يصادف يوم الرابع عشر من الشهر الجاري من كل سنة عيد القديس «فالانتين» أو ما يعرف بعيد الحب، وهو عيد العشاق الذي يخول لكل محب أن يعبر عن مشاعره وعواطفه لحبيبته أو خطيبته أو زوجته، بعضهم يقدم هدية من الورود، والبعض الآخر يقدم هدايا قد تكون مادية وثمينة، وقد تكون معنوية ورمزية، وبعضهم يكتفي بنظم قصائد شعرية.. لكن هناك شريحة أخرى من الشباب لا يقدمون فيه أي شيء لحبيباتهم لأنهم لا يؤمنون بهذا العيد ويعتبرونه دخيلا على ثقافتنا العربية وبدعة من المستحدثات التي خرقت التربية الدينية الإسلامية. «المساء» استمعت إلى نبض الشارع وآراء الشباب التي تضاربت بين الرفض والقبول لمسألة الاحتفال بعيد الحب، الذي تحمس له الكثير منهم ممن يحسدون الغرب على مثل هذه الأعياد، بينما هناك آخرون يرون أن الحب الحقيقي هو الاحترام المتبادل بين الطرفين والتضحية والتنازل والصبر والتفاهم، في إطار علاقة مبنية على الاستمرار وإثبات هذا الحب بالفعل وليس بالكلام، بهدف إعطائه النفس والديمومة على مدار السنة، بل وعلى مدى الحياة، وليس الحب هو الاحتفال ليوم واحد في السنة وبعد ذلك تكفهر الوجوه. «طارق» شاب في عقده الثاني يعتقد بضرورة الاحتفال بعيد الحب، حيث يقول: «أنا من مؤيدي هذا العيد الرائع، وأحتفل به كل سنة، فمرة أقدم لحبيبتي الورود ومرة أخرى هدية، حسب الإمكانيات... وفي رأيي من لا يحتفل بهذا العيد فهو لم يجرب الحب بعد». أما «محمد»، تلميذ في المرحلة الثانوية، فرغم أنه يحتفل بهذا العيد إلا أنه يرى أن الكثير من الشباب الذين يحتفلون به ليسوا مغرمين، ويوضح ذلك قائلا: «أنا أحتفل بعيد الحب عن كامل اقتناع، ولذلك أقول لكل فتاة ليس كل من قدم لها هدية «فالانتين» فهو يحبها فعلا، لأن هناك شبانا يستغلون عواطف الفتيات وفرصة الاحتفال بهذا العيد لمحاولة استمالتهن لا غير». ويختلف الأمر بالنسبة ل»ليلى» التي تجاوزت عقدها الثالث بخمس سنوات، والتي فشلت مرة في تجربة زواج وفي الحب أكثر من مرة، حيث ترى أن الاحتفال بالحب مجرد خزعبلات، وأن فاقد الشيء لا يعطيه، حيث تقول: «لا يوجد هناك حب، إلا إذا كان حب مصلحة، فمن الغباء أن نتكلم عن الحب في عصر طغت عليه المادة والأنانية، الحب الحقيقي يظهر عندما تتعارض مصالح الطرفين.. وحب النفس هو الغالب دائما... لا يوجد حب في الأصل لكي نحتفل به.. وهو محصور فقط في القصص الرومانسية والأفلام الهندية». وبالنسبة ل»هشام»، البالغ من العمر 22 سنة، فيرى بدوره أن الاحتفال بعيد الحب دخيل على ثقافتنا العربية ولا يتماشى مع ديننا الإسلامي، حيث يقول: «أنا لا أكلف نفسي شراء الهدية أو حتى الاحتفال بهذا النوع الغريب من الأعياد، ليس لأنني لا أملك ثمنها بل لأنني أرى أن الحب الحقيقي هو حب الله وحب الوالدين، وماعدا ذالك فهو بدعة ومضيعة للوقت والمال والتمسح بثقافة غربية لا تمت لمجتمعنا وجذورنا وعاداتنا وتقاليدنا بأية صلة». لكن رغم كل ما قيل يبقى الاحتفال بعيد الحب رهينا بمدى قناعة كل شخص وذلك حسب التكوين الذي تلقاه، وبيئته التي تربى ونشأ في كنفها، وكذا علاقاته وتجاربه وممارساته الاجتماعية ومكتسباته الثقافية ومدى مفهوم مشاعر الحب لديه. رأي الدين فاطمة ناذيري: واعظة دينية: الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وما عداهما من الأعياد، سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو فئات اجتماعية، هي أعياد مبتدعة لا يجوز للمسلمين فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها، لأن ذلك من تعدي حدود الله، ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه لكونه تشبه بغير المسلمين، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم». وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ به، بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله مصداقا لقوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب». كيف ظهر عيد الحب؟ أشهر الروايات التي تحكي قصة هذا العيد تقول انه في القرن الثالث الميلادي كان هناك إمبراطور روماني اسمه كلاودس الثاني، وقد لاحظ أن هناك قسا يدعى فالانتاين كان يدعو إلى النصرانية، ويعارض بعض أوامر الإمبراطور، ومن بينها أمره بمنع عقد قران الشباب قبل إرسالهم إلى حلبة القتال، بدعوى أن غير المتزوجين هم أكثر صبرا من المتزوجين أثناء الحروب. غير أن القس فالانتاين عارض هذا الأمر بالخصوص، فبدأ يعقد قران المحبين على بعضهم البعض، حتى انكشف أمره عند الإمبراطور الذي أمر بسجنه وإعدامه. وقبل ذلك قام فالانتاين بعلاج ابنة السجان من مرض عضال، وبعد شفائها وقعت في غرامه، وقبل إعدامه بليلة واحدة أرسل إليها وردة حمراء بداخل بطاقة وقعها بهذه العبارة «المخلص فالانتاين»، وبعد وفاة فالانتاين تحولت الفتاة إلى النصرانية مع عدد كبير من أصدقائها وأقربائها. ومنذ ذلك اليوم أصبح العالم يحتفل بهذا العيد، ليس استذكارا لوفاة القس فالانتاين وإنما إحياء لمشاعر الحب في قلوب الناس وإشاعة الود والألفة بينهم، رغم أنهم لا يعرفون أي شيء عن أسباب هذا العيد وحيثياته.