قال مسؤول أمني بفاس، وهو يتحدث عن عميد الشرطة محمد الشعباوي المعتقل على خلفية تفكيك شبكة «بلعيرج»، إن اعتقال هذا الأخير أحدث المفاجأة في صفوف رجال الأمن بفاس. المسؤول أشار إلى أن مسار الشعباوي وتحركاته وانشغالاته وسلوكه لا توحي إطلاقا بأنه سيتهم في يوم من الأيام بتهمة الانتماء إلى شبكة إرهابية وصفت بالخطرة، وذلك قبل أن يستدرك بأن اعتقاله دون شك جاء بناء على معطيات موثوقة ودقيقة تثبت تورطه في الشبكة. وذكر أن درجة التورط غير معروفة إلى حد الآن إلا من قبل المشرفين على التحقيقات، لكن ذلك سيتضح بعد انتهاء هذه التحقيقات وتقديم المتهمين إلى العدالة. بدأ الشعباوي مساره في سلك الشرطة سنة 1987، وتدرج من ضابط شرطة إلى أن أصبح عميدا للشرطة، وعمل بعد تخرجه من المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة في الرباط. ويقول عنه أحد الذين درسوا معه في المعهد إنه كان منطويا نوعا ما على نفسه، وهي الملاحظة ذاتها التي زكاها المسؤول الأمني بفاس والذي عمل معه في أكثر من ملف وفي أكثر من مصلحة. لكن كل الذين عملوا معه يتفقون كذلك على أنه كان صارما في العمل وكان مثالا للنزاهة والاستقامة. أحدهم قال إنه كان لا يميز بين الضباط الذين عملوا تحت إمرته ولا يحابي أي جهة كانت، وأشار إلى أن بعض العاملين معه ينتقدونه بسبب المبالغة في الصرامة. الشعباوي معروف في الأوساط الأمنية بفاس بأنه لم تكن له علاقات كثيرة، والبعض نعته بالانعزالي والانطوائي، لكن كل الذين تحدثت إليهم «المساء» حول ارتباطه بالشبكة التي تم تفكيكها مؤخرا يقولون إنهم لم يكونوا يتصورون في يوم من الأيام أن يتورط هذا المسؤول في مثل هذه الشبكات. المسؤول الأمني الذي تحدثت إليه «المساء» أورد أنه عمل مع الشعباوي في خضم أحداث 16 ماي الإرهابية وما قبلها وما بعدها. وقال إنه لم تعرف عنه، وهو يعمل في هذا الملف، أي ميولات إسلامية أو سلفية. ما يقارب 21 سنة قضاها العميد الشعباوي في سلك الشرطة ولم يحدث أن أثار حوله أي ضجيج. ملفه، طبقا للمصدر الأمني، يعد من أنقى الملفات بفاس. كيف حصل ارتباطه بالشبكة؟ وما نوعية الارتباط؟ إنها الأسئلة التي يرددها رجال الأمن بفاس. وأمام تردد مثل هذه الأسئلة تتناسل الروايات وحتى الإشاعات، إحدى الروايات تقول إن الشعباوي متهم بنسج علاقة وصفت بالغامضة مع محمد الأمين الركالة، الناطق الرسمي باسم حزب البديل الحضاري المنحل، هذه الرواية تشير إلى أن العلاقة بين الرجلين تعود إلى فترة الدراسة في الرباط، وتضيف أنهما شوهدا في أكثر من مرة وهما يتجاذبان أطراف الحديث في أحد مقاهي المدينة. أما الرواية الثانية، فتذهب إلى أكثر من ذلك، لتقول إن العميد نسج علاقة مع مسؤولين بالشبكة، وتورد بأن هذا الأخير قدم خدمات للشبكة تتعلق بالتدريب على استعمال الأسلحة التي قيل إنه تم العثور عليها بعد عملية التفكيك. وتضيف الرواية الثانية أن الشعباوي كان يقدم هذه «الخدمات» للشبكة مقابل تلقي الأموال، وكان يرتدي القناع وهو يلقي «دروسه» وسط أعضاء الشبكة، ولم يكن معروفا إلا من قبل بعض مسؤوليها. لكن المسؤول الأمني يشكك في صحة هذه الرواية، موضحا أن العميد الشعباوي لا يمكنه أن يكون «خبيرا» في الأسلحة التي تم العثور عليها، لأنها أسلحة متطورة. وقال هذا المسؤول إن رجال الأمن لا يلمون إلا ب«الفردي»، أما الأسلحة الأخرى فهم يجهلون عنها كل شيء، وبالتالي فإن احتمال إشرافه على تدريب أعضاء الشبكة غير ذي أهمية.