عبد الإله سخير - تنكب مديرية المساجد التابعة لوزارة الأوقاف على إعداد برنامج جديد يهدف إلى تأهيل الأئمة وخطباء المساجد وفق برنامج تكويني نموذجي الغاية منه تزويد خطباء مساجد المملكة بالحد الأدنى الذي لا يعذر أي إمام بجهله في ما يخص الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية ومجال السلوك والأخلاق. ويندرج هذا البرنامج، وفق مصادر مطلعة، في إطار مخطط الوزارة الذي أطلقته بغرض إصلاح مجال الحقل الديني وتأهيله ليواكب مستجدات العصر ومواجهة التأثير الذي تمارسه بعض الفضائيات الخليجية التي تبث برامج دينية تمتح من مذاهب مخالفة للمذهب المالكي المعتمد بالمغرب، حيث لوحظ إقبال شديد من طرف المغاربة على هذه القنوات وطلب فتاوى من خارج المذهب، مما يخلق نوعا من البلبلة والالتباس في أذهان المغاربة. وستشرف على إعداد هذا البرنامج لجنة مختلطة تضم أساتذة مختصين في العلوم الشرعية، سيتم اقتراحهم من طرف المجلس العلمي الأعلى ومن طرف وزارة الأوقاف. وحسب المصادر المشار إليها، فإن مديرية المساجد تنكب حاليا على إعداد تصور في ما يخص طبيعة الأئمة والخطباء المعتمدين، يتعلق بطبيعة الشهادات الحاصلين عليها والتكوين الذي خضعوا له قبل تعيينهم على رأس المساجد التي يشرفون عليها. وكشفت المصادر ذاتها أن نسبة كبيرة من الأئمة والخطباء المعينين بمساجد المملكة مجرد حفظة للقرآن الكريم وتنقصهم الدراية بالعلوم الشرعية من تفسير وإلمام بعلوم الحديث والفقه وأحكامه. وتسهر مديرية المساجد التي تم إحداثها بموجب ظهير شريف صدر سنة 2003 على تنظيم وتوجيه وتتبع عمليات الوعظ والإرشاد داخل المساجد بتنسيق مع الهيئات والمجالس العلمية المعنية، وإنجاز تقارير دورية عن أحوال المساجد بسائر أنحاء المملكة والأنشطة المنظمة بها. ويرى عدد من المتتبعين للشأن الديني بالمغرب أن مخطط إعادة تكوين الأئمة والوعاظ إنما يندرج في سياق التطورات الجديدة المتعلقة بمحاربة التطرف، حيث تقوم فلسفة هذا الطرح على كون الفاعلين في الحقل الديني أجدر أن يكونوا أكثر الناس قدرة على الحد من هذه الظاهرة ومواجهتها. وحسب هؤلاء، فإن تنويع ثقافة الأئمة وإخراجهم من شرنقة التقيد التام بالنص المقدس وفسح المجال أمامهم للاجتهاد وفق ما تسمح به وسائل المعرفة الجديدة يجعلهم أكثر قدرة على الإبداع، وبالتالي الحد من تأثيرات الخطابات المنغلقة التي تقود غالبا إلى التطرف والجمود.كما يرى هؤلاء المتتبعون أن هذه الخطة محاولة لتجديد النخب الدينية على اعتبار أن مصادر المعرفة والمناهج التي يعتمدها قطاع واسع من المشتغلين في هذا الحقل صارت متجاوزة وأنه من الصعوبة بمكان إعادة تأهيلهم نظرا إلى الطابع التقليدي والكلاسيكي الذي تشبعوا به. وهناك بالمقابل، صنف آخر يتشكل من كفاءات جديدة تتوفر على تقنيات جديدة في التواصل يمكن أن تستقطب قاعدة المتدينين أكثر بالمقارنة مع دائرة الأطر الدينية التقليدية،