من المدربين حفل التأبين أنصتوا بخشوع وسكينة للواعظ المناسب للأمسية المناسبة، فقد كان زميلنا بنهاشم يحث معشر الكوايرية على الاستثمار المربح في حياة الآخرة يوم لا ينفع مال ولا كؤوس. كان رئيس ودادية المدربين عبد الحق رزق الله يشخص واقع الكرة المغربية ويعرض نظرية مغربة التأطير، بينما دعا مسؤول سابق إلى العودة لنظام الناخب الوطني المأسوف عليه، حين كان دور المدرب يقتصر على تدريب العناصر التي ينتقيها ناخب وطني لا يخشى لومة لائم. في نفس المائدة وصف محترف متقاعد احترف اليأس الوضع الراهن بالملهاة التي اختزلت نكبة الكرة المغربية في اختيار مدرب أعزل يملك عدادا وصفارة ونظام استجابة لجهاز تحكم عن بعد وضع في مقر الجامعة. وعلى الرغم من العلاقة الجيدة التي تربط الشريف بالمدربين الستة المرشحين لخلافة ميشيل، إلا أنهم اكتفوا بتعازي هاتفية أو بميساجات تفاديا للإحراج. بينما انخرط الحاضرون في الإنصات لمداخلات مدربين عركتهم التجارب أجمعوا على إدانة نظام ستة من ستين، وأجمعوا على أن الاكتفاء بانتقاء مدرب خطأ مدفعي . في هذه الأثناء كان امحمد أوزال مهندس التركيبة السداسية يغسل أطرافه من الذنوب ما ظهر منها وما بطن، في مدينة جدة السعودية في زيارة ليست لأداء مناسك العمرة بل لعرض التجربة المغربية وقدرتها على تذويب جبال الغضب. سعي مشكور.