بمجرد ما انطلقت الحملة الانتخابية الإسبانية حتى بدأت صور ثباتيرو وراخوي تزاحم صور الإعلانات والحفلات وعروض الإيجار، لكن يومين من الحملة لم يكونا كافيين لتحريك مشاعر كل الإسبان الذين مازالوا يخصصون القسط المهم من وقتهم للحديث عن همومهم العادية، دون الخوض في حمى الانتخابات التي باتت تلتهم جل مواضيع نشرات الأخبار في مختلف القنوات الإسبانية. خيم مقتل أربع نساء في مناطق متفرقة من إسبانيا على يد أزواجهن على الحملة الانتخابية الإسبانية التي شارفت على استكمال أسبوعها الأول، وهو ما استغله خوسي لويث رودريغيث ثباتيرو من أجل أن يكسب تعاطف الإسبانيات اللواتي وضع من أجل حمايتهن مدونة المساواة حتى يتوقف نزيف العنف ضدهن، كما شكلت هذه الأحداث المأساوية التي تملأ الصحف كل يوم مناسبة بالنسبة إلى ثباتيرو من أجل أن يلتقط أنفاسه قليلا بعد المواجهة التلفزيونية الأولى التي واجه فيها غريمه اليميني ماريانو راخوي. وباعتباره سياسيا محنكا قادرا على اقتناص الفرص مثل صياد محترف، لم يفوت ثباتيرو الفرصة، فخصص خطاب حملته الانتخابية يوم أول أمس لموضوع العنف ضد النساء الذي يعد ظاهرة اجتماعية مرضية في شبه الجزيرة الإيبيرية، إذ أعلن أنه في حالة فوزه في الانتخابات المقبلة سيدعو رؤساء الحكومات المحلية في الأسبوع الأول الذي يلي موعد 9 مارس من أجل عقد مؤتمر استثنائي وعاجل من أجل وضع مخطط مشترك لشن حرب بدون هوادة على العنف ضد النساء، وبذلك يكون ثباتيرو بصدد دغدغة مشاعر الجنس اللطيف الذي يمثل كتلة ناخبة مهمة. وصرخ ثباتيرو في الآلاف من الأنصار الذي حجوا للاستماع إلى خطابه في «فيسكانيا»: «سأفعل كل ما في وسعي من أجل وضع حد للعنف الذكوري ضد النساء، وعدت بذلك قبل أربع سنوات، ورغم أن القانون الذي وضعناه مفيد، لكنه غير كاف». ولم يفوت الحزب الشعبي اليميني بدوره هذه الفرصة، داعيا بدوره إلى تخصيص قروض صغرى للنساء اللواتي تعرضن للعنف على يد الرجال، حتى يتمكن من العيش في المكان الذي يخترنه ويبدأن حياة جديدة بمعية أبنائهن، وبذلك يكون الحزب الشعبي على لسان أنا باستور، المسؤولة عن السكرتارية الاجتماعية للحزب الشعبي، يقدم الحلول الناجعة للمشاكل، فاليمين يحاول دائما أن يظهر بمظهر القادر على تقديم حلول مادية عوض مقترحات الاشتراكيين التي يعتبر أنها لا تتعدى الجوانب النظرية ومحاولات فتح النقاشات الماراثونية الجوفاء. راخوي أعلن فوزه قبل الانتخابات منذ المواجهة التلفزيونية التي جمعته بثباتيرو، ليلة الاثنين الماضي، بات ماريانو راخوي واثقا من ظفره بمفاتيح المونكلوا، بل إنه صار يصرح علانية خلال التجمعات الحزبية بذلك، فقد هتف في جزيرة لاس بالماس بأرخبيل الكناري قائلا: «اشعر منذ الآن بأنني قريب من المونكلوا، سأذهب إلى المونكلوا لا تشكوا في ذلك، فالزحف لا يمكن توقيفه»، مرددا أن مشروعه هو ذلك الذي يضمن حياة كريمة للإسبان ويمكنهم من تدبير أمورهم على نهاية الشهر بدون مشاكل مادية، طالبا من أنصاره أن يمدوه بالدعم الكافي حتى يتمكن من الانكباب على مشاكل الإسبان الحقيقية، وردد راخوي على مسامع الآلاف من أنصاره: «نحن فخورون بكوننا إسبان، ولسنا مثل أولئك الذين ضيعوا أربع سنوات من وقتنا يفكرون: من نكون نحن؟». ثقة راخوي الزائدة في النفس يوازيها حذر من جانب ثباتيرو الذي يؤكد أن عمله الحكومي ومنجزاته هي مشاريع لم تكتمل وتحتاج إلى أربع سنوات أخرى من أجل إنضاج ثمارها. التصويت أمر شخصي عندما سألت «المساء» بعض الإسبان عن نواياهم في التصويت بدا الحرج على غالبيتهم، فهم لا يفصحون عن الحزب الذي يريدون التصويت لصالحه، فالكشف عن هذا الأمر يعد بالنسبة إلى البعض معادلا للكشف عن أجره الشهري أو أموره الحميمة، لذلك يسر البعض بعد تفكير بأنه تقدمي وسيصوت للحزب الذي يعكس هذا التوجه، لكن مهاجرين مغاربة ممن خبروا أسلوب الإسبان في التعبير عن ميولاتهم السياسية يؤكدون أنهم قد يصوتون لليمين حتى ولو ادعوا أن لهم توجهات تقدمية، فخطاب اليمين يرضي بعض النعرات الموجودة داخل المجتمع الإسباني، خصوصا المتعلقة بالهجرة وإغلاق الحدود في وجه سيول المهاجرين المتدفقين على شبه الجزيرة الإيبيرية.