يوم تاسع يوليوز 1971، كان هذا الرجل على رأس فرق تلاميذ مدرسة اهرمومو العسكرية. آمرا إياهم بإمطار القصر الملكي بالصخيرات بالقذائف والرصاص، ليحصد الهجوم حياة أزيد من ثلاثمائة من الحاضرين، ضمنهم أجانب ومسؤولون سامون. «عند الشروع في إطلاق النار لم يخطر ببالي أن المذبوح يمكن أن يقوم بعمل من هذا القبيل. لقد كان رجلا يحترم المظاهر ويوليها من اهتمامه الشيء الكثير... وفي الواقع لم يكن المذبوح هو الذي أمر بإطلاق النار، ولكن عبابو المتواطئ معه هو الذي فعل ذلك بعد أن أفلت نهائيا من مراقبة المذبوح» يقول الحسن الثاني. وقع المفاجأة الذي استشعره الملك نابع من كون الرجل عرف بإبداء إخلاصه وحرصه على كشف خروقات زملائه ونعرية صفقاتهم الفاسدة. هو الذي كتب له أن يحمل اسما لا يبشر بالأمان. اسم اكتسبه بعد أن ذبح والده من الوريد إلى الوريد على يد مقاتلي بن عبد الكريم الخطابي، لإفشائه سر بعض قادتهم وإيقاعهم في يد جيش الاحتلال. مساره يحمل الكثير من خصائص سير الجنرال أوفقير، فهو أيضا من نتاج مدرسة دار البيضا العسكرية. وقضى سنوات في جبهات القتال الدولية من الحرب العالمية إلى حرب الهند الصينية. لكن أوفقير ظل يمسك بخناقه بعد اكتشافه تواطئه في مؤامرة 1963، وإخفائه الأمر. «لقد انساق المذبوح وراء المصريين... وبعد سويعات فقط على المحاولة الانقلابية، كتبت صحيفة «الأهرام» القاهرية واسعة الانتشار على خمسة أعمدة وتحت عنوان بارز: مقتل الطاغية الحسن الثاني، انتهى الدكتاتور». يقول الملك الراحل بعد أن حكى تفاصيل ما جرى مع المذبوح لحظة الهجوم: «أدركت أنه متورط في المحاولة عندما شرع تلاميذ ضباط الصف في إطلاق النار، توجهت إلى جانب آخر بالقصر صحبة بعض المقربين. وهناك أخذ المذبوح بيدي قائلا: تعال معي، يجب أن أنقذكم، لذا يتعين أن نذهب لرؤية عبابو. فأجبته قائلا: لا، لن أتفاوض مع ضابط تحت إمرتي، فابعث إلى عبابو ليأتي إذا أردت، أما أنا فلن أخرج من هنا».