«لقد أخذوا مني فلذة كبدي بدون وجه حق، وما يروجه البعض عن ابني ليس صحيحا، وكل من يعرفونه، يعلمون عنه ذلك، وأنا متأكدة من أن القضاء سيخلي سبيله، وأملي في الله عز وجل كي يفرج عنه كربته هذه»، إنه البصيص من الأمل الذي مازالت تتشبث به السيدة فاطنة، 71 سنة، أم بوشعيب روشدي، خطيب الجمعة الذي لم يتجاوز 34 سنة من عمره، والذي كانت المخابرات المغربية قد اختطفته من منزله بمنطقة أولاد أوجيه بالقنيطرة، ليلة الخميس 31 يناير المنصرم. تقول أم بوشعيب، التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم: «لقد عشنا رعبا حقيقيا، لم نره من قبل، وتمت محاصرة بيتنا بشكل غريب، لقد حاولوا اقتحامه بالقوة، مستعينين في ذلك بآلة حديدية، وتوقفوا عن تهديدنا بعد أن خرج إليهم ابني بوشعيب، بلباس النوم، ومنتعلا حذاء رياضيا، ليصطحبوه معهم، على متن إحدى السيارات الثلاث التي كانت راكنة بالقرب من المنزل، رغم أنهم لا يملكون أمرا باعتقاله، ولم يقدموا لنا أي معلومات حول الجهاز الذي ينتمون إليه، والوجهة التي سيقتادونه إليها، وهو ما جعلنا نحس بخوف كبير على مصيره، بالنسبة إلي، فقد شعرت حين اختطافه وكأن قلبي ينتزع من مكانه انتزاعا». في حين قالت «ر»، أخت بوشعيب، إن أخاها، الذي أجرى مؤخرا عملية جراحية على «الكلاوي»، لا يحمل أية أفكار متطرفة أو متزمتة، ولم يسبق له الانتماء إلى أي تيار أو تنظيم، أو كان على صلة بجهة معينة، بل على العكس من ذلك، تقول «ر»، فقد كان مسالما، هادئا، طيبا، مطيعا لوالديه، يحسن التعامل مع الجميع، ويستغل كل وقته في ما يرضي الله، وكان طموحه الوحيد أن يوفقه الله في إتمام حفظ القرآن، خاصة وأن اعتلاءه منبر الجمعة بمسجد السلاويين بمنطقة قصبة المهدية بالقنيطرة، كان يحتم عليه ذلك، بعد أن أثبت جدارته وأحقيته. بينما أكد الأب «ح ر»، 70 سنة، جندي متقاعد، والذي يعاني من مرض السكري، أن ابنه بوشعيب، المتخرج من جامعة ابن طفيل، شعبة الدراسات الإسلامية، لن يقدر حتى على قتل ذبابة، فما بالك بزعزعة أمن المغرب، وزاد قائلا: «إنه ابني وأنا أعرفه جيدا، مثل هذه التهم التي سمعنا عنها وقرأناها لا يمكن أن تنسب إلى ابني، وذلك لسبب واحد، هو أنني أدرى تمام الدراية بالشخص الذي ربيته وكبرته، ولدي قناعة بأن الله سوف يفرجها». أما صديقه رشيد، فقد أعرب عن حزنه الشديد لما وقع، وعن عدم رضاه على الطريقة التي اقتيد بها الخطيب، الذي أبهر المئات من المصلين بطريقة إلقائه للخطب، وزاد متحسرا: «لقد افتقدناه كثيرا، كلنا ندعو له بخير الخاتمة، وأملنا كله في الله عز وجل، أن يخلي القضاء ساحته، حتى يعود إلينا سالما».