يتم تداول ما يقرب من 14 قضية مرتبطة بالأخطاء الطبية حاليا في محكمة الاستئناف بفاس، 5 قضايا منها اتهم فيها أطباء من المركز الاستشفائي الجامعي الغساني، والباقي اتهمت فيه عيادات طبية خاصة ببعض أطقمها. ويرى بعض المتتبعين لهذا الملف أن ارتفاع عدد القضايا المعروضة على أنظار المحكمة من هذا النوع يعود، بالدرجة الأولى، إلى نقص التكوين الذي يواجه الموارد الطبية بالجهة. على أن وعي المواطن بحقوقه وتمسكه بمبدأ رد الاعتبار هو الذي أظهر هذه القضايا وجعل البعض منها يتصدر الصفحات الأولى للجرائد الوطنية. كما أن ضعف التجهيزات والآليات قد يكون ضمن الأسباب التي تقف وراء تكرار أخطاء طبية ترتبت عنها حالات وفاة في بعض الأحيان. وهكذا، فقد شهد مستشفى الغساني، في الآونة الأخيرة، حالة وفاة «مروعة» لشاب يبلغ من العمر 18 سنة قدم إليه على وجه الاستعجال بعد إصابته بحمى شديدة، لكن خطأ في عملية جراحية أجريت له على التو أدت إلى وفاته. وتوفي رضيع أصيب ب»الفتق»، في المدة الأخيرة بنفس المستشفى، بعد عملية جراحية فاشلة. وفي مصحة خاصة توفي شاب إيفواري (من كوت ديفوار) كان يتابع دراسته في فاس. وكان هذا الشاب يرغب في الزواج بمغربية، إلا أن شرط الختان الذي فرضته عليه عائلة الشابة المغربية دفعه إلى الذهاب إلى المصحة المذكورة لإجراء العملية، وعوض أن يختن الشاب لفظ أنفاسه لفشل العملية. وأدينت في القضية ثلاثة أطر طبية تعمل في العيادة، ضمنها طبيب وممرضان. وكانت السفارة الإيفوارية قد تدخلت في هذه القضية كطرف مدني، وقضت المحكمة ابتدائيا في حق المتهمين بارتكاب الخطأ الطبي بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية، لكن محكمة الاستئناف أزالت الحبس النافذ وعوضته بغير النافذ مع الإبقاء على الغرامة المالية. وأثيرت، في الآونة الأخيرة، قضية امرأة نسي طبيب مختص في العمليات الجراحية «فوطة» في بطنها. وكانت هذه المرأة قد قصدت عيادة أخرى خاصة لإجراء عملية بتر لورم تولد عن عمليات إجهاض سابقة غير ناجحة، وأجريت لها العملية لكن الطبيب نسي «فوطته» في بطنها. وبعد مرور مدة أحست المرأة بانتفاخ حاد في بطنها تولد عنه انفتاح في مكان العملية وظهور جزء من «فوطة» الطبيب. المرأة هرعت إلى ذات العيادة وهددت برفع دعوى قضائية ضد المصحة والطبيب المعالج، لكن وساطات حالت دون ذلك، وتم الاكتفاء بإجراء عملية أخرى بالمجان وإزالة «أمتعة» الطبيب التي نسيها في بطن الزبونة. وسجلت حالة أخرى في فاس تتعلق ببتر الساعد الأيمن لطفل يبلغ من العمر 13 سنة، وذلك بعد كسر اضطره إلى إجراء عملية جراحية انتهت بخطأ طبي أفقده يده إلى الأبد. ومن أشهر القضايا ذات الارتباط بالأخطاء الطبية بفاس، قضية رضيع يدعى رضا الغيدوني. الرضيع أصيب ب«فتق» تطلب إخضاعه لعملية جراحية. وذهبت به عائلته إلى مصحة ذات سمعة وصدى في الجهة قرب قنصلية فرنسا بوسط المدينة، لكن الرضيع قبل أن تجرى له العملية تم إمداده بكمية كبيرة من «البنج» كان من شأنها أن دمرت خلاياه. ولإنقاذ حياته، نقل على وجه السرعة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط، لكن الخطأ لم ينفع معه أي علاج. وفقد الرضيع كل قدراته، فأصبح مشلولا ومعاقا ذهنيا. وحكم على المصحة بأداء ما يقارب 120 مليون سنتيم لفائدة عائلة الرضيع، لكن هذه الأخيرة استأنفت الحكم لأنها تعتبر أن الضرر الذي لحقها ولحق الابن أكبر بكثير من هذا التعويض المقترح. ويشتكي الأطباء الشباب من ضعف التكوين الذي يقدم إليهم في كليتهم بفاس. ويعتبرون أن هذا النقص لا يمكن إلا أن تكون له انعكاسات سلبية وخطيرة على صحة المواطنين. كما أن هذه الأطقم الشابة تطالب بالإسراع بفتح المركز الاستشفائي الجامعي التابع للكلية، عوض تحويل المستشفى الإقليمي الغساني إلى مركز استشفائي جامعي بما يعنيه ذلك من جعله مختبرا لتجارب الأطباء والممرضين المتدربين.