عاش سكان حي لعيايدة بسلا أول أمس يوما رمضانيا عصيبا، بعد أن سمع صوت أعيرة نارية دقائق قليلة قبل موعد الإفطار ليتبين أن الأمر يتعلق بإطلاق رصاص أدى إلى مقتل شاب في العقد الثاني وإصابة ثلاثة عناصر شرطة بجروح متفاوتة الخطورة. وحسب شهود عاينوا الواقعة، فإن دورية للأمن، مكونة من ضابط شرطة ممتاز ومفتشين، حاولت إيقاف الهالك الذي كان موضوع مذكرات بحث بسبب اتجاره في المخدرات، غير أن هذا الأخير انتبه إلى وصول رجال الشرطة، ولجأ إلى حمل السلاح الأبيض لثنيهم عن الاقتراب منه، مما دفع رجال الشرطة إلى التراجع وسط تبادل للتهديدات وحضور عدد من المواطنين الذين وقفوا لمتابعة ما يجري بحي الضاية قرب مدرسة اشبيلية بسلا. وأكد الشهود أن ضابط الشرطة أشهر سلاحه ليطلب منه تسليم نفسه، وبعد أخذ ورد وتوتر للأعصاب، انطلقت أربع رصاصات أصابت إحداها الهالك إصابة قاتلة. الرواية الرسمية للحادث جاءت مغايرة لما أكده مواطنون عاينوا وقائع ما جرى، حيث أكدت قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء أن «المعني بالأمر قد حاول قتل عناصر الأمن التي كانت تحاول إيقافه بحي «الضاية» بناء على تعليمات النيابة العامة». كما أضافت الوكالة أنه وفي «خضم عملية التدخل أطلق الشرطي أربعة عيارات نارية، ثلاثة منها لإنذار الشخص المبحوث عنه، في حين أصابته الطلقة الرابعة في رأسه، وذلك بعدما تمكن هو من إصابة رجل للأمن بجروح بليغة في ذراعه اليسرى وإصابة اثنين من زملائه بجروح متفاوتة الخطورة، أحدهما على وجهه والآخر في معصمه». ومباشرة بعد انتشار خبر الحادث، احتشد المئات من سكان الحي الغاضبين الذين أبدوا رد فعل عنيف، تمثل في محاصرة العناصر الأمنية التي باشرت التدخل ورجمهما بالحجارة، مما أدى إلى إصابة عدد منهما بجروح، قبل أن يتم طلب الإمداد ومحاصرة الحي بأكمله، بالموازاة مع طوق أمني ضرب على الأحياء المجاورة. وبعد وقت قصير، حضر إلى مكان الحادث عدد من المسؤولين، من بينهم رئيس قسم الشؤون العامة بعمالة سلا ووكيل الملك، ليتم نقل جثة الهالك إلى مستودع الأموات في انتظار إجراء التشريح الطبي، فيما تم نقل رجال الأمن المصابين إلى قسم المستعجلات بمستشفى الأمير مولاي عبد الله لتلقي الإسعافات. يشار إلى أن أحد العناصر الأمنية التي شاركت في التدخل سبق له أن استعمل السلاح الناري خلال عملية إيقاف شهدها شهر ابريل الماضي، كما تعرض أيضا لمحاولة اغتيال بعد إطلاق عيارين ناريين من بندقية صيد أصابا سيارته بخسائر. حي لعيايدة، الذي كان مسرحا لهذا الحادث، اكتسب شهرة وطنية باسم حي «الواد الخانز» لعلاقته بعدد من الملفات المرتبطة بالإرهاب، وقد كان قبل أربع سنوات خاضعا للدرك الملكي بعناصر محدودة العدد، مهمتها ضبط الأمن في امتداد سكني عشوائي يتجاوز ساكنته تعداد 100 ألف نسمة، قبل أن يعمد السكان إلى تنظيم مسيرة احتجاجية حاشدة، للتنديد بتفشي عصابات ترويج المخدرات والسرقة بالعنف، ليصدر قرار بإلحاق المنطقة بنفوذ الأمن الوطني من خلال إحداث مفوضية لعيايدة، غير أن السكان يؤكدون أن الشيء الوحيد الذي نجح هذا القرار في تغييره، هو البذلات الرسمية، وأن الجديد الذي أتى به الأمن الوطني هو المعاملة التحقيرية للسكان والتعامل معهم بعنف غير مبرر.