الأمل 2/1 مازالت الحرب على بغداد مستمرة ومازالت الظلمة والقلق والخوف مستمر، ولكن أتعرفون ماهو وسط كل هذه الأشياء؟ إنه "الأمل". إن خطورة اليأس أنه يهز عزيمة المسلمين، يزعزع عقيدة القضاء والقدر عندهم، فيفقدون القدرة على الحركة، لأنه لا توجد لديهم قيمة يسعون ورائها، ولو وجدت القيمة فلا توجد الهمة، إن الأمة المنهزمة ليس لديها ما ترجوه. إن اليأس خطير جدا خاصة إذا ظهر وسط الظلمة، أتدرون لماذا لا نجد تفوقا في أي مجال، لا في المجال الرياضي ولا الثقافي ولا الأدبي إلا بعض المتفرقات التي لا يقاس عليها؟ لأن الإحباط يورث الفشل، واليأس ينزع الثقة بالله من النفوس، فيبدأ الإنهيار. إن الأمل قيمة إيجابية، وديننا يدعو إلى الإيجابية. يجب أن يظل الأمل موجودا، يجب أن نزرعه فى نفوسنا. إذا زرعنا الأمل يزيد حسن الظن بالله ! وترتقي كل مناحي الحياة. إن الأمل طاقة جبارة دافعة للحركة والإنتاج، بدون أمل يفقد كل كلامنا معناه، من غير بصيص الأمل أخبروني ما لزوم التغيير؟ إن ديننا دين البشرى والبشارة، والبشرى فى معناها إدخال السرور على الشخص حتى يظهر على بشرة الوجه، فتنفرج الأسارير وتفرح وتسعد. فتأمل قوله عز وجل: (بشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل). وقوله تعالى: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون). وقوله: (وبشر الصابرين). وقال أيضا: (وبشر المحسنين). وقال: (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة). هناك فى القرآن 50 أو 60 آية تتحدث عن البشرى، البشرية نفسها كلمة مشتقة من الإستبشار أي أن الأمل أصيل في أمتنا. المصريون يطلقون على الزرع الجديد "بشاير". وقال تعالى في القرآن الكريم عن الأنبياء بالنسبة لسيدنا إبراهيم : (فبشرناه لغلام حليم)، وللسيدة سارة: (فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب)، وقال عن زكريا: (يا زكريا إنا نبشرك بيحيى). وأيضا: (يامريم إنا نبشرك بغلام اسمه المسيح عيسى بن مريم). وهناك ملحوظة أن البشارة جاءت للأنبياء بالولد حتى في سورة يوسف: (يا بشري هذا غلام). إلا بشرى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت البشرى بالرسول صلى الله عليه وسلم: (ومبشرا برسول ياتى من بعدي اسمه أحمد). وقال أيضا: (إنا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا). ونجد أن البشرى تظهر فى الإسلام في أحلك الظروف، فعند موت السيدة خديجة الحبيبة والزوجة جاء جبريل ليقول للرسول عليه الصلاة والسلام: بشر خديجة بقصر من قصب في الجنة. ويقول صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله بن حرام وهو ينظر إلى أبيه وقد مثل المشركين به:"أبشر يا جابر" - تصوروا أبوه شهيد ممثل بجثته! والرسول يقول "أبشر": أبشر يا جابر ما كلم الله أحد إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا. أى مواجهة. إن ديننا دين أمل، وكلمة أمل معناها في المعجم: توقع حدوث شيء طيب في المستقبل مستبعد حصوله. فتعالوا نتساءل هل الأمل قضية ترف أم قضية عقيدية؟ بمعنى هل الأمل فرض أم رفاهية وفضل؟. الأمل يا سادة، فرض: (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). والله سبحانه وتعالى يقول: (كتب على نفسه الرحمة). وهو سبحانه وتعالى الرحمان الرحيم (ورحمتي وسعت كل شيء). لو شككنا في رحمة الله تصبح لدينا مشكلة إيمانية كبيرة، لكن هذا ليس معناه أن اليائس من رحمة الله كافر. لا، بل عنده صفة من صفات الكفر. فصفة اليأس ليست من صفات المؤمنين. فهل ترضى، أخي أن تحمل صفة من صفات الكفر؟ حذار ! لا تيأس واستبشر وأنشر الأمل حولك، واجعل دموعك دموع محبة وغيرة على الدين، اجعلها دفعة إيجابية. هذا ملخص لمحاضرة "الأمل" من سلسلة "حتى يغيروا ما بأنفسهم" للأستاذ "عمرو خالد" التي ألقاها على الفضائيات يوم الأحد الموافق 6/4/2003