أثارت عملية تصوير مشاهد من الفيلم الأمريكي «المنطقة الخضراء القاتلة»، لمخرجه «بول كرينكراس» بساحة بئر أنزران بالقنيطرة، موجة من السخط والاستياء بين المواطنين، دفعت البعض منهم إلى الدخول في صراعات واصطدامات عنيفة مع حراس أمن خاص شكلوا حواجز من أجل تأمين موقع الفيلم، والحؤول دون تسلل أي وجه غريب إليه. وتسببت عملية تصوير هذا الفيلم الأمريكي، الأربعاء الماضي، في عرقلة حركة السير ومعاناة حقيقية للسكان أثناء محاولتهم الوصول إلى منازلهم أو مقرات عملهم، أو التوجه لقضاء مآرب إدارية، بعدما فوجئوا بالعدد الهائل من حواجز منع المرور التي وضعت في غفلة منهم، والتي نصبت في كل المداخل المؤدية إلى ساحة بئر أنزران المعبر الحيوي بالنسبة للعديد منهم. ورفض رجال أمن مكلفون بحراسة عملية تصوير الفيلم السماح لسيدة باجتياز حاجز أمني من أجل جلب ابنها الصغير من روض للأطفال، وظلت تستعطفهم قائلة «عافاك أخويا خليني غير نجيب ولدي من الروض، راني تعطلت عليه»، قبل أن تضطر إلى تصعيد لهجتها متوعدة حارس الأمن بأشد العواقب في حالة تعرض ابنها لمكروه، وأخذت تصرخ بأعلى صوتها: «واش هما يصورو الفيلم ديالهم، وحنا نتكرفصو، وفضيحة هذي..»، حينها تدخل مسؤول أمني بالموقع ليسمح لها بالمرور. وغير بعيد عن هذا الحاجز، نشبت مشادات حادة بين مخزني ومواطن «ب» يقطن بعين المكان، حاول المرور للتوجه إلى مقر عمله، إلا أن إصرار المخزني على عدم السماح له بتجاوز الحاجز، بدعوى أن هناك أوامر بذلك، جعل الأمور تتطور إلى ما هو أسوأ، حيث جرى تشابك بالأيدي بين الطرفين، استدعى تدخل رجال الأمن الذين اصطحبوهما إلى مقر ولاية الأمن. ولم تكد نار هذا الصراع تخبو، حتى شوهدت مجموعة نساء وهن يمسكن بتلابيب ثياب أحد الحراس، منعهن من المرور إلى منزل قريبة لهن تصارع الموت. ولم يخل أي حاجز تقريبا من مثل هذه المشادات، خاصة وأن العديد من المواطنين لم يتقبلوا إطلاقا أن تنضاف أعباء جديدة إلى أعبائهم، لمجرد أن يتم تصوير فيلم أمريكي عن العراق، بدا أنهم غير متحمسين له بالمرة، ولم يعيروه أي اهتمام، بعدما اعتبره البعض منهم مذلة ومهانة لشعب عربي شقيق، ويكرس سمو وتفوق الأمريكيين على ما دونهم. خاصة، بعد تناسل شائعة تفيد بأن المغرب هو البلد الوحيد من الدول العربية الذي قبل باحتضان هذا الفيلم. موقف الرفض المطلق لإبداء أي تعاون مع المشرفين على الفيلم عبر عنه أيضا أحد الشبان «ف ب»، حين رفض بشدة استعمال سطح منزله لنصب كاميرا لتصوير لقطات من الفيلم، وبالرغم من المحاولات العديدة لثنيه عن قراره هذا إلا أنه ظل صامدا في وجه كل الإغراءات، وفي تصريح ل«المساء»، قال «ف»: «لن أساهم في إذلال الشعب العراقي، ولن أضاعف معاناتهم، انظروا كيف يجسدونهم، أهكذا كان يعيش العراقيون؟».