قال باسكال شينيو، رئيس مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية وأستاذ بجامعة السوربون، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تستوعب بعد أن العالم أضحى متعدد الأقطاب، لذلك فهي مازالت تحشر أنفها في العالم وتحدث الفوضى هنا وهناك. وأضاف شينيو، في الندوة الدولية التي نظمتها المجموعة النيابية للحزب العمالي بمجلس النواب حول موضوع: «الوضع الدولي: قراءة في الرهانات الكبرى»، أن الحرب في العراق ليست نصرا وستتحول فيما بعد إلى هزيمة أمريكية كبرى. ف«الأسوأ يوجد أمامنا»، يضيف شينيو، وذلك نظرا إلى التوتر الحاصل بين الشيعة والسنة، وبين السنة في ما بينهم، كما أن المسألة الكردية مازالت عالقة. ووصف شينيو الحرب على لبنان في يوليوز 2006 بأنها أكبر حرب اقتصادية في التاريخ، مشيرا إلى كون التوتر على الحدود بين لبنان وإسرائيل مازال قائما، لأن هذه الأخيرة تريد الانتقام من حزب الله. وتابع شينيو جولته الدولية لمعرفة الخلل الذي تعرفه دول العالم، حيث رأى أن إيران كانت صديقة للغرب وأن المشكل ليس في الدولة الإيرانية ولكن في النظام الإيراني، أما باكستان فوصفها ب«الرجل المريض لآسيا»، كما تحدث عن التقارب ما بين روسيا والصين سياسيا وذلك لوقف الهيمنة الأمريكية في المنطقة. وانتقل شينيو، بعد ذلك، إلى تحليل الوضع في إفريقيا، حيث أشار إلى تدهور الوضع في الصومال في الوقت الذي تقوم فيه إثيوبيا بتكوين جيش قوي بتمويل وتأييد من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ترى في ذلك السبيل الوحيد للسيطرة على الوضع في مقديشو، وهو الأمر الذي وصفه شينيو بالخطير. وفي الوقت الذي تخرج فيه كل من أوغاندا وأنغولا من أزمتيهما، حسب شينيو، فإن الحكومة السودانية تقوم بتطهير عرقي في دارفور. وتنبأ شينيو بكون إفريقيا جنوب الصحراء ستفقد، خلال العشرين سنة القادمة، ما يقارب 40 في المائة من ساكنتها بسبب مرض فقدان المناعة المكتسب السيدا. أما في أوربا، فمن المتوقع، حسب شينيو، أن تحصل كوسوفو على استقلالها وتنضم إلى الدول ذات السيادة، لكن على صربيا، لكي ترضى بذلك، أن تحصل على تعويض هام والذي يمكن أن يكون قوامه الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. أما بخصوص أمريكا اللاتينية، فيرى شينيو أن التوتر الوحيد الذي مازال قائما هو في كولومبيا، حيث أصبح الاختطاف تجارة، كما يتوقع أن تكون نهاية «الكاسترية» في كوبا نهاية بيولوجية. ومن جانبه، قال هنري لوي فيدي، أستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بباريس وعضو مستشار بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي الفرنسي، إن القرن الواحد والعشرين يتميز بهيمنة اقتصاد السوق. وأكد فيدي على أهمية الديموغرافية في تشكيل الرهانات المستقبلية، حيث سيعرف العالم بروز دول فتية ذات إمكانيات استهلاكية ضخمة أهمها الهند والبرازيل. أما أوربا فتعرف كارثة ديموغرافية حقيقية وهي المتمثلة في الشيخوخة، إضافة إلى مشكل العولمة، حيث ستغرق المنتجات الأمريكية السوق الأوربية. غير أن فيدي أكد أنه لا يجب وصف العولمة بأنها جيدة أو سيئة ولكن تجب محاولة التأقلم معها ومع قواعدها. وفي مقارنة لنسب النمو ونسب البطالة العالمية، أوضح فيدي أن الدول الأوربية تحقق ما يقارب 3 في المائة من النمو، وهو معدل لا بأس به، لكن في ما يخص البطالة فهي كبيرة حيث تفوق 7 في المائة، وهو ما اعتبره فيدي معدلا أسود. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية، فتسجل معدل نمو يتراوح بين 2.5 و3 في المائة، ولديها أدنى نسبة من البطالة في العالم، حيث لا تتعدى 4 في المائة. وفي نفس الصدد، أكد فيدي أن اقتصاد الولاياتالمتحدة مازال أمامه سنوات من الازدهار، لكون البلد لم يقم بعد باستهلاك مخزوناته من المواد الأولية. وبالانتقال إلى دول آسيا، فاليابان تحقق نسبة نمو متوسطة تبلغ 2 في المائة بينما نسبة البطالة متدنية تصل إلى أقل من 4 في المائة. أما الصين، فقد حققت نسبة نمو جيدة تعتبر الأكبر في العالم، وهي 14 في المائة. الهند بدورها تسجل نسبة نمو مرتفعة تبلغ 10 في المائة، وهو ما يرشحها لأن تكون القوة الاقتصادية القادمة. أما مدير مركز الدراسات حول قضايا الأمن والدفاع وأستاذ العلوم السياسية بليون الثالثة، جون بول جوبير، فأوضح أن العالم يعرف الآن نظاما دوليا جديدا هو في طور التكوين. وتتمثل المعالم الأساسية لهذا النظام، حسب جوبير، في الرأسمالية المتوحشة التي أدت إلى تحويل كل شيء إلى بضاعة تباع وتشترى وتخضع لقوانين السوق حتى قطاعات مثل الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات. فالمال، حسب جوبير، هو الذي يتحكم في الأمور ويمكنه أن يرشي الكل للوصول إلى أهدافه كالسياسيين والصحفيين والأساتذة والنقابيين ...