جنود من المارينز يلاحقون شابا يرتدي كوفية ويحمل بيده بندقية كلاشينكوف بأحد أزقة قرية أولاد موسى بسلا، قبل أن يتم تبادل عنيف لإطلاق النار، فيما يفر عدد من مرتادي سوق عشوائي للخضر في اتجاهات مختلفة تحت أنظار رجال الأمن المغاربة. الأمر يتعلق بأحد مشاهد فيلم «المنطقة الخضراء القاتلة» الذي يجري تصويره حاليا بقرية أولاد موسى بضواحي سلا من بطولة الممثل الأمريكي «مات ديمون»، وإخراج «بول غرينغراس»، وتدور أحداثه التي تم اقتباسها من كتاب ألفه صحافي بجريدة «الواشطن بوست» حول عميلين للمخابرات المركزية الأمريكية يقومان بمهمة في العراق، تتعلق بجمع أدلة حول أسلحة الدمار الشامل بموقع التصوير الذي يحاصره العشرات من رجال الأمن وأعوان الحراسة، ترقد أربع سيارات «هامر» عسكرية بالإضافة إلى عشرات الشاحنات التي تحمل المعدات التقنية، فيما توارت خلفها شاحنة للهندسة العسكرية تابعة للقوات المسلحة الملكية، وسط استعدادات مكثفة لتصوير مشهد جديد. ياسين طفل في الثانية عشرة من عمره واحد من بين عشرات أطفال القرية الذين تحولوا إلى كومبارس مقابل 350 درهما، تسلمها ليرتدي زيا باليا ويجري خائفا بعد أن يسمع صوت الأعيرة النارية، ياسين بدا فرحا بالمبلغ المالي لذا يحرص كل يوم على الحضور إلى موقع التصوير لعرض خدماته. سكان القرية وبعد أزيد من ثمانية أشهر من التصوير أصبحوا متعودين على صوت التفجيرات والرصاص والمطاردات، فقط ما يضايقهم هو تحويل حيهم إلى منطقة خضراء حقيقية بفعل التعزيزات الأمنية، حيث يشهر رجال الشرطة كلمة ممنوع في وجه كل من رغب في المرور إلى مسكنه، فالأمريكيون «منشغلون بمحاربة الإرهاب ولا ينبغي لأحد أن يزعجهم في منطقتهم الخضراء» يقول أحد شبان الحي. خلف إحدى الشاحنات جلس أربعة كومبارس مغاربة تعلو وجوههم لحى كئيبة، يدخنون السجائر بنهم، وهم يمسكون بنادق الكلاشينكوف في انتظار لحظة تصويرهم كإرهابيين، قبل أن يقترب منهم أمريكيون يلبسون زي «المارينز» ويشرعوا في حديث ثنائي، في الوقت الذي تعالى فيه من أحد المنازل صوت الأعيرة النارية. منطقة القرية تحولت في الشهور الأخيرة إلى قبلة مفضلة لتصوير أفلام عن الحرب والعراق والإرهاب، فبعد «سقوط الصقر الأسود» الذي يروي قصة التدخل الأمريكي في الصومال، وفيلم جسد الأكاذيب «لليوناردو دي كابريو» جاء فيلم المنطقة الخضراء الذي أتاح الفرصة لعشرات الشبان العاطلين للعمل كحراس أو كومبارس مقابل مبالغ تتراوح ما بين 350 و150 درهما. الاستفادة شملت أيضا بعض الحيوانات الأليفة التي توجد بالمنطقة بكثرة، حيث يقول أحد الشبان بتهكم: «لقد طلب مخرج أمريكي في وقت سابق عددا من الحمير من أجل تصوير مشهد مقابل 350 درهما للحمار الواحد، فيما حصل صاحبه على مبلغ 100 درهم فقط ليظهر أمامه». رجال الأمن المغاربة الذين يحرسون الموقع يتجاوز عددهم 40 عنصرا، رغم أن مدينة سلا تعاني من خصاص أمني ويتقاضون مبلغ 350 درهما عن كل يوم عمل، وهو ما أشعل حروبا صغيرة بينهم، بعد أن احتج البعض على المعايير التي تحكمت في اختيار المحظوظين الذين ستكون مهمتهم تدخين السجائر، ومنع السكان والفضوليين من الاقتراب من الحواجز الحديدية.