شكل بث قناة «فرانس 2» يومي أمس وأول أمس للفيلم الجديد عن قضية زعيم المعارضة المغربية المختطف المهدي بنبركة، الحدث الفني والسياسي بامتياز في فرنسا، وخصصت أكثر من وسيلة إعلامية حيزا مهما للحديث عن ملابسات هذه القضية، التي ظلت تشغل الطبقة السياسية الفرنسية منذ عهد الجنرال دوغول حتى الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي. الفيلم الذي شاهده الفرنسيون والمغاربة أمس وأول أمس، يختلف كثيرا عن سابقيه من الأفلام التي تناولت حادث اختطاف واغتيال زعيم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومعارض نظام الحسن الثاني وقائد حركة التحرر في العالم الثالث، فلأول مرة يظهر مخرج الشريط الدور المباشر والدقيق الذي لعبته الاستخبارات المركزية الأمريكية في التنسيق والتنصت والمتابعة لرجل كانوا يعتبرونه مزعجا لسياستهم الإمبريالية. الشريط أظهر أيضا، ولأول مرة كذلك، مشهدا من قاعة العرش بالقصر الملكي، حيث تم تصوير المشهد بطريقة جد سلسة ومن زاوية أخفت وجه الملك الحسن الثاني وهو جالس بطريقته المعهودة واضعا رجله اليمنى على ركبته اليسرى، ينصت وهو لابس جلبابه الأبيض إلى تقرير قدمه إليه محمد أوفقير مرفقا بمحمد الدليمي، فيما تم إدخال صوت حقيقي للراحل الحسن الثاني في جواب مقتضب وقصير على الحوار. وقد لامس مخرج الفيلم بشكل قريب شخصية محمد أوفقير تماما كمحمد العشعاشي، فيما قدم شخصية الدليمي بشكل مناقض، وظهر في الفيلم كرجل عسكري بدون ذكاء وغبي أمام دهاء الاستراتيجية التي كان يعتمدها أوفقير في التنسيق بين رموز الأجهزة السرية المغربية والأمريكية والفرنسية، تماما كشخصية الشتوكي الذي ظهر في الفيلم كرجل استخبارات وعلاقات عامة ومفتاح سقوط بنبركة في فخ الموعد الباريسي الذي سيخرجه من القاهرة ليسهل تنفيذ عملية الاختطاف. واستنادا إلى معطيات نشرها أول أمس الاثنين الموقع الإخباري الفرنسي «تيليراما» المختص في النقد التلفزيوني والسينمائي، فإن آندري أزولاي، مستشار الملك، قرأ السيناريو قبل تصوير مشاهد من الفيلم بالمغرب، كما نسق مع جهات في الجيش المغربي وطمأنها قبل أن يزيل بتدخله مجموعة من المعيقات التي كانت تعرقل مباشرة التصوير بالمغرب، فيما تؤكد منتجة الفيلم أن ذلك لم يغير شيئا من مضمون السيناريو الذي احتفظ بنسخته الأصلية.