أضحت مهنة نادلات الأعراس أو «السربايات» ظاهرة تفرض نفسها بجلاء داخل منظومة الأعراس المغربية، بعد أن كانت حكرا على الرجال الذين أصبحوا اليوم مهددين بتركها بسبب الموجة الجديدة للفرق النسائية، وأصبح الطلب عليهن أكثر من الرجال، وذلك لحرص أصحاب العرس على اختيار الجنس الأنثوي، ومرد ذلك إما إلى الوازع الديني في الأعراس النسائية، أو حبا في التغيير خاصة التميز الذي يبدو لافتا لهذه الفرق سواء على مستوى اللباس أو الخدمات، زد على ذلك اللعب بالعروس فوق العمارية بفنية غير مسبوقة. البحث عن الذات الأعراس المغربية لا تبلغ ذروة فرحها إلا بوجود السرباية، فهم يتحملون المسؤولية الأهم التي توكل إليهم طيلة العرس، والتي تشمل توزيع الشاي والحلوى وتنظيم موائد العشاء، بالإضافة إلى حمل العروس على العمارية أو ما يسمى بالهزة، وهي أهم وأصعب وظيفة تقوم بها الفرقة، لما لهذه العملية من أثر بالغ على الحضور، غير أنه في السنوات القليلة الماضية برز الجنس اللطيف في هذا الميدان، مشكلا موجة جديدة تطرح أكثر من علامة استفهام؟ هل هو تحد من لدن المرأة؟ أم هي رؤية مغايرة لما يجب عليه حفل العرس أن يكون؟ أسئلة طرحناها على مسؤولة إحدى فرق السربايات المعروفة على الصعيدين المحلي والوطني، تدعي حسناء، وهي شابة جميلة متحجبة لا يتجاوز عمرها الثامنة والعشرين سنة، تحت عينيها يبدو سواد بفعل السهر وذلك لطبيعة مهنة فرضت عليها نوما متقطعا على مدار اليوم. كان دافع حسناء إلى إنشاء الفرقة هو قلة الشيء على حد قولها: «بعدما عانيت من شظف العيش والانقطاع عن الدراسة بالإضافة إلى الوضعية المتأزمة للأسرة، شكلت هذه العوامل منعطفا جديدا في حياتي دفعتني إلى البحث عن ذاتي من خلال إيجاد مورد مالي يحترم أنوثتي، وسط مجتمع يطبعه أناس متغطرسون يتحينون الفرصة لاستغلال المرأة، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء فرقة السربايات، خاصة أنني كنت أعلم عن هذه المهنة الكثير من قبل بعض الشباب، فقررت رفع التحدي من باب فرض الذات، وقبل أن أتصل بالفتيات اللائي يمكنهن موافقتي الفكرة، كنت قد اتصلت سالفا بفرقة للسربايات، تدربت معهن، وأخذت عنهن أبرز طرق ممارسة المهنة، وبعدها اتصلت بالفتيات اللائي تتوفر فيهن الشروط المناسبة كالأمانة والمسؤولية، ومن ثم شكلنا الفرقة، وبعد ذلك فكرنا في لباس موحد، فكانت بدايتنا المحتشمة وسط عالم يطبعه الصخب وعدم الرضا». عضلات أنثوية لا تعرف الكلل تضيف حسناء قائلة: «حرصنا على لباس مغاير للباس المتداول، واعتمدنا على الرقصات الخليجية، خلافا للرقصات المغربية، خاصة وأنه أصبحت لنا خرجات كثيرة خارج حدود البيضاء، كمراكش والجديدة والقنيطرة وخريبكة... وما زاد عملنا أكثر تميزا هو تنسيقنا مع الذكور(السربايا) على مستوى الهزة، حيث نحمل العريس، ويحملون العروس على العمارية، ونرقص لهما على إيقاعات الملحون، غير أنني لا أنكر «التأثيرات الجانبية التي أصبحنا نعاني منها على مستوى الظهر والكتف، زد على ذلك معاكسة السكارى لنا أثناء الأعراس. مشروع مربح ينتهي بحلم الزواج «هاد الخدمة فيها الفلوس»، جملة ترددت على لسان حسناء، التي تبين مدى عشقها لهذه المهنة، غير أنها لم تخف رغبتها الجامحة في الزواج، فرغم حاجاتها المادية، فهي تنتظر أن يدق بابها رجل يطلبها للزواج، تبني معه حياة بعيدة عن حياة «السربايات»، حياة مليئة بالحب والسعادة والأطفال، تنتهي بذلك مهمتها التي أتقنتها على الوجه الكامل، كسفير الأعراس المغربية، تجلب الأفراح وتصنع السعادة.