المصطفى أبوالخير لا يعرف جياع المغاربة من هو «شيشنق»، وكيف اعتلى عرش الفراعنة قبل آلاف السنين، وكيف أن بعض الكتابات التاريخية تجعل من يوم انتصاره يوما لتاريخ الأمازيغ ويوما لاحتفالهم بما يسمى اليوم ب«حاكوزة» أو «الناير»، لا يهم إن احتفل «الملك العظيم شيشنق» الذي حكم المملكة المصرية رقم 22 بنصره طيلة أيام 12 13 14 يناير، كل ما يهمنا نحن جياع المغاربة أن نشبع في هذا اليوم، فقد سمعنا بالتواتر أن «من لم يشبع اليوم لن يشبع طيلة السنة»، فأملنا نحن جياع المغاربة أن نشبع ليوم واحد يغنينا طيلة أيام السنة ويجعلنا لا نفكر في مصاريف واحتياجات السنة التي تدوم 365 يوما، كل يوم مقداره شهر مما يعد الأغنياء. عادة وعيد «الناير»، أو «حاكوزة»، حسب بعض الروايات، مرتبطة أساسا بالموضوع الفلاحي، حيث إن الزمن الذي نحتفل فيه ب«الناير» يكون في منتصف شهر يناير، ويرد البعض هذا الاحتفال في هذا التوقيت إلى أنه يأتي في نهاية فصل الخريف. والخريف يعني الفصل الذي تنضج فيه جل الثمار بشكل طبيعي وليس بشكل اصطناعي، ولهذا ف«الناير» يعني الاحتفال بنضج كل الثمار... لكن الأمر عندنا لم يعد يتعلق بنهاية موسم وبداية آخر أو بنضج ثمار أو جني أخرى مادامت لا تعنينا الثمار المختلفة في شيء منذ زمن، وأصبح أهم همومنا أن نتدبر قفة بسيطة تتكون من علبة شاي وقالب سكر وعلبة حليب، إن أمكن، وقطعة خبز، ولأننا نحب التقليد دوما فلا يمكن أن يفلت احتفال الإفرنج بأعيادهم دون فرح منا، فالديك الرومي «بيبي» الذي يفاخرون بأكله رأس السنة الميلادية، نحاول نحن أن نسرقه في «الناير»، لأن «من ذبح ديكا روميا كان كمن ذبح جملا أو عجلا يوم العيد الكبير، ومن ذبح ديكا كان كمن ذبح كبشا أقرن، ومن ذبح دجاجة كان كمن ذبح شاة أو نعجة»، ولا نكتفي بذبح الدواجن بل كل واحد منا له بيضة يفاخر بها، فمن اكتفى بالدواجن يوم «حاكوزة» دون بيض كان كمن احتفل بعيد الأضحى دون ملابس جديدة». وسرقة الدواجن في هذا اليوم لا ضير فيها مادامت الغاية أن يشبع الإنسان يوما يقيه جوع الحول بأكمله، لذلك ترى النسوة في المداشر والقرى لا يلقين بالا عندما تسرق منهن الديوك والدجاجات، بل تكون سبة وشتيمة لإحداهن أن تتحدث عن سرقة ديوكها ودجاجها يوم «حاكوزة «. تتحدث الروايات الرسمية عن احتفال المغاربة ب«حاكوزة» كأنها تتحدث عن احتفال الفرس بعيد النيروز قديما، يحتفل المغرب بالسنة الجديدة للموسم الفلاحي، ففي كل سنة نحتفل بحلول الموسم الفلاحي الجديد، ونطلق على هذه المناسبة باللغة الدارجة المغربية اسم «حاكوزة»، وتعني الاحتفال بالعام الجديد، وتصادف يوم 14 يناير، ففي هذا اليوم يتوجه جميع المغاربة إلى الأسواق لشراء الدجاج والبيض وكل ما يحتاجونه من لوازم للبيت، وهكذا تمتلئ الأسواق بالباعة الذين يعرضون شتى أنواع الطيور والبيض... وفي هذه المناسبة، يرتفع ثمن الدجاج... لأن كل العائلات تتوجه إلى الأسواق المحلية، ولا يمكنكم أن تتصوروا مدى الفرحة التي تعم البيوت بهذه المناسبة». ويستمر التعريف الماكر دون الحديث عن إطعام ذوي المتربة في يوم يقيهم مسغبة السنة. «وحين يحل المساء، يقوم الآباء بذبح الدجاج وتحضيره للطهي، بينما تقوم النساء بعجن الرغائف من الدقيق ووضع الدجاج يطهو مع البصل والطماطم واللوز والتين... بعد ذلك، يقومون بخلطه مع الرغائف التي تقطع إلى أجزاء صغيرة. وبعد صلاة العشاء مباشرة، تزين الموائد بشتى المأكولات... فيتقدم رب العائلة ليدشن الأكل، أولا، ثم يليه جميع أفراد العائلة احتراما له». تصنع ربة البيت ما شاءت اليوم، المهم أن نشبع نحن، قد يكون كسكسا «بسبع خضاري» أو تريدا يسمى «حميس» بمناطق أخرى أو مرقا.. المهم يبقى أن يشبع الصغار والكبار في يوم واحد أو سيبقون جياعا لسنة كاملة.